تحالف شؤم
|
سالم مشكور
من بين أوجه الشبه بين ما يجري في ليبيا وزعيمها المعتوه اليوم، وما حدث في العراق ودكتاتوره صدام عام 1991 هو الموقف الاميركي مما جرى مع الاثنين. مع دكتاتور العراق السابق وقف الجانب الاميركي بادارة بوش الاب آنذاك متفرجا ثم مساندا له بوجه إنتفاضة شعبه الذي رفضه بأغلبية كبيرة. أوقفوا زحف القوات. . وصدرت الاوامر لقائدها الجنرال تشوارزكوف للتوقف ثم الانسحاب في خطوة أبدى هو استغرابه منها كما بيّن ذلك في كتابه الذي وضعه لاحقا. بل صدرت الاوامر لفك الحصار عن طائراته العسكرية ومدرعات لواء الحرس الجمهوري المحاصرة في الجنوب لتتحرك لقمع الانتفاضة الشعبية فكانت المجازر التي أودت بحياة عشرات الالاف من الناس. بتلك الخطوة أبقوا على صدام على درجة من الضعف كلما حاول الخروج منها تلقى ضربة، وكلما ضعف تلقى جرعة دعم.
حتى الامس الاقريب وقفت الإدارة الأميركية متفرجة، رافضة فرض حتى حظر جوي على القذافي سامحة بذلك لطائراته بقصف الليبيين المنتفضين المسيطرين على مدن أبرزها بنغازي، التي كان يسقط فيها وفي غيرها من المدن، العشرات من الضحايا كل يوم دون ان تتحرك الحكومات الغربية التي تملأ الدنيا صراخا وعويلا على حقوق الحيوان قبل الانسان، بل يكتفي باراك أوباما بالقول ان على القذافي أن يرحل. . كيف يمكن لاوباما التوفيق بين موقف ادارته وما أطلقه من كلام وردي حول العدالة وحقوق الشعوب أثناء وبعد انتخابه للرئاسة ؟.
إرتباطا بالموقف الاميركي هذا يأتي الموقف السعودي مما يجري في ليبيا وعموما مع باقي الأنظمة المتساقطة أمام إنفجار شعوبها. السعودية تلجأ مرة أخرى الى تخويف الادارة الاميركية من "عواقب " ما يجري. عارضت ما جرى في تونس واستضافت رئيسها الساقط، ورفضت ما جرى في مصر وجهدت في إقناع الإدارة الأميركية بالتدخل فكان لها ما أرادت وتم وضع الحدث المصري على سكة مضبوطة أميركيا، ثم تخوفت مما يجري في ليبيا... وعندما وصل لهيب الاحتجاجات الشعبية الى الساحة الخليجية إستنفرت السلطة السعودية كل إمكانياتها التحريضية والتخويفية باتجاه واشنطن فكانت الاستجابة عمليا بزيارات تطمينية لمسؤولين أميركيين الى كل من الرياض والمنامة التي تجددت فيها حركة الإحتجاج الشعبي على التهميش والإقصاء من عقود. نتائج الدعم الاميركي العملية جاءت بالاندفاع العسكري السعودي الى داخل الاراضي البحرينية مدعوما بتصريح أميركي يتحدث عن شرعيته.
الموقف السعودي هذا شهدناه تجاه العراق عام 1991. الرياض كانت وراء تخويف واشنطن، من أن نجاح الانتفاضة العراقية وسقوط صدام يعني توسع إيران في العراق، فكان القرار الأميركي بالسماح للنظام بقمع الانتفاضة وزرع أرجاء الوطن بأجساد المدفونين أحياءً. " فزاعة " إيران إستخدمتها الرياض في التاثير على الموقف الاميركي بعد إسقاط النظام في العراق، خصوصا بعد وصول الديمقراطيين الى الحكم. فهؤلاء كانوا يعيبون على بوش أنه أسقط صدام فأثار مخاوف حلفاء واشنطن، والسعودية تاتي في رأس قائمة الحلفاء التاريخيين لواشنطن. بينهما تحالف جلب للعراق والمنطقة – وما زال – الكثير من الكوارث والالام.
|
|