قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

لهذا يخشون العراق
الاعلام العربي، وخاصة وسائل الاعلام التي تديرها مخابرات اسرة آل سعود ، ينفذ اجندات النظام السياسي العربي الفاسد الذي يخشى العراق الجديد لعدة اسباب، تقف على رأسها: اولا، خشية النظام السياسي العربي الفاسد، وتحديدا نظام القبيلة الحاكم في دول الخليج، من الديمقراطية الناشئة التي تنمو بتؤدة واستقرار في العراق منذ سقوط الصنم في التاسع من نيسان عام 2003 ولحد الان. ثانيا: خشيتهم من العراق المستقل القوي اذا ما وقف على قدميه، عندما يخلو من اي تواجد عسكري اجنبي، اميركي تحديدا، ودخول اتفاقية الاطار الاستراتيجي لعلاقة الصداقة والتعاون بينه وبين الولايات المتحدة حيز التنفيذ، ما سيمكن العراق من النهوض بنفسه وعلى مختلف الاصعدة، وبما نص عليه الاتفاق المذكور. ثالثا: فضلا عن انهم يخشون العراق اذا ما نهض من كبوته التي مر بها لحد الان بسبب السياسات الرعناء التي ظل نظام الطاغية الذليل صدام حسين يتبناها طوال اكثر من ثلاثة عقود من الزمن، وما اعقبه من ظروف عملية اسقاطه والعنف والارهاب والحرب الطائفية التي قادتها الجماعات المتطرفة والتكفيرية المدعومة من النظام السياسي العربي الفاسد طوال السنين التي اعقبت التغيير. ان علينا كعراقيين ان نقدم مصالح العراق على اية مصالح اخرى، من دون ان يعني ذلك بالضرورة تقاطع المصالح مع الاخرين حد الخصام ابدا، فللعراق مصالح متبادلة مع جل الاطراف الاخرى، الاقليمية منها والدولية، باستثناء بعضها الذي يسعى الى تدمير العراق بسبب التناقض القائم بين نوعية النظام السياسي القائم في العراق وذلك القائم في مثل هذه الاطراف، وعلى رأسها طبعا المملكة العربية السعودية التي ترفض التعامل مع العراق بايجابية، لاسباب طائفية واخرى سياسية.
من جانب آخر، فأن قرار بعض القوى السياسية بمقاطعة جلسات مجلس النواب ، والحكومة، جاء في مرحلة وتوقيت حساس وبدا وكأنه احتجاج على اكتمال انسحاب القوات الاميركية من العراق، وكأن بعض هولاء يريد ان يبقى الاحتلال جاثما على صدر العراق كما حصل ابان الاحتلال البريطاني للعراق عام 1917 والذي استمر الى العام 1958، وهي المدة التي كانت تلك القوى السياسية واخواتها تحكم الدولة العراقية اثر تأسيسها في العام 1921 في اطار ما يعرف باتفاق (كوكس النقيب) القائم على اساس التمييز الطائفي والعنصري البغيض. ان قرار المقاطعة هذا ،خطا صدر في الوقت الخطأ، فالعراق اليوم يمر بأدق ظرف واكثر المراحل حساسية، مع اكتمال انسحاب القوات الاجنبية منه، فكيف سمحت هذه القوى لنفسها بان تفتعل كل هذه الازمة السياسية مع بقية الكتل السياسية في الوقت الذي يحتاج فيه البلد الى الانسجام والتعاون وشد الظهر بين كل الفرقاء من اجل ان ينجح العراقيون في تحمل اعباء المسؤولية التاريخية التي اوكلت اليهم في ظل مرحلة جديدة سيتمتع فيها العراق بكامل سيادته واستقلاله؟. لقد كان العراقيون ينتظرون من هولاء على الاقل بيانا سياسيا ايجابيا يطمئنهم ويتعهد لهم بالوفاء لتضحياتهم وصبرهم الذي انتج الانسحاب ، اذا لم نقل بمشروع جديد او تشريعات جديدة يتبناها البرلمان تصب في الصالح العام، او بخطة عمل حكومية جديدة او باي شيء ايجابي يأخذ بالعراق الى الامام، اما ان يتخذ مثل هذا القرار السلبي بكل المعاني وفي هذا الظرف الحساس، فان ذلك لا يمكن لاحد ان يهضمه او يبرره او يتفهمه باي شكل من الاشكال.
ان على العراقيين ان ينتبهوا الى قرارات الكتل السياسية في المنعطفات الحساسة، ليميزوا الخبيث من الطيب، وليعرفوا صديقهم من عدوهم، وليميزوا بين من يريد الخير للعراق وانه يعمل من اجل ان ينجح العراق الجديد، وبين من يتحين الفرص للانقضاض على العملية السياسية برمتها لاعادة البلد الى سابق عهده يحكمه البعض في اطار التمييز ، وسياسة شن الحروب العبثية وغيرها من النماذج سيئة الصيت التي امتلأ بها العراق في ظل النظام الشمولي البائد. انها المواقف السياسية التي يلزم على الشعب العراقي مراقبتها بدقة ليميز بين ماهو وطني منها وماهو مرتبط باجندات ، او انها على اقل تقدير مواقف ارتجالية وانفعالية بعيدة عن الحكمة والرشد ، لا تصب في مصلحة العراق.