قسم: الاول | قبل بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
الدعوة لمدرسة أهل البيت (ع)..
لنبدأ من حيث انتهى الآخرون
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة *يونس الموسوي
أحاديث الرسول وآل بيته صلوات الله عليهم الموجودة في الكتب والمجلدات، لم تدوّن وتُصرف من أجلها الجهود وتبذل من أجلها الارواح لتصفف في المكتبات وعلى الرفوف المتربة، ولا من أجل الوعظ المجرد من الروح والواقعية. إنما من اجل بناء حياة الإنسان وتحقيق سعادته الدنيوية قبل الأخروية، فالله سبحانه وتعالى شرع للبشرية نظاماً متكاملاً للحياة يستطيعون عن طريقه أن يحققوا جميع أهدافهم المعنوية وحاجاتهم المادية.
وإذا لاحظنا أن حياتنا تعيسة وسيئة، فذلك يعود إلى أننا لم نأخذ بسنة الرسول ولا بسنة أهل بيته الأطهار، وإلا فإن منهجهم صلوات الله عليهم لاشك أنه يقود إلى سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.
لاحظوا القيم التي ينادي بها أهل البيت عليهم السلام. إنها قيم رفيعة، ولاشك أن العمل بها يرفع الأمة إلى مستوى الرقي والتكامل، وبدلاً من أن تصبح بلاد الغرب هي بلاد العلم والحضارة تتحول بلداننا إلى كعبة ومنارة الإيمان.
لايكفي أن يقول الرجل أنا شيعي وهو لايطبق شيئاً من تعاليم أهل البيت صلوات الله عليهم، فالشيعي هو المتبع لوصايا وإرشادات أهل بيت النبوة، وبهذا يكون ويسمى شيعياً، أما الذي يسمي نفسه شيعياً بينما لايأخذ شيئاً من أهل بيت النبوة، فهذا مصيبة اعظم وسؤاله وحسابه أشد من ذلك الذي لايعرف منهج أهل البيت! كالرجل الذي بيده جوهرة فأراد بيعها، فباعها بثمن بخس، فهذا حسابه أشد من ذلك الرجل الذي لايعرف قيمة هذه الجوهرة، وهذا منطق العقل يقول به ونلاحظه في الحياة العامة، حيث نجد أن الشيعي الذي يفقد روح الالتزام بتعاليم الدين وأهل البيت هو أسوأ حالاً من ذلك المسلم الذي لم يتعرف على تلك التعاليم.
أن المفروض أن تتحول جميع وسائلنا الإعلامية المرئية والسمعية والمقروءة إلى لسان صدق في نشر ثقافة أهل البيت صلوات الله عليهم، والدعوة إلى قيمهم ومعارفهم. لأن حياة المجتمع الإسلامي تنهض وتنبعث مع إزدهار قيم وتعاليم الإسلام المجيد، وحتى يعرف الناس جميعاً ما هي معالم مدرسة أهل البيت؟ وما هي المعارف التي تشتمل عليها؟ وما هي العلوم التي تبثها هذه المدرسة؟ وعندها يستطيعون التمييز بين هذه المدرسة التي تدعو إلى العلم والمعرفة وبين المدرسة الأخرى التي تدعو إلى الإرهاب والقتل والدموية ولاتملك إلا لغة الهمجية، هذه المدرسة التي شاهدنا صوراً من جماعة (طالبان) في افغانستان التي قمعت العلم والعلماء، وحرمت المرأة من التعليم، وفرقت الأمة وقتلت النساء والأطفال والشيوخ. ورغم انهيار حكمهم، إلا انهم مايزالون مصرين على نهجهم الجاهلي البعيد كل البعد عن نهج الاسلام المحمدي.
يجب أن يعرف العالم أن مدرسة أهل البيت عليهم السلام هي مدرسة للحياة فيها دروس العلم والحضارة، وهي تنشئ الأمة على حب العلم والمعرفة، وتقدير العلماء بتوجهاتهم وقناعاتهم كافة. كما يجب أن تعرف الدنيا حقيقة مدرسة أهل البيت، والمعارف التي يبلغون إليها، والكلمات التي نطقت بها ألسنتهم، والتي لايمكن تقديرها و وزنها حتى بالذهب، ذلك أن قيمتها العلمية تفوق كل قيمة.
المطلعون على أحاديث رسول الله وأهل بيته صلوات الله عليهم يعرفون أن تعاليمهم ومعارفهم تشمل العلوم والمعارف كافة التي يحتاجها الإنسان إبتداءً من العلوم الدينية ومروراً بالمبادئ والقيم الاخلاقية والانسانية وليس انتهاءً بالعلوم الطبيعية، ففي كل مجال من مجالات الحياة هنالك برامج وتعاليم وقيم، وينبغي على أرباب القلم والثقافة والفكر ان يعيدوا صياغة المناهج باساليب جديدة مفهومة لأهل هذا العصر، لتكون نافعة لحياة الأمة و تتحول إلى نظريات علمية تدرس في المدارس والجامعات أو على الأقل يفهمها طلاب العلم من ذوي التخصصات المختلفة.
ومع اقرارنا واكبارنا لكل الجهود المبذولة لتقديم نهج اهل البيت عليهم السلام الى المجتمع الاسلامي، لكن ما يجب قوله هو ان الجهود الفردية لا يمكن ان تثمر ما لم تتضافر وتتعاون ضمن مؤسسات ثقافية متكاملة تأخذ على عاتقها مسؤولية البحث والتحقيق والتبويب لتخرج لنا سيرة أهل البيت ونهجهم، أو بالاحرى لنكون أمام اجوبة لأسئلة غير قليلة من مختلف نواحي الحياة من المعين الاساس والنبع الصافي المتمثل في اهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله.
هكذا مؤسسات ترى النور عندما يشهد العالم الاسلامي نهضة ثقافية وصحوة فكرية تضع جانباً كل الافكار الدخيلة والمستوردة جانباً، بعد تمحيصها والتأكد من فسادها وعدم صلاحيتها للتطبيق في مجتمعاتنا الاسلامية، وهذا ما قامت به ثلّة من المثقفين المؤمنين في سني القرن الماضي، لكن الاصطدام مع طالبي السلطة والجاه، أدى الى توقف المسيرة حوالي جيل كامل وانحراف المسيرة صوب العنف والحرب والدمار وشحن الاذهان بمفاهيم جاهلية من قبيل الهيمنة والتسلّط وتحكيم لغة السلاح والقوة لتحقيق الهدف المطلوب ثم العيش دائماً تحت دثار الخوف وهاجس هجوم الاعداء.