هل نعرف قيمة (الصلوات على محمد وآل محمد) ؟
|
*يونس الموسوي
كانت الأقوام السابقة تعرف الصلوات أكثر من المسلمين اليوم الذين يبترونها ولايتمونها كما جاءت إليهم وكما سنّها لهم رسول الله صلى الله عليه وآله، والحال أن الأقوام السابقة كانت تتبرك بالصلوات وتحل مشاكلها الكبيرة عن طريقها، فقد جاء في تفسير الإمام العسكري عليه السلام أن بني إسرائيل كانوا يلاقون العذاب على يد الفراعنة (... وكان من عذابهم الشديد أنه كان فرعون يكلفهم عمل البناء والطين ويخاف أن يهربوا عن العمل فأمر بتقييدهم فكانوا ينقلون ذلك الطين عبر السلالم إلى السطوح، فربما سقط الواحد منهم ومات أو زمن (تعوق) ولايحفلون به ولا يبالون، حتى أوحى الله عزوجل إلى موسى عليه السلام قل لهم: لايبتدأون عملاً إلّا بالصلاة على محمد وآله الطيبين ليخف عليهم. فكانوا يفعلون ذلك فيخف عليهم، وأمر كل من سقط أو زمن ممن نسي الصلاة على محمد وآله الطيبين أن يقولها على نفسه إن أمكنه أو يقال عليه، إن لم يمكنه فإنه يقوم ولايضره ذلك، ففعلوها، فسلموا.
"يذبحون أبناءكم" وذلك لما قيل لفرعون أنه يولد في بني إسرائيل مولود يكون على يده هلاكك وزوال ملكك. فأمر بذبح أبنائهم، فكانت الواحدة تصانع القوابل عن نفسها لئلا ينم عليها (ويتم) حملها ثم تلقي ولدها في صحراء أو غار أو جبل، أو مكان غامض وتقول عليه عشر مرات الصلاة على محمد وآله، فيقيض الله له ملكاً يربيه، ويدر من اصبع له لبناً يمصه ومن اصبع طعاماً ليناً يتغذاه حتى نشأ بنو إسرائيل وكان من سلم منهم ونشأ أكثرممن قتل.
"ويستحييون نساءكم" يبقونهن على قيد الحياة ليتخذوهن إماءً، فضجوا إلى موسى وقالوا يفترعون ـ يغتصبون ـ بناتنا وأخواتنا فأمر الله تلك البنات كلما رابهن ريب من ذلك صلين على محمد وآله الطيبين فكان الله يرد عنهن أولئك الرجال، إما بشغل أو مرض أو زمانة أو لطف من ألطافه، فلم يفترش أحد منهن إمرأة، بل دفع الله عزوجل ذلك عنهن بصلاتهن على محمد وآله الطيبين..
وبعد هذه الرواية التي وردت في تفسير الإمام العسكري عليه السلام أتساءل وأقول:
هل عقيدة المسلمين اليوم وتحديداً الشيعة بالصلوات على النبي وآله، تصل إلى هذا الحد حتى إنهم يستفيدون منها لمعالجة بعض أمورهم المستعصية؟
بالطبع قبل أن يجري الحديث عن إمكانية الإستفادة من الصلوات لمعالجة قضايانا ومشاكلنا لابد أن نتحدث أولاً عن قيمة الصلوات، فقليل من المسلمين يعرفون قيمة هذا الشعار العظيم الذي رفعه رسول الله صلى الله عليه وآله، وأكبر دليل على عدم معرفتهم بذلك هو أنهم يصلون الصلاة المبتورة حيث يصلون على النبي ويتركون الآل، وهم لايعرفون أن هذه هي الصلاة المبتورة التي لاقيمة ولا وزن لها كما وصفها رسول الله صلى الله عليه وآله في أحد أحاديثه التي ينقلها المسلمون كافة.
وهناك فرق بين قوم يستفيدون من هذه الصلوات كدرع تحميهم من بطش الأعداء وجرائمهم وبين قوم لايعرفون قيمة لهذه الصلوات بل لايأتون بها إلا وهي مبتورة حيث لاتنفعهم في الدنيا ولا في الآخرة.
