يا فشلة الفشلة
|
لطيف القصاب
في إحدى المناطق الشعبية المكتظة بالسكان كان يعيش ويعمل حمودي العطار المشهور على نطاق واسع بلقب حمودي (أبو الزعاطيط). طبعا لم يكن هذا اللقب ناجم عن كثرة المشاكل التي كان يتسبب بحدوثها ابناءه الخمسة الذكور حسن وجلال وجواد وأسامة وعلي ، ولكن لأن (حمودي) كان مولعا بصنع وبيع لعب الأطفال اليدوية الخطرة ، مثل لعبة المصيادة وهي عبارة عن خشبتين مستقيمتين مربوطتين من نهايتيهما بحبل من المطاط بحيث يشكلان معا الرقم سبعة ، ومتصلتين من طرفيها بشريطين مطاطيين من مخلفات ما كان يعرف عند العراقيين بـ (الجوب ) قبل ثورة (الجوبلس) ، وفي منتصف المسافة بين هذين الشريطين توجد قطعة صغيرة من الجلد يضع الأطفال داخلهما عادة حصى صغيرة ليبدأ بعدها التقاذف فيما بينهم . وغالبا ما تُحدِث هذه العملية أضرارا شديدة في رؤوس أو وجوه (الزعاطيط) المساكين .
حمودي كان يتضايق جدا من لقب ابو الزعاطيط الذي الصق به من قبل بعض افراد المحلة وشاع في جميع أرجاء المدينة لكنه كان يعيش على أمل أن يبزغ نجم احد أولاده كأن يصبح طبيبا مشهورا أو مهندسا بارعا أو سياسيا محنكا ، فيجد الناس أنفسهم مجبرين حينئذ على استبدال كنية أبي (الزعاطيط) بأخرى أكثر احتراما .لكن حمودي كان يُصاب بصدمة بالغة في كل مرة يخفق فيها احد أبنائه الخمسة بتجاوز امتحانات المدرسة ليتركها إلى الشارع بحثا عن (الأجواب) البالية في قمامات المدينة
.تكرر مشهد الصدمة في حياة حمودي كثيرا فبدءا بحسن وهو الأكبر سنا من مجموعة أبنائه ، مرورا بـ (جلال وجواد واسامة ) كان حمودي يمر بتجارب قاسية تعكر عليه صفو الاستغراق في حلم حياته العظيم وهو تغيير أبي الزعاطيط بأبي حسن أو جلال أو جواد ..عندما فشل (أسامة) في المدرسة والتحق مع أشقائه الأربعة في عمليات التنقيب عن الذهب الأسود أي (الجوب) الأسود لم يبق أمام حمودي أبو الزعاطيط الا أن يأمل خيرا بآخر العنقود (علاوي ) . خاصة أن هذا الولد كانت تبدو عليه الفطنة والذكاء أكثر من جميع أخوته الخمسة . لكن (علي ) سقط في امتحانات المدرسة ايضا ، ولم يستطع تحقيق ولو جزءا بسيطا من امنية والده الغالية ، وفي محاولة لتطييب خاطر الوالد المحزون قال الابن لابيه : يابه.. كلها فشلت، إي قابل ظلت على علاوي !
لا ادري لماذا قفزت هذه القصة الى ذهني بينما كنت أشاهد لقاء تلفزيونيا لرئيس الوزراء الأسبق اياد علاوي وهو يتحدث عن فشل جميع الطواقم السياسية العراقية في إدارة الدولة ، وبضمنهم هو شخصيا لأنه واحد منهم.
|
|