قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
على ابواب شهر الرحمة والغفران والدعاء وربيع القرآن
أيها الناس: شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله تعالى.. فلنلتزم بشروط الضيافة
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة خاطب الرسول الأكرم (ص) في آخر شعبان المسلمين خطبة رائعة بجدول وبرنامج عملي لشهر رمضان المبارك تحدث فيها صلى الله عليه وآله وسلم عن شهر رمضان ليهيئ المسلمين لاستقبال شهر الله العظيم الذي لا يقاربه شهر من الشهور، وليتم استثماره بالشكل الصحيح والكيفية التي أرادها الله تبارك وتعالى. ومما جاء الخطبة:: ( أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اللهِ بِالْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ اللهِ أَفْضَلُ الشُّهُورِ، وَأَيَّامُهُ أَفْضَلُ الأيام، وَلَيَالِيهِ أَفْضَلُ اللَّيَالي، وَسَاعَاتُهُ أَفْضَلُ السَّاعَاتِ، هُوَ شَهْرٌ دُعِيتُمْ فِيهِ إِلى ضِيَافَةِ اللهِ، وَجُعِلْتُمْ فِيهِ مِنْ أَهْلِ كَرَامَةِ اللهِ. أَنْفَاسُكُمْ فِيهِ تَسْبيحٌ، وَنَوْمُكُمْ فِيهِ عِبَادَةٌ، وَعَمَلُكُمْ فِيهِ مَقْبُولٌ، وَدُعَاؤُكُمْ فِيهِ مُسْتَجَابٌ فَاسْأَلُوا اللهَ ربَّكُمْ بِنِيَّات صَادِقَة، وَقُلُوب طَاهِرَة أَنْ يُوَفِّقَكُمْ لِصِيَامِهِ وَتِلاَوَةِ كِتَابِهِ، فَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ غُفْرَانَ اللهِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ، وَاذْكُرُوا بِجُوعِكُمْ وَعَطَشِكُمْ فِيهِ جُوعَ يَومِ الْقِيَامَةِ وَعَطَشِهِ، وَتَصَدَّقُوا عَلى فُقَرائِكُمْ وَمَسَاكِينِكُمْ، وَوَقِّرُوا كِبَارَكُمْ، وَارْحَمُوا صِغَارَكُمْ، وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ، وَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ، وَغُضُّوا عَمَّا لاَ يَحِلُّ النَّظَرُ إِلَيْهِ أَبْصَارَكُمْ، وَعَمَّا لاَ يَحلُّ الاستماع إِلَيْهِ أَسْمَاعَكُمْ، وتحنَّنُوا على أيتامِ الناسِ يُتَحنَّنُ على أيتامكم. وتُوبُوا إلى اللهِ من ذنوبِكم، وارفَعُوا إليه أيديكم بالدعاءِ في أوقاتِ صَلواتِكُم فإنِّها أَفضَلُ الساعاتِ يَنظرُ اللهُ عزَّ و جلَّ فيها بالرحمةِ إلى عبادِه: يُجيبُهم إذا ناجَوه، ويُلبِيهِم إذا نادَوه، ويعطيهم إذا سألوه، ويَستَجيبُ لهُم إذا دَعَوه..) وفي نهاية خطبته قام أميرُ المؤمنين عليه السلام وقال يا رسول الله ما أفضلُ الأعمال في هذا الشهر؟. فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): الورعُ عن محارمِ الله.
إنه شهر تم فيه دعوتنا إلى ضيافة الله تبارك وتعالى فأكرمنا بمظاهر الضيافة الربانية، مادمنا نلتزم بشروط الضيافة، ومنها أن هذا الشهر الفضيل هو شهر الدعاء، بأن نسأل الله تعالى بنيات صادقة وقلوب طاهرة.
إني أستحي من عبدي !:
والدعاء كما ورد في الأحاديث الشريفة هو "مخ العبادة". وقد ورد في الأحاديث القدسية قول الله سبحانه: (إني لأجدني أستحي من عبدي يرفع إلي يديه يقول: يارب يارب، فأردهما فتقول الملائكة إلهنا: إنه ليس أهلا لتغفر له، فأقول: ولكني أهل التقوى وأهل المغفرة أشهدكم إني قد غفرت لعبدي). وقد قال نبي الرحمة (ص) في خطبته (أيُّها الناس: إِنَّ أبوابَ الجَنانِ فِي هذا الشهرِ مُفَتَّحَةٌ فَسَلُوا رَبَّكَمُ أَنْ لا يُغْلِقَها عليكم، وأبوابَ النيرانِ مُغَلَّقَةٌ فَسَلُوا ربَّكُم أَنْ لا يَفتَحَها عليكم، والشياطينَ مغلولةٌ فسلوا ربَّكم أن لا يُسلِّطَها عليكُم).
ربيع القرآن
وأنه شهر (ربيع القرآن) كما ورد في الأحاديث الشريفة، وقد قال الرسول الأكرم (ص): ( ومَن تَلا فيه (رمضان) آيةً مِن القرآنِ كان له مثلُ أجرِ مَنْ خَتَمَ القرآنَ فِي غيرِه مِن الشهورِ). وقال في حديث آخر (إن أردتم عيش السعداء، وموت الشهداء، والنجاة يوم الحسرة، والظل يوم الحرور، والهدى يوم الضلالة، فادرسوا القرآن، فانه كلام الرحمن وحرز من الشيطان ورجحان في الميزان).
