دور الأم في تقويم سلوك ابنتها المراهقة
|
* إعداد / ايمان عبد الامير
معروف إن المراهقة فترة التمرد والعصيان لدى البنات، لكن هذا لا يعني أن تترك الأم ابنتها في مهب الريح دون أن تكون أقرب صديقاتها لتعبر هذه المرحلة بأمان. لذا فان هذه المرحلة العمرية للفتاة بحاجة معرفة وثقافة من الأُم للوقوف عند التغيُّرات المزاجية والنفسية التي تمر بها ابنتها.
البحث عن الشخصية المستقلة
أنّ الفتاة في العصر الحالي وبدلا من تقربها لوالدتها نجدها تنأى عنها تحت مسمي الإستقلال والحرِّية، فكيف تصبح الأُم صندوقاً آمناً لحفظ أسرار ابنتها وعونها لها على اجتياز فترة تحدد مكونات شخصيتها؟ خاصة وأن وسائل الإعلام تلعب في العصر الحالي دوراً مهماً في تغيير اتجاهات الناس وصناعة أفكارهم وتوجهاتهم. فيما الفتاة تسعى في هذه المرحلة العمرية لاكتشاف نفسها وصياغة شخصية خاصة بها.
إنّ شعور المراهقة بقرب الأُم منها يعطيها فرصة مصارحتها ومصادقتها، بدلاً من النفور والإنزواء بل والإصابة بالعقد النفسية العديدة، فالحواجز التي تضعها الأُم تجعل المراهقة حبيسة الأفكار المتضاربة وتبدأ في البحث عن بديل للأُم، لتفرغ مكنون نفسها لديه، وقد يكون الإختيار خطأ أحياناً، مما قد يدفعها إلى الإتيان بتصرفات خاطئة وربما تكون العواقب وخيمة اذا انجرت الفتاة الى اعمال وممارسات لا اخلاقية، إما عن جهل أو لغياب الدور الأساسي للأُم.
وبين الكم الهائل من القنوات الفضائية والتقدّم التكنولوجي والإنفتاح على العالم عبر الإنترنت تجد البنت ألف طريق ومسلك بعيداً عن أُمّها لدخول عالم الإنترنت او تصفح القنوات الفضائية التي لا تلتزم بالقيم والتقاليد وتجعل البنات يبتعدن عن الأسرة في مرحلة تمرد ومعتقدات متلاطمة غير صائبة ينتج عنها حالات الإنحراف والابتعاد عن أي شيء يتعلق بالالتزام والتقيّد.
وإذا كانت المشكلات تتراكم في نفسية المراهقة فالمسؤولة الأولى هي الأُم التي لم تصادق ابنتها ولا مبرر لإنشغال الأُم بالعمل خارج المنزل دون الإهتمام بدورها الأساسي في تربية أبنائها ومراقبة الإنترنت او القنوات الفضائية لما له من آثار سيِّئة على تكوين شخصية الأبناء إذا وجدوا فيه الملاذ بعيداً عن عيون الأسرة. ويؤكد جميع الخبراء في علم الاجتماع وايضاً علماء الدين على خطأ استخدام العنف والزجر لتقويم مسار المراهقة أو المراهق اذا ما ابتعد عن الطريق قليلاً، إنما اسلوب الحوار والاقناع وتبادل الافكار والهموم في اجواء ودّية هو السبيل الآمن للوصول على قلوب الابناء .
امتصاص الخلافات
هناك خلافات في فترة المراهقة لابدّ وأن تمر بها الأم مع ابنتها، فلا تعتقد أن الخلاف معها بخصوص ملابسها، او اختيارها لبعض الكتب للمطالعة انما لمجرد العناد والتمرد، بل إنّها محاولة لرسم شخصيتها بنفسها، وكل ما على الام في هذه الحالة مصادقتها ومخاطبتها بنبرة هادئة ودودة كي تتقبل التوجيهات الطيبة.
من جانب آخر يؤكد علماء النفس أنّ خلافات الأُم وابنتها المراهقة تدور حوالي 15 دقيقة على الأكثر، وقد تكون بشكل شبه يومي على عكس الأولاد المراهقين الذين يتجادلون ويشاغبون مع الأُمّهات كل سبعة أيام في المتوسط ولمدة 6 دقائق فقط.
هذا كما تعد هذه الخلافات قناة تنفيس للفتيات خاصة في حالات المزاج المتقلب التي تحدث كل يوم، فالفتاة مثلاً لا تتحدث مع صديقتها المقربة في حالة خصام، أو إذا تلقت مكالمة قلبت كل خططها، أو مشكلة تحيط بها ولا تعرف لها حلاً، أو ألمَّ بها أمر تافه صممت على المبالغة في حجمه، وتصبح أعصابها متعبة وترفض الأكل، ولا تجد أمامها سوي الأُم تشتبك معها! الامر الذي يتعين على الأم ان تستوعب الحالة وتتفهم الحالة النفسية لبنتها في خطوة نحو كسبها الى جانبها وتهدئة خواطرها.
حقاً ان مرحلة المراهقة بالنسبة للفتيات أمرٌ غاية في الاهمية والحساسية لأن هذه الفتاة وفي هذه المرحلة العمرية ستكون بعد بضعة سنين أماً على شاكلة أمها، تتزوج وتقترن بشاب وتكون أسرة وتنجب اطفالاً وتحمل على عاتقها بالاشتراك مع زوجها اعباء تنظيم برامج تربوية واعداد منظومة اخلاقية يسيرون على ضوئها في حياتهم المشتركة، لذا يتعين على الأم ان تحسب الف حساب قبل ان تتكلم مع ابنتها او تتخذ اي موقف منها.
|
|