التعليم والتعيين
|
عبد الستار جبر
دولتنا تخرج أجيالا، لكنها لا تعرف كيف تستثمرهم؟ والنتيجة هدر للكفاءات والأموال ومؤسسات شبه كسيحة، ومن ثم دولة غير منتجة، ولا يمكنها أن تضع خطواتها على طريق التحضر والنمو الاقتصادي. ما فائدة نظام تعليمي يصرف المليارات على تعليم الأجيال، لكنه لا يضع الاستراتيجيات الفاعلة لاستثمارهم؟ كيف تبني الدولة مؤسساتها إذن؟ وكيف تستطيع أن تحافظ على مقدراتها وثرواتها وتنميتها؟
أجيال تتخرج، يحظى بعضهم بفرصة التعيين، فيما يظل الآخرون يحلمون. هل الحظ هو من حالف البعض، وخذل غيرهم؟ حتى يمكن القول أن التعيين أصبح كالزواج "قسمة ونصيب"، لكن في الزواج سيكون الحال أفضل بالتأكيد، لأن المرء سيحظى بشريك حياته، وان كان بالكاد يمكن تجرعه من دون وظيفة، لكن في التعيين، من هو سعيد الحظ الذي سيحظى بوظيفة؟.
هل الكفاءة هي مقياس التعيين؟ أو الدرجات العالية أو التخصصات المطلوبة؟ لا شك إنها معايير أساسية لا ينبغي إغفالها لدى التعيين؟ لكن هل طبقت فعلا، أو ثمة معايير أخرى كانت هي مفتاح الطريق الى الوظيفة؟...
الواسطة، الرشوة، الحزبية، التزكية، التزوير، هي من فتحت أبواب الدولة للبعض، وأغلقتها بوجه الآخرين، في وقت اجتاحت فيه الفوضى .. وندفع جميعا ثمنها من فساد إداري ومالي ينخر بدوائرنا ويهدر ثرواتنا ويعيق تقدمنا.
ما اعرفه أن التعيين يخطط له وفقا لحاجة الدولة لدعم مؤسساتها والمحافظة على بناها التحتية وتطويرها، وتنمية ثرواتها وبرامجها الإنتاجية، وتوسيع هيكلياتها الإدارية وفقا لخططها الاستراتيجية في استيعاب الطاقات والكفاءات في مجالاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وإذا كانت وزارتا التربية والتعليم العالي هما الورشة الأساسية التي تهيئ الموارد البشرية والمعرفية، لرفد احتياجات الدولة في قطاعاتها العامة وفي رؤاها الاستراتيجية لبناء الاقتصاد الوطني الذي يشمل أيضا رسم سياسة استثمارية للقطاع الخاص، ينبغي إذن أن تعيدا حساباتهما بدقة بالغة في مسؤولياتهما وفي دورهما الوظيفي الحساس والخطير.
لكن من يرسم سياسة التعليم الآن، ومن هو المسؤول عن النظام التعليمي في العراق؟ وعن مدى كفاءته في تغذية مؤسسات الدولة، وكيف يستفاد منه في التنسيق الفعال بين الوزارات؟.. أسئلة تثيرها ضرورة المراجعة الملحة لسياسة الدولة في هذا المجال، أمام البرلمان والحكومة.. لينظرا بجدية بالغة لأهمية التكامل الاستراتيجي بين التعليم والتعيين، وأثرهما في مستقبل البلد.
|
|