قسم: الاول | قبل بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

الغضب. . وآثاره السيئة على السلامة النفسية والبدنية
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة *خليل عبد الحيّ
يشيع بين الناس أن إظهار الغضب عند تعرض الإنسان لموقف لا بد له من التعبير فيه عن غضبه، أمر صحي، وأفضل كثيراً من كبت هذا الغضب داخله، ولكن الدراسات الحديثة أثبتت عكس ذلك، حيث أعدّ الدكتور عثمان حمود الخضر أستاذ علم النفس بجامعة الكويت دراسة وأضح فيها أن إظهار الغضب أو كبته يؤديان إلى حدوث مخاطر عديدة على الصحة العامة للفرد.
وتناولت الدراسة انفعال الغضب وعلاقته بمتغيرات ذات أبعاد مؤثرة فى الصحة النفسية والبدنية للفرد كالقلق والتفاؤل والألم واحترام الذات والخوف من الفشل، وقد أجريت الدراسة على عينة قوامها 145 طالبا وطالبة كويتيين من طلاب جامعة الكويت تتراوح أعمارهم بين 17 و 28 عاما.
وأفادت الدراسة أن ضبط الغضب يمثل موقفاً وسطاً فى التعامل مع مشاعر الغضب بين الكبت والإظهار، كما يشير إلى قدرة الفرد على السيطرة على غضبه وإلى حكمته في اختيار الزمان والمكان والكيفية المناسبة التى تؤدي إلى توافق سليم مع الموقف دون أن يؤدي ذلك إلى الإضرار بصحة الفرد النفسية والبدنية.
كما أظهرت الدراسة أنه كلما ارتفعت قدرة الفرد على ضبط غضبه قلت المشكلات الصحية وزادت قدرته على ضبط نفسه وارتفعت درجة تفاؤله واحترامه لذاته، والعكس بالعكس، فكلما انخفضت قدرته على ضبط غضبه زادت مشكلاته الصحية و ارتفع معدل قلقه وتشاؤمه ومال إلى إلقاء اللوم على الآخرين وزادت حساسيته من الفشل.
هذا الاستنتاج هو ما أوصانا به الاسلام من خلال القرآن الكريم وسيرة أهل البيت عليهم السلام، تقول الآية الكريمة: "ادفع بالتي هي أحسن السيئة، فاذا الذي بينك وبينه عدواة كأنه وليّ حميم"، فكم هي جميلة العبارة الاخيرة في الآية الكريمة! ان بامكان الانسان استيعاب حالة الغضب والانفعال لأي سبب وفي أي ظروف كانت. وهنالك بعض الخطوات لتحقيق ذلك:
1- كن صريحاً أمام من يستفزّك وابتعد عن الترميز واللف والدوران ومواكبة حالة الانفعال والتشنج، بل لابد من الخروج من هذه الحالة من المكاشفة والحديث الشفاف لمناقشة الامور وازالة جميع اسباب التوتر والغضب.
2- تحمل مسؤولية أخطائك: عليك أن تدرك أن المشكلة بحاجة إلى شخصين لكى تحدث لهذا لا تغفل حقيقة أنك قد تكون المخطئ، لذلك احرص على سماع وجهه النظر المقابلة أو نصائح المقربين منك.
3- حاول الإلمام بالأمور التى تدفعك إلى الغضب، وفى المرة القادمة ستكون أكثر قدرة على تجنب الغضب عن طريق استعدادك المسبق لهذه المواقف.
4- تعلم التسامح والتجاوز عن الأخطاء والمضي قدما فى حياتك لأنك لن تستطيع متابعة حياتك طالما بقيت حبيس الغضب والرغبة في الانتقام.
وفي المقابل هناك المزيد من الآثار الضارة لكتمان الغضب، حيث قال باحثون من جامعة سانت لويس إن كتمان الغضب يمكن أن يؤدي إلى آلام الرأس أيضاً، واشتمل البحث على 422 من البالغين كان 171 منهم يعانون من آلام في الرأس، كما هنالك المزيد من الآثار التدميرية لانفجار الغضب على العلاقات الاخوية والاجتماعية، من خلال الكلمات التي تتلاحق وتتسابق من اللسان باتجاه الطرف المقابل.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وآله قدوة حسنة حيث عفى عن جميع المشركين والذين ألحقوا به ذلك الأذى الكبير في مكة وفي منطلق دعوته الى الاسلام، وجاء في حديث يصف فيه العافي عن الناس بانه (خير خلائق الدنيا والآخرة) وقال: الامام الصادق عليه السلام: (ثلاث من مكارم الدنيا والآخرة؛ تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك وتحلم اذا جهل عليك)، وأمير المؤمنين عليه السلام يتعرض للسبّ وجهاً لوجه وهو الحاكم الأعلى للأمة، وعندما اراد اصحابه الرد بالسيف نهاهم عن ذلك وقال: (إنما هو سبّ بسبّ أو عفو عن ذنب، وأنا أولى بالعفو عنه).
وعندما نقرأ عن السيرة الطيبة لأهل البيت عليهم السلام، وهو الكثير والوفير، نعرف مدى اهتمام أئمتنا على السلامة الاجتماعية والنفسية بين المسلمين، ولذلك لا نقرأ في التاريخ وجود صراعات مسلحة بين قبائل او اشخاص بهدف الانتقام كما يحصل اليوم.