الأعمى والأعرج
|
إيمان شمس الدين
كان هناك صديقان أحدهما أعمى والآخر اعرج. وكان الاعمى، لطبيعة وضعه، لا يرى حقيقة الامور، وكان صديقه الاعرج يحاول جاهدا ان ينقل اليه الحقيقة على مستوى التصور الذهني لكي يشكل تصورا عن الحقيقة وليس الحقيقة نفسها، لأن هذا الاعرج كان بسيطاً في فهمه وساذجا ولا يمتلك الا أن ينقل الأمور بظواهرها فقط. وكان الأعمى، رغم عماه، يعين الأعرج في مشيه ويلعب دور عكازته في هذه الحياة. ولكم ان تتخيلوا أن يتحول الاعرج في مشيه الى ناقل للحقيقة، والاعمى الى عكازته، كيف سيكون المشهد، وأي حقيقة يمكن لهذا الاعرج أن ينقلها للأعمى وأي عكازة يمكن أن يمارسها أعمى لا يرى أمامه الطريق. كان الاثنان يتجولان في القرى وما ان يدخلا قرية حتى يثيرا فيها القلاقل والفتن، لأن الأعرج ينقل للاعمى ما يراه هو من وقائع، والأعمى يمشي بالأعرج الى حيث يريد هذا الأعرج منه. حتى دخلا الى قرية هانئة وسعيدة ورأى الأعرج النعم التي أغدق الله بها على هذه القرية فسال لعاب الاعرج وأبلغ الاعمى على عجل أنها فرصتهما هذه المرة، وعليهما أن يكون لهما نصيب من هذه النعم ليهنآ بها، وظل الاعرج بسذاجته وسطحيته وعرجه الفكري يخطط ويدبر ويحيك المؤامرات والاعمى يتبعه ويأخذ بيد الاعرج نحو التطبيق، حتى وصل الأمر بهما الى ورطة كبيرة كادت تزهق روحيهما بعد ان كشف أهل القرية مؤامرتهما وعزموا امرهم للقضاء على الأعمى والأعرج، وبعد انكشاف أمرهما لك أن تتخيل أيها القارئ العزيز كيف يمكن لهما ان يلوذا بالفرار لانقاذ ما يمكن انقاذه؟ فكيف سيهرب الأعرج وهو عاجز عن المشي دون عكازته أي الاعمى؟ وكيف سيهرب الاعمى وهو لا يرى شيئاً ويعتمد في مشيه على وصف الاعرج؟
طبعا هذه القصة تعكس لنا حال كل من الولايات المتحدة الأميركية العرجاء في منطقتنا وعلاقتها بصديقتها اسرائيل العمياء، وأترك تطبيق القصة السابقة على كل منهما لتعرفا هل يستطيع الاعرج والاعمى أن يفرا من ضربات المقاومين والشرفاء بعد فشل كل مخططاتهما في منطقتنا؟. وماذا سيكون مصيرهما ومصير من تعلق بحبالهما ووصلهما لنيل قطعة من الجنة الواهمة؟. ما يحدث اليوم في فلسطين وما يحدث في لبنان وفي العراق ومع ايران، يعكس حقيقة مهمة جدا، ولكن على الجميع ادراكها، وهي أن لا فائدة من أعرج غبي وجاهل وساذج ولا من اعمى لا يعتمد في رؤية الحقيقة الا على هذا الاعرج الساذج، وأن الاعاقة العقلية هي من أشد الإعاقات ضررا على صاحبها بل قد تشكل هذه الاعاقة نهايته وتحفر له قبره. وأترك للقارئ الكريم أن يتابع ما يحدث ويقارن بين ما يحدث وبين قصة الاعمى والاعرج. بل أكثر من ذلك قد تنطبق هذه القصة على أوضاعنا الداخلية أيضا وأترك لكم المطابقة والحكم.
|
|