وهناك قصة أخرى نقلها الإمام العسكري عليه السلام أيضاً في تفسيره، وهي تتحدث عن أحوال المسلمين بعد هزيمتهم في أحد وكيف كان اليهود يشنعون بهم ويستهزؤون برسالتهم وقال الإمام عليه السلام: أن المسلمين لما أصابهم يوم أحد من المحن ما أصابهم، لفي قوم من اليهود –بعده بأيام- عماربن ياسر وحذيفة بن اليمان فقالوا لهما: ألم تريا ما أصابكم يوم أحد؟ إنما يحارب في أحد طلاب ملك الدنيا، حربه سجالاً فتارة له وتارة عليه فارجعوا عن دينه! فقال حذيفة: لعنكم الله لا أجالسكم ولا أسمع كلامكم أخاف على نفسي وديني وافر بهما منكم، وقام عنهم يسعى.. أما عماربن ياسر، فلم يقم عنهم ولكن قال لهم: معاشر اليهود إن محمداً وعد أصحابه الظفر يوم بدر إن صبروا فصبروا وظفروا، و وعدهم الظفر يوم أحد أيضاً إن صبروا، ففشلوا وخالفوا، فلذلك أصابهم ما أصابهم، ولو أنهم أطاعوا وصبروا ولم يخالفوا لما غلبوا، فقالت له اليهود: يا عمار وإذا اطعت أنت غلب محمد سادات قريش مع دقة ساقيك؟ فقال عمار: نعم، والله الذي لا إله إلا هو بعثه بالحق نبياً، لقد وعدني محمد من الفضل والحكمة ما عرفنيه من نبوته، وفهمنيه من فضل أخيه و وصيه وصفيه وخير من يخلفه من بعده، والتسليم لذريته الطيبين المنتجبين وأمرني بالدعاء بهم عند شدائدي ومهماتي وحاجاتي، ووعدني أنه لايأمرني بشيء فاعتقدت فيه طاعته إلا بلغته حتى لو أمرني بحط السماء إلى الأرض، أو رفع الأرضين إلى السماوات لقوى عليه ربي بدني بساقي هاتين الدقيقتين، فقالت اليهود: كلا والله يا عمار، محمد أقل عند الله من ذلكّ! وأنت أوضع عند الله وعند محمد من ذلك! (لا ولا حجراً فيها اربعون منا).
فقام عمار عنهم وقال: لقد أبلغتكم حجة ربي ونصحت لكم، ولكنكم للنصيحة كارهون، ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقال له رسول الله: يا عمار قد وصل إليّ خبركما، أما حذيفة فإنه فر بدينه من الشيطان وأوليائه، فهو من عباد الله الصالحين، وأما أنت يا عمار فإنك قد ناضلت عن دين الله ونصحت لمحمد رسول الله فأنت من المجاهدين في سبيل الله الفاضلين.
فبينا رسول الله صلى الله عليه وآله وعمار يتحادثان إذ حضرت اليهود الذين كانوا كلموه فقالوا: يا محمد ها صاحبك يزعم أنك إن أمرته برفع الأرض إلى السماء أو حط السماء إلى الأرض، فاعتقد طاعتك وعزم على الائتمار لك، لأعانه الله عليه ونحن نقتصر منك ومنه على ما هو دون ذلك، إن كنت نبياً. فقد قنعنا أن يحمل عمار مع دقة ساقيه هذا الحجر.. وكان الحجر مطروحاً بين يدي النبي صلى الله عليه وآله بظاهر المدينة يجتمع عليه مائتا رجل ليحركوه فلا يمكنهم.
فقالوا له: يا محمد! إن رام احتماله لم يحركه، ولو حمل ذلك على نفسه لانكسرت ساقاه وتهدم جسمه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لاتحتقروا ساقيه فأنهما اثقل في ميزان حسناته من ثور ثبير وحراو أبي قبيس بل من الأرض كلها وما عليها، وإن الله خفف بالصلاة على محمد وآله الطيبين ما هو أثقل من هذه الصخرة، خفف العرش على كواهل ثمانية من الملائكة بعد أن كان لايطيقه معهم العدد الكثير والحجم الغفير.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عمار اعتقد طاعتي وقل: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين قوّني ليسهل الله لك ما أمرك به كما سهل على كالب بن يوحنا عبور البحر على متن الماء وهو على فرسه يركض عليه لسؤاله الله بجاهنا أهل البيت، فقالها عمار واعتقدها، فحمل الصخرة فوق رأسه وقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، والذي بعثك بالحق نبياً لهي أخف في يدي من خلالة أمسكها بها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: حلق بها في الهواء فستبلغ بها قلة ذلك الجبل وأشار إلى جبل بعيد على قدر فرسخ فرمى بها عمار، وتحلقت في الهواء حتى انحطت على ذروة ذلك الجبل، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لليهود: أو رأيتم؟ قالوا: بلا، وبعد مشاهدة هذه المعجزة آمن عدد من اليهود وكفر آخرون.. وللرواية تتمة لم يتسع المجال لذكرها.
إن ذكر محمد وآل محمد مفتاح من مفاتيح رحمة الله وأنه سيحصل على هذا المفتاح من يعتقد بحقيقة الولاية لآل البيت.
|
|