حتى نقف بقوة أمام هجوم الفيروسات
النظام الغذائي والحالة النفسية والرياضة في مقدمة البرامج
|
*إعداد / باسم عباس
مع انتشار فيروسات وجراثيم الرشح والإنفلونزا، وتكاثرها لدرجة إحصاء أكثر من 200 فيروس يسبب الرشح، وظهور أنواع جديدة منها، ليس هناك أفضل من تقوية جهازنا المناعي لمواجهتها. فهي موجودة في كل مكان حولنا، تتربص بنا وتنتظر فرصة تغزو بها أجسامنا التي تدخلها عن طريق الأنف، والفم وأية تشققات في الجلد. والواقع أن التعرض المتكرر للعدوى، حتى في حالات الرشح الخفيف، لا يحدث إلا عندما يكون الجهاز المناعي ضعيفاً. ولتقوية هذا الأخير، هناك استراتيجيات طبيعية عدة يمكن اتّباعها، أبرزها اتباع نظام غذائي صحي والاستعانة بالأعشاب الطبية وممارسة الرياضة وإدخال تعديلات بسيطة على نمط الحياة بشكل عام.
1- تتمثل الوسيلة الأفضل لتقوية الجهاز المناعي في تبني نظام غذائي متوازن، غني بالفواكه والخضار والحبوب الكاملة والبذور والمكسرات، وجميعها غنية بمضادات الأكسدة التي تعزز مناعة الجسم، وتقول الاختصاصية البريطانية تيريزا شونغ إن الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة مثل فيتامين E (جنين القمح، الحبوب الكاملة، البذور، المكسرات، الأفوكادو، بذور الكتان) وفيتامين C (الجوافة، الكيوي، ثمار العليق، البابايا، الحمضيات، المانغو) والسيلينيوم والزنك والمنغنيزيوم، تعزز إنتاج الخلايا المناعية التي تفرز مضادات الأجسام، ما يجعلنا أكثر قدرة على مقاومة جراثيم الرشح. وللحصول على أكبر قدر من مضادات الأكسدة يجب تناول المنتجات الطبيعية ذات الألوان الزاهية، الحمراء، البرتقالية والصفراء والخضراء، وأبرز الأطعمة المقوية للمناعة هي: الثوم والسبانغ وفطر شيتاك الأسماك.
من جهة ثانية يتوجب الحد من تناول الملح و السكر (مجرد 100 غرام من السكر، أي الكمية الموجود في عبوتين من المشروبات الغازية) تضعف من قدرة خلايا الدم البيضاء بنسبة (40%)، والدهون المشبعة ودهون ترانس أو الزيوت المهدرجة، ومشتقات الحليب كاملة الدسم، واللحوم المصنعة مثل النقانق.
2- الاستعانة بالأعشاب:
هناك أعشاب عدة تساعد على تقوية مناعة الجسم أبرزها: الإخناصية (Echinacea)، والأستراغالوس (Astragalus) وهذه العشبة تُستخدم منذ آلاف السنين في الطب الصيني التقليدي، وزهرة البلسان (Elderflower)، و جنسنغ سيبيريا (Siberian ginseng).
إن القليل منا يعرف أن الجهاز الهضمي، هو في الواقع أكبر عضو مناعي في الجسم، وأن ما يعرف بالبروبيوتيكس (كائنات حية مجهرية) هي سلاحه السحري، وتجدر الإشارة إلى أن الجهاز الهضمي يحتوي عادة على 400 نوع من الجراثيم الحميدة، التي تشكل خط الدفاع الأول ضد الفيروسات المسببة للأمراض، كما أنها تعمل على تحلل المواد السامة. ويحتوي بعض أنواع اللبن على أنواع مفيدة من المستنبتات الحية لكنها غالباً ما تكون حساسة جداً، بحيث يؤدي سوء حفظ اللبن مثلاً إلى موتها. لذلك ينصح الاختصاصيون بتناول قرص من البروبيوتيكس من النوع الجيد الذي يحتوي على ملايين من الجراثيم الحميدة، التي تعيد التوازن إلى البيئة البيولوجية في الجهاز الهضمي، وتعزز عملية تشكيل الخلايا المعوية التي تلعب دوراً مهماً في الدفاع عن الجسم. إضافة الى ذلك فقد تبين أن تناول البروبيوتيكس يسهم في خفض الإصابات بالعدوى التي تكثر بعد استخدام المضادات الحيوية إلى النصف، وذلك عن طريق كبحها لنمو الجراثيم الضارة في الأمعاء، وحثها الجراثيم الحميدة على النمو.
