الغيبة.. معول يهدد العلاقات الاجتماعية
|
* مثنى قاسم
لعل من أسوأ ما نسمعه ونشاهده عن الناس هو ذكر الانسان غيره بما يكره وهو غائب عنه في أخلاقه أو بدنه أو في أقواله أو في أفعاله أو غير ذلك، وقد نهى الله تعالى بشدة عن هذا السلوك الشائن، بأشد ما تنفر منه النفوس حثّاً منه سبحانه على حفظ العلاقات الأخوية بين عباده، وإبعاداً لهم عن التطلع على عورات الآخرين لما يؤدي الى الشقاق والفرقة بدل التآلف والمحبة.
فإذا كان الأمر كذلك، لماذا هذا التمرد على التوجيه الإلهي؟ ولماذا هذا العذاب الذي يجلبه الإنسان لنفسه عندما يكون بمنزلة آكل لحم أخيه ميتاً، وإذا سألت (صاحب الغيبة)، لماذا تغتاب صاحبك؟ يجيب: إنني أكرهه...! والعجيب إنه يكرهه ويضيف له حسنات الى حسناته، أي إن حسناته تنتقل الى من استغابه وكذلك تنتقل سيئات المستغاب الى المغتاب، وعن رسول الله (ص): (إن الرجل ليؤتى كتابه منشوراً فيقول: يا رب فأين حسنات كذا وكذا، عملتها ليست في صحيفتي؟ فيقول: محيت باغتيابك الناس)، والله تعالى يدعونا الى التآلف والمحبة والتعاون فيما بيننا لا إلى انتشار البغض والكره والحقد والعداوة بين افراد المجتمع وهذه كلها من نتائج الغيبة والله تعالى يدعونا في ذيل الآية التي قال فيها عز وجل: "ولا يغتب بعضكم بعضا... الى أن يقول: "واتقوا الله إن الله توابٌ رحيم" الى العودة الى الله وتوبة له والإلتزام بما جاء به الإسلام من دين قيّم يدعونا الى الصدق في القول والى الإستباق الى الخيراأفأت.. وأن يعلم الإنسان إنه حين يغتاب غيره فإنه كالذي يأكل لحمه وهو ميت وليعلم إنه كما يكره هو أن يتكلم عنه الناس بما يكره كذلك يجب عليه أن لا يتكلم عليهم بما يكرهونه وليحاول أن يكون لسانه لسان نصح وإرشاد وإصلاح وليعلم إن ثلث عذاب القبر من الغيبة.
وأن يتذكر صاحب الغيبة مفاسدها الأخروية وما أعدّ الله سبحانه لصاحبها من العقاب أو أن يتذكر مفاسدها الدنيوية وهي كثيرة:
1- قد تصل الغيبة الى من أغتيب فتصير منشأ لعداوته أو زيادة عداوته.
2- سقوط المغتاب من أعين الناس وسحب ثقتهم به.
3- إن الغيبة إذا أصبحت ملكة راسخة تركت آثار في النفس منها العداوة تجاه المستغاب التي تزداد شيئاً فشيئاً.
هذا ومن الأمور المهمة للغيبة أن يقطع أسبابها وهي: الغضب والحقد والحسد والإستهزاء والسخرية والهزل والافتخار، وأن يراقب الانسان لسانه ويراجع كلامه حين يريد أن يتكلم به وإذا رأى بشخص ما يشينه ويجعله عرضة للغيبة فعليه أن يتقدم إليه بكل لطف واحترام فينصحه ويطلب منه رفع ما يشينه وهذا من أفضل الأعمال عند الله لأنه ستر أخاه وأزاح عنه ما ينقص من قدره وشأنه فيكون في نظر ذلك الشخص بل في نظر الجميع محبوباً لا أن يغتابه فيهلك نفسه ويسقط من أعين الجميع، قال تعالى: "وقولوا للناس حسنا".
|
|