لنتقدم خطوة في الاعلام الملتزم
|
*محمد علي جواد تقي
لم يبق في جعبة عدد من الفضائيات الموتورة سهمٌ إلا و رشقت به اتباع أهل البيت عليهم السلام، فالى جانب الفضائيات المعروفة بزعيقها ونعيقها الطائفي، ظهرت (العربية) الممولة سعودياً وهي تتراصف مع تلكم الفضائيات متجاوزة ما عرضته سابقاً من ادعاءات بالموضوعية والمهنية، فتحولت شاشتها وبشكل مفاجئ الى وجه للسياسة الداخلية البحرانية، فهي تظهر صورة لأحد علماء الدين الشيعة هناك، دون أن تذكر اسمه، فيما يتواصل المقدم سرد الحكاية الرسمية المفبركة عن وجود عملية انقلابية و إساءة لأجواء الحرية ولعطف الملك...!!
هذه النبرة ليست جديدة على الاعلام السعودي المرئي منه والمقروء لاسيما خلال السنوات السبع التي اعقبت انهيار نظام حزب البعث في العراق، لكن يبدو اننا على موعد مع سياسة جديدة تخوض مواجهة مكشوفة مع ما يعدونه خطراً على مصالحهم في البلاد الخليجية، وهو ليس كذلك بالطبع، ولمن يريد تقصّي الحقائق يكتشف ان الشيعة في الخليج الأكثر انتاجاً والاكثر مظلومية والاكثر هدوءاً على مدى السنوات الماضية. وبعد أن كان مصطلح (الرافضية) يلهب ظهور الشيعة هناك، وجدنا كيف ان التطرّف والدموية انسلت من غيرهم، واصبحوا هم مصدر القلق والاضطراب في الخليج والعالم بأسره. حتى بات المسلم اليوم في أي مكان في العالم يواجه دون اعتراض تهمة (الارهاب)، وعليه الدفاع عن نفسه واثبات براءته.
لهذه المواجهة دلالة واضحة على تعاظم الخطر الشيعي في هذه المنطقة الحيوية في العالم، ورمبا يأتي اليوم الذي يتم فيه تحديد عدد زوار الامام الحسين عليه السلام من دولة البحرين، بعد ان تفاجأ العالم بالحضور الكبير من هذا البلد الى كربلاء بهدف زيارة الاربعين، فقياساً بعدد سكان البحرين، من المستبعد تشبيهها بأي بلد آخر في العالم حصل فيه توافد الى بلد آخر كهذا. هذا ما موجود في بلاد الخليج، لكن ماذا عنّا في العراق، ملتقى المصالح المتضاربة والافكار والثقافات المختلفة، ونحن نقول ان الثقافة الشيعية انما تنبع من هذا البلد وتنتشر الى العالم؟
هناك أموال كبيرة تنفق لرفد النشاط الاعلامي الملتزم من مرئي ومقروء ومسموع، لكن تبقى المشكلة اننا بعد نراوح في خط الدفاع، ولم نمسك بعد بـ (زمام المبادرة)، ولو ان برامجنا – دونما مجاملة- تعد الأكثر غنىً وعمقاً في الثقافة والفكر، إلا انها مجموعة دُرر متناثرة هنا وهناك على المشاهد أو المتابع ان يطاردها ليجمعها ويشكل عنده تشكيلة جميلة وغنية بالافكار والثقافات الاصيلة، بينما الجانب الآخر يعمل بمنهجية ودراسة وابداع، فعندما نظهر معايب وجرائم شخصيات تاريخية أمعنت في الدمار والخراب في كيان الاسلام، نجدهم يردون على ذلك ليس بالمثل إذ لا قدرة لديهم على ذلك، بل بعمل فني يظهر فيه البطولات والصولات لاشخاص يحفظ لهم التاريخ مساوئ عظيمة. أما الحديث عن برامج الاطفال فالحديث عنها يطول الى مقالات وبحوث.
نحن لسنا بحاجة الى تفنيد المذهب الوهابي او الخوض في ملاسنة مع هذا المفتي أو ذاك، بقدر ما نحن بحاجة الى البرامج والمناهج التي نعتقد جزماً أنها الأصحّ والافضل، ومجتمعاتنا في العراق والخليج وفي كل مكان محبّة للقراءة والمطالعة والمتابعة لما هو جديد ومثير، كما هي متعطشة لاجابات كثيرة عن أسئلة حائرة في مجالات العقيدة والمجتمع والتاريخ وغيرها، فهذه الجسور المتينة من العلاقة بين الاعلام الملتزم وبين الشعب الملتزم من شأنه ان يجعل كل ما تعمله الفضائيات وسائر وسائل الاعلام المغرضة، هباءً منثورا.
|
|