3- ممارسة الرياضة باعتدال..
أظهرت إحدى الدراسات أن تواتر الإصابة بالأمراض يتزايد بمعدل 6 أضعاف لدى عدّائي السباقات الطويلة، مقارنة بزملائهم الذين لا يشاركون في هذا النوع من السباقات. غير أن هذا لا يعني ان علينا تبني نمط حياة خمول، بل على العكس، فقد تبين أن ممارسة الرياضة باعتدال تؤدي إلى النتائج المرجوة. ففي دراسة شملت 150 امرأة، تبين أن أعراض الرشح لدى اللواتي كن يمارسن المشي السريع لمدة 45 دقيقة في اليوم، 5 أيام في الأسبوع، كانت تدوم نصف المدة التي تستغرقها لدى الأخريات. وفي دراسة أخرى تبين أن عدد المرات التي يصاب فيها الأشخاص الذين يواظبون على ممارسة الرياضة باعتدال، بالرشح سنوياً تقل بحوالي 25% عما هي عليه لدى الآخرين، الذين لا يمارسون الرياضة أو نادراً ما يمارسونها.
4- التنفّس بعمق..
يلعب الأوكسجين دوراً أساسياً في أداء الوظائف المناعية. فقد أظهرت الدراسات أن انخفاض كمية الأوكسجين التي تناسب جسمنا يُضعف قدرتنا على مقاومة الأمراض. وعندما نتنفس بسرعة وبشكل سطحي، فإننا نزفر ثاني أوكسيد الكربون بسرعة كبيرة ونستنشق كمية قليلة جداً من الأوكسجين. وتنصح شونغ بأداء تمرين تنفس بسيط يومياً يساعد على التعود على التنفس العميق. اجلس في مكان مريح وتنفس بعمق وببطء، حتّى يتمدد الحجاب الحاجز وأنت تعد إلى رقم 3، ثم احبس نفسك لمدة 3 ثوانٍ، ثم ازفر ببطء. كرر ذلك عشر مرات.
5- غسل اليدين بانتظام ..
ربما كان غسل اليدين بالماء والصابون بانتظام، أفضل وأسهل سبيل للوقاية من الرشح والإنفلونزا. فالمرض ينتشر، إما عن طريق الجزيئات المنتشرة في الهواء عندما يسعل المصاب أو يعطس، وإما عن طريق لمس الأسطح أو الأشياء التي لمسها المصاب. لذلك فإن غسل اليدين بالماء الفاتر والصابون مرات عدة في اليوم، يحول دون انتقال العدوى إلينا عندما نلمس عينينا، أو فمنا، أو أنفنا بأيدينا الملوثة. ويمكن اللجوء إلى المساحيق المعقمة لتنظيف أيدينا عندما يتعذر غسلها، وأفضل هذه المساحيق هي تلك، التي تحتوي على الزيوت العطرية الأساسية مثل زيت شجرة الشاي الذي يتمتع بخصائص معقمة ومضادة للفيروسات، مثله مثل زيت الحامض العطري.
7- تفادي التوتر والضغط النفسي..
من المعروف أن حالتنا النفسية ومزاجنا يؤثران مباشرة في جهازنا المناعي. فالضغط النفسي المزمن يُعد واحداً من الأسباب الرئيسة لإضعاف الجهاز المناعي. لهذا نجد أننا نكون أكثر عرضة لالتقاط العدوى في الفترات نفسها، التي نكون فيها غير قادرين على الاسترخاء واستعادة الطاقة. ويؤدي التعرض للضغوط النفسية والتوترات لمدة طويلة (أكثر من 5 أيام) إلى ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول، الذي يعتقد العلماء أنه ينقص عدد الخلايا الدفاعية في الدم. من جهة ثانية فإن التوترات تقلل من درجة اهتمامنا بأنفسنا، فنميل إلى الاعتماد على المشروبات الغنية بالكافيين والسكر. والمعروف أن هذا المشروبات المنشطة تضعف المناعة. فضلاً عن ذلك فإن التوتر والضغط النفسي يؤثران سلباً في نوعية ومدة نومنا. وكانت الدراسات قد أظهرت أن النوم المريح يقوي الجهاز المناعي، والافتقار إليه يخفض من مستويات مضادات الأجسام التي تكافح الأمراض. لذلك فإن كل ما يساعدنا على مكافحة التوتر والضغط النفسي، وعلى التمتع بحالة نفسية إيجابية يسهم في تقوية جهازنا المناعي.
|
|