غلاء الأسعار في السوق المحلية.. إرهاب جديد يدق ناقوس الخطر عند الأسرة العراقية
|
تيسير الاسدي
أشاطر كثيراً ممن تطرق لاستفحال ظاهرة الغلاء في الأسواق العراقية والتي بدأت تلقي بظلالها على مدينتنا كربلاء المقدسة، وقد وصلت حداً لا يمكن السكوت عليه لما تنطوي على نتائج وافرازات خطيرة على الوضع الاجتماعي لاسيما على ذوي الدخل المحدود والذين لا يستطيعون مسايرة تلك الارتفاعات الجنونية في الأسعار، فالبعض يقف محتاراً كيف يؤمن الغذاء والملابس، والبعض الاخر حائر أمام غلاء الوقود و وسائل النقل، وآخر يقف حائراً بين أن يوفر المال لعمّال البناء أم للمواد الانشائية لإكمال بناء بيته وتحقيق السعادة لعائلته بعيداً عن العيش بالايجار، وهكذا... القائمة طويلة.
من الواضح إن السبب الأساس في بروز هذه الظاهرة خلال السنوات الأخيرة هي هيمنة شريحة التجّار على الأسواق الى حدٍ كبير، واذا ما اردنا ان ندرك هذه الحالة فيجب علينا أن ننظر إلى الأسعار قبل عام أو أكثر بقليل ونقارنها باليوم، سنرى الفرق الشاسع بين الأسعار، ونحن لسنا ضد الارتفاع المبرر وبنسب معقولة، لكن أن يترك الحبل على الغارب للتجار فهذا مرفوض قطعاً، لأن الارتفاع المعقول والمقبول هو الذي يصاحب ارتفاعاً نسبياً في دخل الفرد وازدياد قدرته الشرائية، بينما الارتفاع الجنوني للاسعار من شأنه أن يفقد صواب الناس!
ومن المبررات التي يسوقها التجّار حالياً هي موجة الغلاء العالمي في بعض المواد الغذائية الأساسية مثل الرز والسكر والمواد الانشائية وحتى العقاقير الطبية، وهم في ذلك يصطفون مع الحكومة في أعذارها الواهية بخصوص احتجاب مفردات رئيسية ولفترات طويلة من (الحصة التموينية)، وهذا بمعنى أن يواجه ابناء الشعب العراقي تحديات جديدة تضاف الى سلسلة التحديات والمحن التي تعصف به وفي مقدمتها (الأمن)، فماذا يقول المواطن الكربلائي، كصورة عن حال أي مواطن عراقي آخر يعيش في هذا الوطن الجريح، إزاء هذه المحنة؟
المواطن (ليث علي / اعلامي) يقول: ان الغلاء كظاهرة ومفردة كانت قبل عشر سنوات تتعلق في أذهان الناس بالمهور فقط، حيث كان يقول البعض: سبب عزوف بعض الناس عن الزواج هو غلاء المهور...! أما اليوم فان هذه المفردة تحولت الى ظاهرة اكتسحت معظم مفاصل الساحة الاقتصادية في العراق ومنها طبعاً مدينتنا كربلاء المقدسة، فقد امتد الغلاء ليشمل الغذاء والدواء والمواد الانشائية والسكن والإيجارات، ونرى ان متوسط الوارد المالي المفترض للمواطن الكربلائي شهرياً هو (750) ألف دينار أي بمعدل 25 الف دينار يوميا، لكن هل جميع سكان المدينة يتمكنون من تحقيق مردود مالي كهذا؟ وأين يذهب من يعجز عن ذلك؟ لذلك اقول ساعد الله الفقير.
