الفساد ..إرهاب ما زال يهدد الدولة والمجتمع
|
نبيل الحيدري
في قاموس الثقافة الشعبية العراقية تنطوي تعابير : "الفاسد" و"الفساد" و"المفسد" على معاني الانحطاط وانحراف الأخلاق وخيانة الأمانة، ويترادف اليوم " الفساد " كمصطلح إلى حالات انتهاك مبدأ النزاهة وإساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب و الإثراء غير المشروع و الاختلاس او التزوير او تعيين الاقارب والاصاحاب في مناصب لايستحقونها او هدر اموال الدولة وتبذيرها او عدم الحرص على المال العام.... الخ،
مصطلحات ٌ وعناوين وتوصيفات مختلفة للفساد الذي ينخر جسد أي دولة اذا لم يجد رادعا ومواجهة مقننة من قبل الدولة نفسها والمجتمع.
وبالرغم من ان الحكومة العراقية أعلنت قبل قرابة سنة عن ان عام 2009 سيشهد القضاء على الفساد الإداري والمالي الا ان ذلك العام انقضى وفتح العامُ الجديد أبوابـَه ومازالت آفة ُ الفساد الإداري والمالي حاضرة في مؤسسات الدولة العراقية. وقد احتل العراق الرابعة لعام 2009 من حيث الفساد المالي والاداري بحسب تقرير منظمة الشفافية العالمية ويأمل كثيرون ان يتزحزح موقعه الى مراتب افضل خلال عام 2010 تبعد عن مؤسساته والعاملين فيها صفة الفساد.
ويقول كبار المسؤولين انه ومع انخفاض نسبة الفساد في عام 2009 حسب رأيهم، فان ذلك لا يمثل تحولا جلياً في على ارض الواقع لجسامة المشكلة واستشرائها. ويشيرون الى ان الدولة حاولت محاربة الفساد الإداري والمالي، ومن خلال عمل هيئة النزاهة التي أحالت مايقارب 4 الاف قضية فساد اداري ومالي الى القضاء وكشفت العديد من حالات التزوير.
وعلى الصعيد التشريعي لم يبصر النور خلال السنوات الماضية أي تشريع قانوني يتعلق بمكافحة الفساد الاداري والمالي مما قد يترك فراغا قانونيا في آليات مكافحة الفساد كما يقول مقرر لجنة النزاهة البرلمانية، مشيرا الى وجود بعض الخلافات كانت داخل البرلمان السابق على مشاريع تلك القوانين. ويتفق مختصون على ان القوانين العراقية لم تغفل موضوع الفساد والرشوة واستغلال المنصب الحكومي، فهيئة النزاهة في مجلس محافظة بغداد مثلا تشير الى ان قراءة في قواعد السلوك الوظيفي تكشف عن روادع وأحكام تكف تمادي بعض الموظفين في فسادهم الإداري.فيما يؤشر مستشار رئيس الوزراء للشؤون القانونية فاضل محمد جواد الى تلكوء الجهات التشريعية والتنفيذية في اقرار قوانين مهمة ذات علاقة بمكافحة الفساد، مستدركا ان "عدم اقرار هذه القوانين لا يشكل فراغا قانونيا كون القوانين السابقة مازالت سارية حتى الان".
ولا تنحصر جذور الفساد بالمكتب الوظيفي بل انها مرتبطة بالسلوك الاجتماعي والأخلاقي ومن هنا يرى البعض ان إنهاء هذه الظاهرة يكمن في نشر التوعية بين المجتمع العراقي بمخاطر ظاهرة الفساد الاداري والمالي واتخاذ الحكومة لعدد من الاجراءات والاليات للحد منها. ويقول اعضاء ومقرر لجنة النزاهة في البرلمان السابق، ان لجنتهم بالاشتراك مع هيئة النزاهة استخدمت الوسائل المتاحة كافة لنشر الوعي في المجتمع والتعريف بمخاطر الفساد حيث قامت بالوصول الى المسؤولين الكبار واستجوابهم بمساعدة لجنة النزاهة بعد ان كان ذلك متعذرا، مستشهدين باستجواب وزير التجارة عبد الفلاح السوداني ومن ثم اتهامه.
|
|