قسم: الاول | قبل بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

العفّة وآثارها
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة إعداد / عبد الرزاق حسين
قديماً قال العقلاء: (إذا لم تستحِ فافعل ما شئت)، فإذا سقط الحياء سقط ركن من أركان شخصية الانسان وإيمانه، وبالتالي لا يبالي ما يفعلس من شرور ومنكرات واعتداءات، بمعنى آخر، إذا ذهب الحياء حلّ البلاء. وأمّا العفّة فليست فقط ستر العورة وعدم الاقتراب من الفاحشة، إنّما هي القدرة عن الامتناع عن ممارسة الشيء السلبيّ مع امكانية القيام به.
وهذا ما دعانا اليه أمير المؤمنين عليه السلام في ردّه على ذلك الرجل الذي اراد سلوك الترهّب والتنسّك ليكون – حسب ادعائه- بمنزلة الامام، فقال له عليه السلام: (... وانكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفّة وسداد).
ربما يتصور البعض ان العفّة و(العفاف) مقتصرة على المرأة، فهي التي يجب ان تكون (عفيفة) او تتجلبب (العفاف)، ولا علاقة للرجل بالموضوع، لكن إمامنا علي بن أبي طالب عليه السلام يضيئ لنا الفكرة، ويؤكد ان (العفة) خصلة وصفة بوسع أي انسان ان ينميها في نفسه لينعمّ بها دنياً وآخرة، كما يكون محبوباً ومطاعاً في مجتمعه. لذا فان العفة تكون في يدك، أن لا تمدّها إلى مال حرام (سرقة)، أو عدوان على بريء. وفي لسانك، أن لا تذكر به عيوبَ الناس، ولا تشتمهم ولا تفتري عليهم. وفي بصرك، أن لا يقع على ما يحرم النظر إليه من مفاتن النساء وعورات الناس. وفي تفكيرك، أن لا يقودك إلى سفاسف الأمور وتوافهها، وأن لا يبتعد بك عمّا أراد الله لك. وفي سمعك، أن لا تستمع به إلى كلّ مَن هبّ ودبّ، وإلى ما ينقله الفاسقون من أخبار كاذبة أو ملفّقة ليس لها غرض إلاّ إشعال الفتن والحرائق. وفي عموم حياتك، أن تجعلها مسرحاً لطاعة الله ورضاه، وسبباً لأمنك وأمن الآخرين. يقول أبي تمام:
فلا والله ما في العيش خيرٌ *** ولا الدنيا إذا ذهبَ الحياءُ
يعيشُ المرءُ ما استحيا بخير *** ويبقى العودُ ما بقي اللحاءُ
هل تريد أن تعرف مكانة الحياء والعفّة في حياتك؟ تأمّل في آثارهما: فلا شهوة الجنس والطعام والشراب الحرام، بل أيّة شهوة تُسقط هيبة الانسان ووقاره، فشهوة الغضب - على سبيل المثال- إذا تحكّمت بالانسان أحالته إلى ثور هائج كما في سباق الثيران الإسبانيّ! بينما العفّةُ كابح وضابط يحدّ من الاندفاع الخطير نحو الأذى الذاتي والخارجيّ.
عفّةُ لساني، تمنعني من شهوة العدوان اللفظي عن الآخر.
عفّةُ يدي، توقفني عند حدّي فلا أتجاوز أو أعبر العدوان اللفظي إلى العدوان البدنيّ.
عفّةُ فرجي، تردعني عن العدوان الجنسيّ.
عفّةُ وجداني، تحدّ من تفكيري في كلّ ما هو خلاف العفّة، وحتى إذا جاءت كخواطر طارئة فإنّها لا تنزلها إلى الواقع والممارسة، تردّها، تردعها، تُغلق دونها باباً،