اما (حسين تومان / كاسب) فيقول "الله يكون في عون الناس الضعفاء الذين يعملون بأجر يومي وربما لا يتسنى لهم العمل يوميا، ونحن نرى الأسعار ملتهبة وغير مستقرة فاليوم كل شيء متجه نحو الارتفاع ابتداء من أسعار الخضروات، ومرورا بباقي الأشياء التي تحتاجها العائلة العراقية أما بخصوص اسعار الملابس فالحديث يطول سيما وان أخواننا التجار قد أعدوا العدة لاستقبال مواسم الأعياد بأسعار عالية جدا وساعد الله الناس المحتاجين كيف يوفرون لابنائهم الكسوة"
ام زينة ربة بيت قالت " ان الغلاء اصبح في كل شيء، في الغذاء، السكن، التعليم والصحة، والارتفاع مستمر ولا يتوقف، والموظف العادي في القطاع الحكومي راتبه اصبح عاجزا امام سد احتياجاته الرئيسة، لذلك على المسؤولين والحكومة ان تنظر الى هذا الواقع للوقوف على مستجداته وتفعيل دور الصناعة الوطنية واصدار قرارات تصب لصالح المواطن العادي لا ان تصب لصالح المسؤولين الذين اراهن واقسم بانهم غير معنيين بهذا الغلاء لكون ان رواتبهم بالملايين وعوائلهم في خارج القطر "
ولفت علي حسين باحث وقاص الى مشكلة البطالة وما يعانيه الشارع الكربلائي من عدم وجود فرص عمل للشباب، الأمر الذي يكبد الاسر جهدا زائدا فوق معاناتهم بسبب الغلاء المستمر، مشيرا الى ان الحديث الآن يدور حول قانون الخصخصة وتطبيقه، وهو أمر يتطلب روية من قبل الدولة، فاذا كان للحكومة من برامج اقتصادية نافعة غير الفساد الاداري فان المواطن سيكون على احسن حال ،مبينا يجب على الدولة ان تدعم السلع الاستهلاكية الاساسية لاسيما تلك التي تدخل في نظام البطاقة التموينية التي باتت تتأخر لشهور ما جعل الاستغلاليين وانتهازيي الفرص يستغلون هذا الغياب الطويل بمفرداتها ليرفعوا سعرها وليضيفوا هماً آخر الى هموم العائلة العراقية "
بدوره قال ماجد موسى استاذ جامعي ان هناك حكومة ظل تدير الحكومات المتعاقبة وهي حكومة التجار، لافتا الى ان حجة التاجر في رفع اسعار السلع هي ارتفاع اسعار السوق العالمية والذي يلقي بظلاله على ارتفاع الاسعار، ولكننا نرى اليوم في ظل انخفاض اسعار البترول والسوق العالمية عموما ان الاسعار تبقى على ارتفاعاتها السابقة وكأن السوق المحلية تتاثر في الارتفاع ولاتتاثر في الانخفاض واشار الى ان الجمعيات التعاونية تعد افضل حركة تعاونية على مستوى العالم العربي، لذلك يتطلب من الحكومة القادمة ان تفعل هذه الجمعيات وتعطيها فرصا كافية للاستيراد المباشر ومنافسة التاجر، الامر الذي يجعل هناك عدم احتكار للاسعار"
في السياق ذاته، قال الصحافي حسون الحفار لاننكر صعوبة الوضع الاقتصادي الذي كنا نعيشه قبل سنوات قليلة ولكن يمكن اعطاء مبررات لذلك الوضع فكنا نقول اننا نعيش واقع الحصار الشامل وبسبب الحظر الاقتصادي والسياسات الاقتصادية الخاطئة للنظام تراكمت هذه المشاكل وساعدت على انتشار الغلاء والبطالة وغيرها من الامراض الاجتماعية ولكن في الوقت الراهن ما هي مبررات الغلاء فانا اعتقد ان هذا السؤال يجيب عنه المسؤولون في العراق ؟؟؟"
اخيرا نقول: ان هذا البلد يعيش يوميا دوامة من المشاكل والهموم التي باتت تؤثر في نفسية الفرد العراقي فمشكلة الغلاء العام والصراعات السياسية على المناصب والكراسي ولدت مشاكل اقتصادية وسياسية وامنية واجتماعية: ونستنتج من هذا كله ان المواطن العراقي ما هو إلا ضحية للحكومات المتعاقبة جيلا بعد جيل. فالعراقيون مازالوا الى الان يبحثون عن حكومة تنقذهم الى بر الامان وتعمل على تطورهم وتقدمهم فهل سيجدونها. نتمنى ذلك
|
|