قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

زرازير الخرافة
حميد المختار
بين حين وآخر تخرج علينا مقالات في جريدة الصباح بالتحديد لكتاب مازالوا يتلمسون طريقهم في الصحافة والأدب، وجد هؤلاء أنفسهم في مراياهم الخاصة بعد أن زاغت أبصارهم بأنهم أكبر من حجومهم الطبيعية وان ما يكتبونه هو قمة الوعي والثقافة والفكر والابداع، ولو اقتصرت كتاباتهم في مجال الأدب لنفثوا عقدهم فيها وانتهى الأمر، لكن ورم الذات لديهم امتد الى خطوط معرفية ودينية مقدسة تمس اعتقادات الناس ومشاعرهم وتمس رموزهم المقدسة، ابتداءً من المنابر الحسينية التي علمتنا جميعاً الف باء الحرية ووعيها وعلمتنا كيفية مواجهة الحكومات المستبدة وان نقدم أغلى ما نملك لأجل مبادئنا وكرامة أوطاننا، المنابر الحسينية كانت ومازالت مدارس للتربية في شؤون الدين والدنيا والثقافة والفكر، أما ان يكتب بعض أطفال الأنابيب خرابيش في المثيولوجيا التي تكررت في مقالة بعنوان (وقود الخرافة) المنشورة في صفحة آراء – حرة، الصباح عدد (1888)، تكررت اكثر من عشر مرات مفردة (الخرافة) كما لو انه لم يسمع بمصطلح المثيولوجيا من قبل فأنبهر به وأخذ يردده كما يردد التلميذ انشودة مدرسية. ثمة مفردات متعسفة وقسرية وردت مثل الاجتهاد الخرافي، الذهنية المثيولوجية، المنابر المغبرة، خطب بهلوانية ودجالة، خطب بلهاء، كل هذه وغيرها توزعت في مقالة قميئة مليئة بالسم والجهل بأمور الدين والدنيا والفكر والمعرفة والقدرة على الحوار مع الآخر، وسوء الفهم للحرية الذي دفعه الى تجاوز الخطوط الحمراء للاعتقادات والمقدسات، والتجرؤ على رمز المنقذ في العقائد الدينية وهو ليس بالغريب ولا بالجديد على معظم الأديان السماوية، وحتى الوضعية التي آمنت بفكرة المنقذ، والسؤال هنا هو لماذا هذه الهجومات المستمرة على اعتقادات الناس ومقدساتهم؟ لماذا لا نحترمها كما يحترم مثلاً المثقف الهندي الذي يرى المؤمن بربوبية البقرة وهو يتبرك ببولها المقدس؟!. لماذا لا تحترم المقدسات كما احترمها ذاك القس الذي قدم شكوى الى المحكمة المحلية في بريطانيا حين وقعت في يده نسخة من رواية (آيات شيطانية) واعتبرها تجاوزاً على نبي المسلمين، وهو (مقدم الشكوى) مسيحي؟. فكما تفكر أنت بحرية معتقدك وتحارب كل من يحاول اقصاءك منها كذلك اعط الآخر هذه الحرية ولا تتمادَ وتتجاوز وتنتهك تلك المقدسات وتسخر منها وتدع الى محاربتها، ثم ان فكرة الامام المهدي (ع) وردت في روايات معتبرة لدى كتب السنة بأكثر من (700) رواية، وفي كتب الشيعة بحدود (350) رواية كلها معتبرة وصحيحة السند وهناك من العلماء من ناقشها بطريقة علمية صرفة. راجع مثلا (بحث حول المهدي) للسيد الشهيد (قدس سره).
فعليك اذن ان تتعرى من ثيابك المثيوحداثية المدنسة قبل ان تطالب بتعرية التأريخ من ثيابه المقدسة، ونحن نناقشك بالحجج والمنطق والعلمية، لكن ماذا تقول عن .. رجل الشارع الذي تجاوزت على معتقداته وخدشت مشاعره حين سخرت من مقدساته، أنا شخصياً لا أضمن رجل الشارع الذي لا يجيد استعمال القلم والحوار، فهو يعرف اشياء أسهل كثيراً من أدواتنا نحن، وهو يعتقد ان من واجبه الشرعي ان يرد على أمثال هؤلاء الكتاب بطريقته الخاصة، لذا أنصح اصدقائي كتاب هذه المقالات ان يحترموا مشاعرنا ومقدساتنا كما نحترم افكارهم وأقلامهم، لأن الاستبداد بالرأي نعلم جيداً ما هو مصيره، وعلى الزرازير أن لا تتوهم انها صارت شواهين كما يقول الشاعر:
ان الزرازير لما طار طائرها توهمت انها صارت شواهينا !!!.