الحكومة الجديدة في الميزان
|
حافظ آل بشارة
بعد اعلان تشكيل الحكومة العراقية، تكون الازمة قد انتهت، وربما هناك ازمة بدأت، و ينصرف المعنيون والمراقبون الى اعادة استعراض ماجرى وتحليله وتقييمه بروح موضوعية .
يجب ان ينتهي زمن التخندق الذي يُتهم فيه الناقدون والمحللون بالردة والتآمر، فالناقد الموضوعي خير عون لرئيس الحكومة ووزرائها على اداء واجبهم، والمتملقون هم الذين يشكلون خطرا على هذه التجربة .
الحكومة التي ضمت 42 وزارة لم تستحدث كل هذه الوزارات من أجل المواطن وقضاياه، بالعكس فالرأي السائد يقول بان العمل من خلال وزارات قليلة ومدمجة ومختصرة وذات برامج مكثفة افضل من الكثرة المربكة، ولذلك رفع البعض شعار الترشيق ومن غير المعروف ان كان شعارا لعبور مرحلة أم لتأسيس منهج دائم في الادارة الحكومية ؟ .
الحكومة الجديدة نسفت مبدأ الترشيق مهما كانت دوافعه لارضاء جميع الاطراف، ولكن بالنتيجة لم يتحقق الارضاء ولم يقبل اي طرف سياسي بنصيبه الا على مضض فالجميع معترضون، حتى رئيس الوزراء بدا مجبرا على هذا الترتيب ومخالفا لقناعاته، وهكذا خسرنا الترشيق ولم نربح الارضاء ! فسادت اجواء الشعور بالمظلومية في كل مكان، كل طرف يوجه عتابه الى الاطراف الأخرى .
عندما تكون جميع الاطراف عاتبة فمن هو المعاتب اذن ؟ لكن النقص في الحكومة الجديدة لم يتوقف عند هذا الحد، حيث سجل الشارع ظاهرة تكرار الوجوه في الدورة الجديدة .. وتقف المحسوبية والتصنيف الحزبي وراء هذا التكرار والقاعدة العشائرية القائلة ان اخي الفاشل خير لي من الغريب الناجح، كما شهدت التشكيلة الجديدة غياب النساء رغم مطالباتهن المتكررة باشراكهن في المواقع الأولى لكنهن مسؤولات عن هذا الغياب بسبب ضعف المبادرة والاداء لديهن وفقدان الجهد المنظم في تعاملهن مع هذا الملف ... كما يقول المراقبون ان الحكومة اهملت التكنوقراط اكثر من الدورة السابقة، ولم تعر اهمية كافية للاختصاص أو الممارسة او الخبرة المهنية في اسناد بعض الوزارات .
ان ذكر نقاط الخلل محاولة للنقد البناء ولا تعني التشجيع على التشاؤم واليأس. و يمكن تجاوز هذه الاخفاقات بثلاث وسائل : أولا الزام الوزارات ببرامج عمل ذات سقوف زمنية وشروط نوعية. ثانيا : تفعيل رقابة الحكومة على اداء دوائرها ثم رقابة البرلمان الصارمة. ثالثا : اقالة الفاشلين والمقصرين فورا ومنع احزابهم من حمايتهم والدفاع عنهم.
|
|