ماذا ننتظر من الحكومة القادمة ..؟
|
ماجد الكعبي
كل النفوس وكل الأذهان وكل العقول كانت متوترة ومشدودة إلى ما تفرزه صناديق الاقتراع ..، فإننا نروم أن تكون تلك النتائج معبرة وناطقة بإسم وإرادة الشعب الذي ذاق مرارة الإحباط .. التي يعرفها وعرفها كل مواطن في هذا البلد المبتلى , الذي اكتنز تجارب مرة وممارسات مريرة لم تحقق له ما كان يبتغيه من العدل والمساواة والانجازات التي ينشدها، لذا فإن كل المواطنين منشدين إلى أن يكحلوا أعينهم بحكومة جديدة، تلتزم بشرف القسم وتتحصن بالمبادئ السامية وتنجز الانجازات المشهودة، علما بإن الشعب العراقي يقرأ ما وراء السطور ومتقن بمعرفة الزوايا والخفايا، ويمتلك حواس واعية وذكية ، وتستقريء المجهول، ومتسلح باليقظة والحذر، وملتزم بالصراحة والمكاشفة ،ولن يأبه ولن يكترث بأي مضادات تحجب حريته وإرادته. فمأساة العراق إبان عهد الطاغية المقبور لا لن تعاد مرة أخرى، فعجلة التاريخ لن ترجع إلى الوراء، والحرية المطلوبة تتطلب الشجاعة والإقدام والاقتحام وكشف كل ما هو مستور عن أعين الشعب الذي يريد أن يظل متنعما بحرية الرأي والكلمة والمعتقد، وانه يستميت ويضحي بالأنفس وبكل ما هو نفيس من اجل التغيير الحقيقي، الذي يضمن له الحياة الحرة السعيدة الكريمة , والكرامة العالية , وصيانة الوطن والمواطن من كل انحراف وتردي .
نريد التغيير الذي يؤاخي ويصافي ، يبني ويتواصل مع البناء، ويساهم مساهمة فعالة من اجل معانقة التقدم العلمي والحضاري والصناعي والزراعي ، فنحن بأمس الحاجة إلى تغيير متواصل ومتجدد، يزرع قيما جديدة ويشيع أفكاراً وعادات كفيلة بأن تنقي المجتمع من الأوساخ والأدران، تغييراً يجعل العراقي متميزا وشامخا خلاقا ومبدعا .. إننا نريد برلمانا وحكومة يجسدون إرادة وطموحات المتعبين والمعوزين والمقهورين والمسحوقين والمهمشين ظلما وعدوانا، نريد برلمانا وحكومة تستفيد من أخطاء وعثرات وتقاعسات السابق، فمازالت تتراكم على الساحة الكثير من السلبيات القاتلة القاهرة كالطائفية البغيضة والمحسوبية والمنسوبية المقيتة وسرقة المال العام والتزوير والتدوير المر، وان شبابنا البائس تطحنه البطالة الموجعة والعطالة المدمرة، والتعيينات التي لن تبنى على أسس الكفأة والشهادة والنزاهة والاستحقاقات، كما أن البلد ما يزال بين فكي الإرهاب والترهيب، والدمار والتدمير، ويتلاعب بمقدرات العراق الصابر الفاسدون المفسدون والمقاولون الطارئون والنفعيون والوصوليون .. ، فكل هذه المايكروبات والجراثيم ما تزال تفتك وتفت عضد الشعب العراقي وتدمر الاقتصاد الوطني ومستقبله. فكثيرة هي المعضلات , وقليل هو الدواء والمعالجة لهذه الظواهر المدانة، فإننا نعلق أضخم الآمال، وأسمى الأحلام على البرلمان والحكومة الجديدة، التي نأمل منها بل نطالبها ونلح بالمطالبة على أن تغسل كل الأدران والشوائب والاحباطات التي عانينا منها الأمرين في المرحلة السابقة، وان القيادة الجديدة ستكون في امتحان جديد وشديد وقاسي لا يخضع للمجاملة أو التستر أو الإهمال، فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، والشعب آلى على نفسه أن يجاهر بأعلى صوته لإدانة كل تقصير ومحاسبة كل المقصرين وفضح كل الزوايا المعتمة التي يعشعش بها الحاقدون وتجار الفساد الإداري والمالي والسياسي، فشعبنا اليقظ سيسمي الأسماء بحقيقتها، ويميط اللثام عن كل المخابئ، وسوف يطالب بإحلال الرجل المناسب في المكان المناسب، ويعري ويفضح كل الذين استحوذوا على مقاعد ومواقع لن يستحقوها وفوق أحلامهم وتوقعاتهم، بسبب المحاصصة البغيضة التي أشاعت أفكارا متردية وناخرة وبوأت عناصرا مدانة ومشبوهة ولغافة، وخلقت موجة من الغضب الجماهيري والرفض لهذه الأعشاب السامة .
نريد حكومة وبرلمانا يستفيد فائدة كبرى من دروس المرحلة السابقة المشبعة بالسلبيات والمخالفات والاختلافات والتمزقات، فقد آن الأوان لان تقرع أجراس الإنذار والمحاسبة والمحاكمة العادلة لكل الإرهابيين والمتسترين والمنتفعين والسائبين في أروقة الدولة واللغافين الذين يلغفون بكل وقاحة من الشعب والدولة متشجعين بعناصر مزروعة في أروقتها، التي مزقتها التضاربات والانقسامات والتحزبات وأرباب التحايل والخداع، ومما يثير قلقنا ويمزق أكبادنا تخوفنا من أن البرلمان الجديد سيمارس نفس الطقوس والإجراءات والممارسات التي مارسها البرلمان السابق، واسأل الله أن يخيب ظنونا ولا يحقق تخوفاتنا وتوقعاتنا، وإذا حدث ما نخشاه فلنحزم أمتعتنا ونرحل عن بلادنا، وقد يكون أروح واسعد لنا مما نشاهد ونسمع من فواجع ومهازل ومعضلات، ولا بد لليل من أخر، ولابد للفجر أن يشرق مهما تتلبد الغيوم، والمستقبل لهذا الشعب الصابر والمقهور
|
|