حذار من الكمائن السياسية!
|
كريم الوائلي
ضحايا استبداد الحكومات السابقة في العراق لا يستبعدون ضلوع هذا الشخص او ذاك من شركاء العملية السياسية في عمليات ارهابية والفيصل المقبول في ذلك هو القضاء. وفي كل البلدان الديمقراطية التي يتمتع بها القضاء بالاستقلالية يحال كبار الساسة الى القضاء بتهم مختلفة ولا يعد ذلك انهيارا لمؤسسات بلدانهم ، غير ان ذلك يختلف بنسب متفاوته في البلدان ذات التجربة الديمقراطية الفتية ومنها على وجه التحديد العراق ، وعلى ذلك فأن اتهام اية شخصية بتهمة الارهاب او الفساد من الامور العادية في النظم الديمقراطية ولا يحتاج المتهم الى الدفاع عن نفسه من خلال الاعلام واطلاق التهديد والوعيد وكيل التهم الى الآخرين والتحريض على قتل المواطنين العزّل ومن ثم اتهام الخصم بهذا الفعل المشين ، وما يجب على المتهم فعله هو الوقوف بثبات واتزان امام القضاء واذا اثبت براءته يكون قد فاز بثقة العراقيين واحترامهم .
وفي العراق تحتاج ادارة البلاد الى الكثير من التحقق والتمحيص ولا سيما من اطراف (التحالف الوطني) وهي الكتلة التي توصف بالحاكمة ، وليس من الحكمة ان تثار الازمات في العراق دفعة واحدة وفي توقيت خاطئ خاصة وان جرائم الابادة الجماعية والفساد والاغتيال السياسي لا تلغى بالتقادم ، وهناك ما يكفي من الوقت امام الحكومة لفتح الملفات الواحد تلو الاخر وبالتزامن مع تطورات الفاعل السياسي وبالتوقيتات المناسبة . ان اثارة بعض الملفات في هذا الوقت بالذات من شأنه ان يبعث برسائل خاطئة الى مختلف الجهات خاصة وان الانسحاب الامريكي من العراق قد مضى عليه بضع ايام ، وما كاد ان ينتهي بعد ، وكثير من الجهات الامريكية المؤثرة في القرار السياسي الامريكي غير راضية على الانسحاب من العراق وان الوضع الاقليمي الراهن لا يساعد على تفهم الحالة العراقية ، كما ان اعداء المشروع الوطني العراقي وخصوم الديمقراطية في العراق (في الداخل) ما زالوا يتمتعون بالقوة والتأثير وبأمكانهم ان يوقعوا الصدمات الامنية المضادة كما حصل يوم الخميس الدامي ، وكان على الحكومة ان تتوقع من اعداء العملية السياسية ومن خصومها استغلال كل خطأ لصالحهم وحصول ردود افعال عنيفة ومتعددة ومن جهات مختلفة ، وكانت الهجمات الارهابية الاخيرة التي فاق عديدها 12 تفجيرا وبتوقيت منسق وامكنة منتقات بقصدية تشير الى ان هناك مخزونا كبيرا من الوسائل التدميرية المعدة مسبقا لظرف سياسي بعينه وان الجهات التي تقف خلفها قد اعدتها بعناية تنم عن وجود تنظيم محترف ومتحرك بمرونة عالية ومتغلغل في كل المنظومات المدنية والعسكرية وتفيد القراءة المتأنية للازمة الراهنة انها قد ضخت بمفاعيل تحريضية من اطراف داخلية وخارجية وانها مفتوحة نحو تطورات وتداعيات تستنفد كل مخزونها المضاد .
وما حصل من تداعيات امنية وسياسية بلغت ذروتها يوم الخميس الدامي جاءت بعد زيارة قام بها السيد رئيس الوزراء الى الولايات الامريكية المتحدة ، وعلى خلفية فتح الملفات المسكوت عنها انطلقت الاتهامات من الصحافة الامريكية مصورة الاحداث على اساس مختلق يفيد بأن هناك (حكومة شيعية ) استغلت الانسحاب الامريكي (لتهميش الاقلية السنية) ، وبعض التحليلات السياسية ذهبت الى ان المالكي قد تلقي الضوء الاخضر من الجانب الامريكي بفتح ملفات الخروقات التي تورطت بها شخوص مشاركة في العملية السياسية وكان بأمكان السيد المالكي التريث الى حين اثبات قدرة الاجهزة الامنية العراقية على ضبط الوضع الامني الى حد لا يهتز معه الاستقرار الامني لمجرد البدء بفتح ملفات لا بد من فتحها وكان على رئيس الوزراء عدم اعطاء فرصة للتقولات التي تتهمه بأنتهاج سياسة (مبيته ضد المكون السني) مع ان بعض الشخوص المشاركة بالحكومة من المكون السني قد لا يمثلوا السنة في هذه المرحلة وهم مكون كبير وثري بالعناصر الوطنية ، ولو ذهبنا الى ما ذهب اليه البعض من ان الجانب الامريكي هو من شجع على الاسراع بفتح ملفات الخروقات الامنية والفساد فأن ذلك يذكرنا بكمائن سياسية امريكية حدثت في بلدان متعددة من العالم ادت الى تغيير حكومات وحكام !. .
|
|