قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

لنتغلب على الشرود الذهني
*إعداد / كريم الموسوي
الشرود الذهني وعدم التركيز، حالة نفسية يُبتلى بها الكثير من الشبان والفتيات في ربيع العمر، وذلك بسبب ظروف اجتماعية ونفسية معينة، تجعل الانسان يتأمل البعيد ويستغرق في أحلام اليقظة، في محاولة منه للهروب من واقعه الذي طالما يكون مشحوناً بالمنغّصات والاسقاطات في أكثر من مجال.
لكن هذا لا يعني إهمال هذه الحالة وعدّها أمراً واقعاً، لاسيما ونحن نلاحظ عدم الاكتراث من الأبوين والأسرة إزاء حالات كهذه لأنها لا تسبب مشاكل ظاهرية في الأغلب، وليس لها انعكاسات على الواقع الخارجي، هذا على المدى القريب، لكن على المدى البعيد، ربما تتحول إلى عادة لدى الانسان – ذكراً وأنثى – وستنعكس آنذاك على السلوك والتصرفات والواقف مع مرور الزمن.
إذن، لابد من الخروج من هذه الأزمة أو الدوامة المفرغة، لاسميا وإن هذه الحالة تُعد من معوقات التعليم، وهي المسيرة التي يطويها شبابنا اليوم؛ إن طريق الحل سهل يسير إذا راعينا عدداً من الأمور :
1- جرِّب أن تركّز على شيء معيّن لفترة طويلة نسبياً، علّق نظراتك على لوحة فنّية معلّقة على الجدار، ادرس كلّ دقائقها في اللون والظلال والحركات واللفتات حتى لا تغادر شيئاً منها، ثمّ اغمض عينيك وراجع اللوحة في ذهنك، اُنظر كم التقطت منها وكم فاتك وأعد المحاولة، فإن هذا التمرين سيغرس فيك حالة التركيز.
2- طريقك المعتاد الذي تسير فيه أو تقطعه من البيت إلى المدرسة وبالعكس، حاول أن تستذكره خطوة، خطوة ومعلماً معلماً، فهذا التمرين سينمّي لديك أيضاً حالة الانتباه والاستذكار، ذلك أنّ التركيز وشدّ الانتباه يشبه إلى حدّ كبير أيّة قوّة عضلية أو عقلية تنمو بالمراس والمداومة، وحتى تنشط ذاكرتك دربها ومرنها دائماً في التقاط المعلومات ومراجعتها لأنك إذا أهملت ذلك أصيبت ذاكرتك بالضمور.
3- لا تنتقل سريعاً من فكرة إلى أخرى، بل أطل الوقوف عند فكرة معيّنة، ثم استغرق فيها، كما لو كنت تتأمّل مشهداً أمامك، فهذا يساعدك على التركيز وتثبيت الانتباه وجمعه.
4- تتبع موضوعاً ما، أو حدثاً ما خطوة خطوة، منذ ولادته وحتى ختام ، تابع أخبار زلزال وقع في منطقة معيّنة، أو حريق شبّ في إحدى الغابات، أو عدوان عسكري على مدينة أو دولة، فالمتابعة وملاحقة التطورات والتفاصيل تثري في عملية التركيز.
5- احتفظ بدفتر مذكرات صغير (أجندة)، دوّن فيها ما تريد القيام به من نشاط، أي قائمة بأعمال النهار ومسؤولياتك، أو اكتب على ورقة أو قصاصة ما تنوي عمله قبل أن تخرج من البيت و راجعها باستمرار، وأشّر على ما تمّ إنجازه.
6- قوّ حافظتك في حفظ القرآن والأحاديث الشريفة والحكم وأبيات الشعر الجميلة و النكات الظريفة والقصص المعبّرة، فإنّ الذاكرة إذا قويت في جانب فإنها يمكن أن تقوى في جانب آخر.
7- وجِّه اهتمامك بما يقوله محدّثك لا بما يلبسه أو بما تحمله من ذكريات الماضي عنه، واحصر ما يقوله في نقاط، ويمكنك أن تعمد إلى كتابة ملخص بما يقول حتى تتمكن من الردّ على كل النقاط أو أهم ما ورد في حديثه.
بقي أن نقول؛ إن هذه الخطوات وغيرها هي بالحقيقة عوامل ذاتية يصنعها الانسان بنفسه، لكن لابد من الأخذ بنظر الاعتبار العوامل الموضوعية الأخرى كالمحيط الاجتماعي والعائلي وحتى الاقتصادي والسياسي المحيط بالانسان، كلها تسبب حالة عدم التركيز والشرود الذهني، فاذا اقترب من نار الفتنة فانه لاشك سيكتوي بنارها معنوياً، وسينكفئ على نفسه مرة واحدة ويغوص في أحلام اليقظة ويسبح في الفضاءات الواسعة التي ترفعه من واقعة المؤلم وتنقله الى حيث السعادة والاطمئنان. في حين بامكانه أن يستفيد من الفرص الموجودة والوضع القائم واستثماره لما فيه الخير والصلاح.
*من موقع (البلاغ)