قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

الأولاد في البيت.. التدريب على الذكاء وليس الاحتيال
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة *كريم الموسوي
إن ذكاء الاطفال أمر فطري يصعب تفسيره أمام بعض المواقف، فرغم بساطة تفكير الطفل إلا انه يبدي ذكاءً غريباً حيال لعبة يصرّ على شرائها. يقول (دنيس شولمان) احد الاختصاصين في مجال سلوك الاطفال: ان الاطفال يترجمون ردود فعل الوالدين الى سلوكيّات تمكّنهم من تحقيق ما يريدون، ولذا من الخطأ الكبير أن يتعوّد الطفل على تلبية طلباته، من المفروض ان يسمع الطفل كلمة (لا) عدة مرات، يكفّ عندها من استخدام الاساليب ملتوية لتحقيق مطالبه.
ان كثيراً من الإزعاج افضل من قليل من الانحراف السلوكي، ومع ذلك فان هناك وسائل كثيرة لإيقاف هذا الازعاج. عندما يدرك الطفل أن ما يريده يتحقّق بالإزعاج مثلا فانه يتحوّل الى طفل مزعج.
أهم الوسائل التي تعوّد الطفل ان يكون مثالياً، ويطلب ما يحتاج اليه فقط هي تجنّب تعريضه الى التلفاز والالعاب الالكترونية وعلى الوالدين ان يتداركا هذا الامر، ويقللا جلوس ابنائهم امام شاشتي التلفزيون والكمبيوتر. ولذا لا يجب أن نستغرب اصرار بعض الاطفال على شراء حذاء مرسوم عليه (نينجا السلاحف)، او (الكابتن ماجد) او غيره من ابطال افلام الكارتون حتى لو كان ذلك الحذاء تعيساً لأن الاطفال صيد ثمين للاعلانات التجارية.
علينا ان ندرك اطفالنا قادرون على ان يكونوا سعداء بدون تلفزيون والعاب الكمبيوتر والعاب أخرى، وعلى اطفالنا أن لا يتوقعوا هدية صغيرة أو كبيرة في كل خروج الى السوق فيعمد كثير من الآباء والأمهات الذين يمضون ساعات عديدة بعيداً عن البيت سواء في العمل او غيره الى تعويض ابنائهم عن هذا الغياب بهدايا متكررة. ان سلوكا مثل ذلك لا يجلب الحب للابناء بقدر ما يربط رضا الطفل عن احد والديه بمقدار ما يقدم له من الهدايا.
ويطرح كثير من آباء اليوم، أبناء الامس عدداً من الاسئلة من قبيل لماذا قل مستوى هيبة الآباء لابنائهم ؟‍‍‍‍‍‍‍! ولماذا انحسر تقدير الابناء لهم واحترامهم ؟!
في الماضي تكاد تتجمد الدماء في عروق الابناء بمجرد تقطيبة حاجبين، او نظرة حادة، او عضّ شفة من أحد الوالدين دون أن ينطق بكلمة، او يمد يده للضرب، ورغم التقدم الحضاري والوعي الثقافي لكلا الوالدين، ورغم الآف الأطنان من الدراسات التربوية فأن مستوى الإطناب التربوي يتراجع نوعاً ما أمام تربية ابن البادية او الريف الذي لا يتمتع والده بنفس المستوى الثقافي.
يكاد يمضي أبناء الريف والبادية معظم اوقاتهم في رعاية الابل والبقر وحلبهما ورعي الغنم والاستمتاع بمواليدها الصغيرة، وجمع البيض وغيرها من الواجبات التي لا مناص منها. بل ان الطفل هناك يسعى الى تعلّمها منذ سنينه الاولى، ويكاد الصغير في الصحراء او الريف لا يجد وقتا يرتاح فيه، وعلى هذا فإنه يخلط بين عمله والاستمتاع بوقته، ويعود الى بيته وقد انهك جسمه النحيل وصفا عقله وفكره.
