أوان الخدمات .. فلنطوِ صفحة الإهمال وعدم الاكتراث
|
علي الطربوش
تعتبر نظافة المرافق الحيوية والشوارع الرئيسة والأزقة وتوفر الخدمات الأخرى من الأمور التي تعتبر مرآة لزهو البلد ورقيه والتي تعكس اهتمام البلد بهذا الجانب، فالعراق يعتبر من البلدان التي تخصص مليارات الدنانير لهذه الزاوية ولكن دون نتيجة تذكر ،فالتخصيصات التي تصرف سنويا كبيرة و الشوارع مازالت نصف ترابية وتصبح مستنقع بمجرد هطول المطر بضع سويعات متحولة بذلك إلى "شبه طينية"، نعم شبه طينية نتيجة الأتربة المتراكمة وانسداد المجاري التي أصبحت شبكتها من التراث القديم، فكلنا يشاهد عمال النظافة يتزاحمون في شارع معين بينما تجد شارعاً آخر يغني على ليلاه ،وأمانة بغداد وبلدياتنا في باقي المحافظات منهمكة باكساء الجزرات الوسطية، ماذا سنستفيد من إكسائها وشبكة المجاري على حالها تعاني الأمرين ؟
وجل حديثنا يتركز بقدر كبير على المناطق الشعبية كونها صاحبة الحصة الكبرى من الإهمال وعدم الاكتراث، فمجرد دخول الشخص لتلك المناطق سيرى بوضوح مدى الحيف الذي أصابها منذ زمن البعث البائد وحتى يومنا هذا، فهل يعقل أن تستمر هذه المناطق بدفع ضريبة الإهمال ؟ وياليتها اقتصرت على النظافة والإدامة فحسب وإنما ذهبت ابعد من ذلك لتصل حتى تداخل مياه المجاري مع مياه الإسالة وبالتالي يمكننا أن نطلق عليها بالكارثة البيئية البطيئة .
العراق بلد غني ولديه مورد ضخم من الإيرادات النفطية حيث خمن خبراء الاقتصاد بأن العراق سيكون عملاق نفطي قادم وسيعتلي الصدارة في احتياطي النفط في العالم وهو ألان يزاحم إيران بالاحتياطي النفطي، ولكن سوء الادارة والتخبط وهو ماقد يسميه البعض بـ" سخرية القدر) !؟، جعلته من البلدان التي تعاني إهمال خدمي خطير بفعل كثرة التخصيصات !، نعم كثرة التخصيصات وليس قلتها .. فكثرة الأموال المخصصة أسالت من جانب لعاب كثير من ضعاف النفوس الذين يتغذون على قوت الشعب وراحته فالفساد المالي والإداري قد تم التأسيس له بشكل منظم منذ زمن ( الويلات ) التي أنهكت العراق بثلاث حروب التي أفرزت وحسب خبراء الاقتصاد مرضا خطيرا ينهش بأركان مؤسسات الدولة وهو الفساد الإداري والمالي وبالتالي فأن القضاء عليه يتطلب إستراتيجية فعالة وتدريجية. ومن جانب آخر نرى ايضا ان الكثير من الاموال تعاد وتُدوّر تحت عنوان (المحافظة على المال العام) في حين أن هذا الامر لايشي بالحرص والمحافظة، بقدر ما ينبأ عن ضعف وعدم قدرة على انجاز المشاريع .
ومع ذلك، فهذا كله ليس مبررا لهذا الإهمال واستفحاله يوما بعد آخر، فبلدنا وللأسف يعاني من ضعف الجانب الرقابي من لدن البرلمان والحكومة والذي يعتبر من الضرورات الملحة، فالحكومة والبرلمان لابد أن يفعلا قراراتهما وقوانينهما، ليجنيا ثقة الشعب من جديد فيما لو احترما شعاراتهما التي ترفع أثناء الحملات الانتخابية. لذا نرى أن الدولة، صحيح أن من واجبها أن تخصص الأموال اللازمة لرفع مستوى الخدمات إلى مستوى يليق بالشعب العراقي، ولكن شريطة الرقابة على التنفيذ والصرف، فالعراق مقبل على ثورة اقتصادية وسياحية كبيرة.. وجانب كبير من ذلك يأتي بفضل وجود المراقد الدينية المقدسة التي من الله تبارك وتعالى بوجودها في العراق والتي تتطلب اهتماما استثنائيا بالمرافق التي تنعش هذا الجانب وبالتالي تنعش اقتصاد البلد وسمعته .
|
|