العبد إذا تاب
وليس هنا من فرصة اكبر وأوسع أمام الإنسان من شهر رمضان للتوبة والاستغفار والعودة إلى الرّب تعالى، والإقلاع عن الخطايا والذنوب، ونيل رضا ورحمة الباري عز وجل، وقد ورد في الأحاديث الشريفة أن الله تعالى أوحى إلى داود: (يا داود، إن عبدي المؤمن إذا أذنب ذنبا ثم تاب من ذلك الذنب واستحيا مني عند ذكره غفرت له وأنسيته الحفظة وأبدلته حسنة ولا أبالي وأنا أرحم الراحمين). وقد قال الرسول الأعظم (ص) في حطبته : (أيٌّها الناس: إنَّ أنفسَكم مرهونةٌ بأَعمالِكم ففُكُّوها باِستغفارِكم، وظهورُكُم ثقيلةٌ من أوزارِكم فَخَفِّفُوا عَنها بِطُولِ سُجودِكُم، واعلمُوا أَنَّ اللهَ تَعالى ذِكْرُهُ أَقسَمَ بِعِزَّتِهِ أن لا يُعذِّبَ المُصلِّينَ والساجدينَ، وأن لا يُرَوِّعُهُمْ بالنارِ يومَ يقومُ الناسُ لربِّ العالمينَ).
لننظم علاقاتنا بالإحسان ولنُحسّن أخلاقنا
ومن الأمور المهمة التي يجب أن نهتم بها في شهر رمضان تنظيم علاقاتنا الإنسانية الاجتماعية، وتعزيز التواصل والتراحم والتكافل الاجتماعي، كما جاء في خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. كما قال أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام "اجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك، فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لها ولا تظلم كما لا تحب أن تظلم، وأحسن كما تحب أن يحسن إليك، واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك". كما يحثنا صلى الله عليه وآله وسلم في مورد آخر للخطبة المباركة أن يحسن الإنسان خلقه وأن تكون له الإرادة القوية في تحسين خلقه وان يكون خلقه حسناً مع نفسه ومع أهله ومع الناس أن يطهر قلبه من الشوائب من الحقد والضغينة من الحسد والنفاق من الكذب والدجل ومن كل ما يسخط الله تعالى (أيُّها الناس: من حسَّن مِنكم في هذا الشهرِ خُلُقَه كان له جَوازاً على الصراطِ يوم تزلُّ فيه الأقدامُ، ومن خفَّفَ في هذا الشهرِ عمَّا مَلَكَتْ يمينُه خفَّف اللهُ عليه حسابَه، ومن كفَّ فيه شرَّه كفَّ اللهُ عنه غَضبَه يومَ يلقاه، ومن أكرم فيه يتيماً أكرمَه اللهُ يومَ يَلقاه، ومَن وَصَل فيه رَحِمَه وصلَه اللهُ بِرحمتِه يومَ يَلقاه، ومن قطَع فِيه رحمَه قطَع الله عنه رحمَتَه يومَ يَلقاه، ومَن تَطوَّعَ فيه بصلاةٍ كتَب الله له براءةً من النارِ، ومن أدَّى فيه فرضاً كان له ثوابُ مَن أدَّى سَبعينَ فَريضةً فيما سواه من الشُهورِ. ومن أكثرَ فيهِ مِن الصلاةِ عليَّ ثَقَّل اللهَ مِيزانَه يومَ تَخِّفُّ الموازينُ)
ابشروا عباد الله
وقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام)، قال: (إن لله تعالى ملائكة موكلين بالصائمين يستغفرون لهم في كل يوم من شهر رمضان إلى آخره، وينادون الصائمين كل ليلة عند إفطارهم، ابشروا عباد الله فقد جعتم قليلا وستشبعون كثيرا، بوركتم وبورك فيكم، حتى إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان نادوهم: ابشروا عباد الله فقد غفر الله لكم ذنوبكم وقبل توبتكم فانظروا كيف تكونون فيما تستأنفون).
جائزة ليست كجوائز العباد !.
هكذا يريدنا الإسلام في شهر رمضان، هكذا يريدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ندخل شهر رمضان بهذه الوصية لنستطيع أن نحصل على الجائزة الكبرى التي وعدنا إلله تعالى بها ونحن نستقبل عيد الفطر السعيد (إنما هو عيد لمن قبل الله صيامه وقيامه)، وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: (أيُّها الناس، إنّه مَن ورَدَ عليه شهرُ رمضان وهو صحيح سَوِيّ، فصام نهارَه، وقام وِرْداً مِن ليله، وواظب على صلاته، وهجّر إلى جمعته، وغدا إلى عيده، فقد أدرك ليلة القدر، وفاز بجائزة الربّ).قال الإمام الصادق عليه السّلام: فازَ واللهِ بجوائز، ليست كجوائز العباد !.
فلا بد أن نشعر ونحن في هذا الشهر المبارك إننا نعيش مع الله تعالى في كل أعمالنا وأقوالنا في رحابه وفي ضيافته، فالخسارة الكبرى في خسرانه (فان الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم).وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.