اما ابناء المدن فطالما يستيقظون متأخرين من النوم خصوصاً من الاجازات يبدأ برنامجهم الترفيهي امام شاشات القنوات الفضائية، فمن فيلم كارتون، الى برنامج الاطفال، الى فيلم كرتون آخر، وإذا أحس الطفل بالضجر أدار جهاز الكمبيوتر لمزيد من الالعاب الالكترونية، لتستهلك فكره وابصاره دون أن يستنفذ طاقات جسمه الكامنة.
على الوالدين ان يحددوا لمشاهدة ابناءهم لهذه الأجهزة واذا ما تمّ إغلاق التلفاز فسيبحث الإبن والإبنة عما يشغلها.
من هنا على الوالدين وايضاً الكبار في السن داخل الأسرة الابناء الصغار في البحث عن وسائل مفيدة تشغل اوقاتهم، كما انه من المناسب جداً ان يفهم الأبناء في أداء بعض الواجبات المنزليّة بعد تناول وجبة الافطار، بإمكان طفل الأربع سنوات ان ينظف طاولة الطعام، وينقل صحون الافطار الى حوض الغسيل، وبامكانه ايضا ان يسهم في غسيل الصحون مع بعض كلمات الاطراء.
وبامكان طفل الخمس والست سنوات ان يرتب سريره ويجمع ألعابه وكتبه ويشرع في ترتيبها من الضروري ان يتحمل الابناء الصغار بعضاً من الاعباء حتى يتعودوا المسؤولية مهما كان العمل تافهاً، وجهوا الابناء والبنات الى القيام به وتشجعيهم على ادائه.
لاحظوا ان توفير هذه الالعاب يستهلك ميزانية ليست بالقليلة قياساً بالمنافع التي هي تجلبها، ومتى ما تولد لدى الابناء شعور بأنهم مميزون وان تفكيرهم يسبق سنهم فإنهم تلقائيا سيتحولون الى مستهلكين انتقاليين واذكياء. وسيعزز ذلك جانب الضبط والحفاظ على الاموال. لنحذر ان نعطي الولد أو البنت شعوراً بأن الاسرة فقيرة وغير قادرة على تأمين ما يلح عليه الابناء. لانهم سيراقبون تصرف والديهم وسيحاسبونهم في كل مرة يشتريان فيها شيئاً لهما.
وربما يسرف كثير من الاباء في شرح اسباب امتناعهم عن تلبية رغبات ابنائهم. ولذا فإن الابن سيتعود في كل مرة يرفض فيها طلبه على طلب تفسير منطقي لرفض طلبه. بغض النظر ان كانوا يستوعبون ما يقال لهم ام لا. فاذا رفضت طلب ابنك شراء رقائق البطاطا – مثلاً- فانه من غير المناسب ان تشرح له اضرارها الصحية وانها تزيد من نسبة الكروليسترول وترفع ضغط الدم. وتسهم في تكسير كريات الدم وغيرها من الايضاحات. يكفي القول: انه غير جيد او غير صحّي.
في بعض الاحيان يبدو طلب الابناء منطقيا، ومع هذا لا يجب الاستجابة الفورية، حاولوا الربط بين الطلب بعمل ما حتى يكون مكافأة لهم على انجازها. ومن شأن ذلك أن يرفع قيمة الحاجة لدى الطفل، فاذا احتاج الطفل الى دراجة هوائية، فبامكانك ربط طلبه بتحقيق طلب بالمقابل كأن يكون النجاح في الامتحانات الشهرية، او مساعدة الوالدين في اعمال البيت لمدة شهر – مثلاً- عندها سيحسّ بقيمة الدراجة التي سيحوزها بالنهاية، وربما يحافظ عليها كذكرى لما أنجزه لوالديه. ثم بعدها يتعود على طاعة والديه ومساعدتهما في البيت.
ولا ينسى الوالدان ان وظيفتهما هي تنشئة الاطفال ومساعدتهم حتى يسلكوا طريقهم الصحيح في الحياة. لنعلمهم ان الحصول على شيء يتطلب جهداً حقيقياً وان التحايل والالحاح لا يأتيان بنتيجة.