قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

الحجاب، المظهر أم الجوهر ؟
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة *زهراء محمد علي
يبدو اننا لن نتوقف عن الجدال حول المظهر و الجوهر، أو الاطار والمحتوى، لأنه من غير المنطقي وجود ثمرة لذيذة ومفيدة مثل الرمان او الموز او البرتقال من دون قشرة خارجية، والسبب بكل بساطة أن الفاكهة وأي ثمرة مأكولة ستتعرض للتلف ولايستفاد منها الانسان. لكن لنتساءل؛ منذ أن وجدت الاصناف المختلفة من الفاكهة وحتى الحبوب، هل تغير شكلها الخارجي؟ وهل ان فاكهة الموز – مثلاً- طرأ عليها تغيير في لونها او شكلها الخارجي خلال الفترة التي تعرف الانسان عليها؟ اذا كانت الاجابة بالنفي، نسأل ثانية؛ ولماذا يجب ان تكون قشرة الموز صفراء دائماً او قشرة البرتقال حمراء أو قشرة الخيار خضراء وهكذا القائمة طويلة،.؟
هذا السؤال بالحقيقة يجب ان تسأله بشكل خاص الفتيات والنساء في وقتنا الحاضر، وهنّ يفتخرن بايمانهن بالدين الاسلامي وتعاليمه ومنه (الحجاب)، هذا الستر المنيع والواقي للأنثى من أي ضرر يمكن ان يلحق بشخصيتها وكرامتها. فهل يجب ان يكون للحجاب ألوان واشكال؟ وهل يصح ان يدخل عالم (الموديل) والزينة؟
صحيح ان الحفاظ على سلامة ومقبولية المظهر الخارجي أمر مطلوب، لكن المطلوب ايضاً هو البحث عن الجوهر الى جانب المظهر، وإلا سنكون قد تناقضنا مع انفسنا – لا سمح الله- وجعلنا الحجاب، بأي شكل كان، مجرد زي ضمن مجموعة الأزياء الخاصة بالمرأة، في حين قد اتفقنا سلفاً أن القشرة الخارجية لابد ان تخفي اللباب الثمين، وان المظهر يخفي الجوهر. ولن نخوض في أهمية الحجاب والنتائج الكارثية التي لحقت بالمرأة في العالم عندما استحال الجوهر مظهراً، واضحى كل ما تملكه المرأة في متناول الجميع، وقد تناول الكتاب والباحثون هذا الموضوع كثيراً، لكن نرى من الضروري الوقوف طويلاً أمام الطموحات التجارية الجامحة في ميدان الأزياء النسائية لكسب سوق المحجبات هذه المرة، وذلك من خلال طرح (موديلات) وتصاميم بين فترة واخرى لما يُسمى بالحجاب، الذي هو عبارة عن غطاء للرأس لا يكلف المرأة سوى متر من القماش، فهو إذن مشجع من حيث السعر كما هو مغرٍ بألوانه الزاهية. ولم يتوقف الامر عند هذا الحد، حتى خرجت علينا بعض المواقع الاجتماعية لتعرّف المرأة او الفتاة المسلمة على (موديلات) لبس هذا الغطاء، حتى لا يبقى لبس الحجاب أمراً تقليدياً ومملاً!
طبعاً هذا الامر ينسحب على بقية أزياء النساء المحجبات وفي مقدمتها (الجبّة) التي يطلق عليها في بعض البلاد (المانتو) اوغير ذلك، فهو ايضاً لم يسلم منذ سنوات من أيدي التصميمات المثيرة التي من المؤكد لن تلتفت اليها الأنثى وهي غير ملامة في ذلك، فهي غير معنية بالأمر، إنما المعني هو الجنس الآخر، فهو الذي سيرى أمامه صوراً متنوعة مما يفترض ان يكون حجاباً او ستراً واقياً للمرأة المسلمة والفتاة، لكن بالحقيقة هذا الستر لن يكون له وجود في ذهن الرجل بالمرة – في كثير من الاحيان- عندما يكون هدف التصميم او (الموديل) شيئاً آخر، بخلاف العباءة السوداء التي تحمي المرأة من قمة رأسها الى أخمص قدمها، فتخرج بحلّة سوداء داكنة أشبه بالسور العالي والمنيع، فلا يسع الرجل في أي مكان إلا ان يطأطئ رأسه احتراماً وإجلالاً لهذه الهيبة التي تقذفها هذه المرأة في قلبه مهما كان.
من هنا نقول: اذا كان الجوهر واحداً، وهو جسد المرأة الذي هو عنوان شخصيتها وكرامتها، ولا يتغير الى شكل او حال آخر، فمن المنطق والعقل او يكون المظهر الخارجي الحافظ لهذا الجوهر واحداً ايضاً، حتى تعرف المرأة على طول الدهور والازمان بانها تلك التي ترتدي العباءة السوداء وتحتفظ بكل ما لديها إلا لمن ترتبط به برباط مقدس يكون هو الآخر مظهراً جديداً لشخصيتها عندما تدخل المجتمع كعامل مؤثر وكبير في تفوقه وسلامته. وهذا تحديداً ما يريده الاسلام للمرأة التي تقول انها (مسلمة) وتقرأ القرآن الكريم وتؤمن بالأصول والفروع.