"قمصان" عثمان و "شعرة" معاوية !؟
|
علي التميمي
بصريح العبارة لن ينفع ان نغض الطرف عن حقيقة ان البلاد ومسار العملية السياسية كانت منذ سنوات، واستمرت للاسف (خاصة خلال الاشهر الثمانية الماضية ولغاية الآن) و هي في عين العاصفة. وان على السطح وتحت الرماد، الكثير من القضايا المشتعلة وتلك القابلة للانفجار اوبعبارة ادق "للتفجير" لمن يهوى او يحترف هذه اللعبة المقيتة، وما اكثرهم من جهات واطراف لاتريد للعراق وشعبه ان يرتاح وينطلق ويبني نفسه ومستقبله المأمول.. وللاسف أيضا فإن ممارسة واداء اكثر الساسة في البلاد، أسهمت ولاتزال في استمرار هذه الحالة المؤذية الى الدرجة التي اصبحنا فيها اليوم وبعد اشهر على الانتخابات، لانستطيع إن نتفق ولو على ادنى حد من القواسم المشتركة لتسهيل تشكيل الحكومة، والالتفات الى ملفات بناء البلد اقتصاديا وتعزيز امنه، وتوفير الخدمات الماسة للشعب. كل ذلك فيما الاخوة المتصارعون (حتى لانقول (الاعداء)، بات في الآونة الاخيرة، كل منهم يرفع بوجه الاخر الف قميص لعثمان !، بدلا من الحفاظ على (شعرة معاوية) !. فمن قميص الانتخابات واتهامات التزوير، الى التفسيرات الدستورية بشأن الكتلة الاكبر والاصغر.. مرورا بقمصان الترشيحات لكرسي رئاسة الوزراء، والتشظيات التي صاحبتها، ثم الجولات المكوكية على دول الاقليم، لدرجة انهم باتوا أشبه بفرقة (جوالين)، وكل منهم بالطبع يدعي أنه يقوم بذلك لتطمين الجوار وشرح الحال لا اكثر ولا اقل، فيما هو نفسه يقوم من جهة ثانية بإتهام الاخر بفسح المجال امام التدخل الخارجي في شأن تشكيل الحكومة..!، وليس انتهاءً، باختلاف المواقف والاراء بخصوص قرار المحكمة الاتحادية بإنهاء جلسة البرلمان المفتوحة، ومارافقها خلال هذه الايام من إثارات ورفع لـ"قميص ويكيليكس"! وتسريباته لما يقول انها وثائق امريكية (سرية)!؟، باتت تلاحقها علامات استفهام كبيرة حول توقيتها، ومغزاها ؟!.
لقد شهدت الساحة السياسية، والمجتمع، الكثير من الأحداث والمشاحنات و(كوكتيل) مزعج من الأزمات على أكثر من صعيد، وكلها كان بالإمكان تلافيها لو سادت الحكمة بدلا من الانفلات، والعقل بدلا من التهور، والتفاهم والوحدة ولو بإدنى درجاتها !. كل هذه وغيرها شهدتها البلاد ولاتزال تداعياتها قائمة، ولا ندري متى تنتهي. وللاسف فكلها ايضا كانت ولاتزال فرصة لاعداء بلدنا، مثلما هي ـ وللاسف الشديد ـ فرصة للبعض من السياسيين والنواب والاحزاب، للمشاركة في سباق الردح أمام عدسات التلفزيون والصحافة لإظهار مواقفهم المشرفة وانجازاتهم الكرتونية وبلاغتهم (اللا لسانية) التي تزيد من أوضاعنا تأزما واشتعالا فوق اشتعالها، وكأننا نعاني نقصا أو فقرا في المشاكل، ووجع الرأس، وسدّ النفس الذي بدأ مع المواطن منذ الحكومات السابقة ودورة البرلمان الماضي، اي منذ أن جاء اليه بعض المسؤولين والنواب الذين يقولون بألسنتهم غير ما يفعلون، وكأنهم نسوا أو تناسوا القسم الذي أدوه في بداية جلوسهم على كراسي المسؤولية، وكأنهم لا يعلمون أنه قسم لو تعلمون عظيم !.
لا ننكر عليهم طبعا أن يصرحوا ويتحدثوا ويبحثوا عن مصالحهم السياسية (المشروعة والمفهومة )في إطار (لعبة السياسة)، لكننا أيضا لا نريد أن يشطحوا إلى درجة الفجور بالادعاءات والوعود، وحتى بالخصومة فيما بينهم، لأن ذلك لن يؤدي الى علاج مشاكلنا، ولن يصل بنا الى الغاية التي نأمل جميعاً أن تلتقي فيها هذه الكتل بسياسييها ونوابها في إطار السلطتين (البرلمان والحكومة) من أجل هذه الأرض وأهلها. فمن غير المقبول والمبرر أن نبقى نعيش أزمة تلد أخرى، بحيث لا يمر أسبوع وربما يوم واحد، من دون أن نواجه أحداثاً ومشاكل وتعقيدات وكأننا نشاهد فيلم حركة Action له نهاية..
إن كل مناخ رحب ونقي في أي مناقشة ينتهي دائماً الى زيادة في التقارب والتعاون وصفاء الأفئدة وزيادة الإنتاج والعطاء على كافة الصعد،، وكلها تعود على البلد بالنفع والفائدة، شريطة أن تتوحد التوجهات والغايات، ويشعر هؤلاء ان المجتمع، والساحة السياسية، في حاجة الى هدوء يكفل ليس نجاح تشكيل الحكومة فقط، بل الاهم فيما بعد نجاح العمل الحكومي والنيابي، خاصة أن المرحلة المقبلة تتطلب المزيد من الجهد والعطاء المخلص البعيد عن سوء المقاصد حتى لا نعود الى نقطة الصفر التي ما وجدنا من ورائها سوى الأذى وتعطيل كل الأمور. دعونا نأمل، و(لعل وعسى)، أن تكون نهاية المطاف في اربيل، وعلى مائدة البرزاني المستديرة التي كان دعا اليها قبل اشهر السيد عمار الحكيم.. والتي يبدو ان من عارضوها في البدء سيجتمعون حولها غدا الاربعاء، وهذه المرة برضا ودعم وربما ضغوط (محلية وأممية) كما يتم تسريبه.. فبلدنا الآن بحاجة ملحة الى ماتبقى من حكمة في عقول الساسة وتكتلاتهم حين يجتمعون ولاول مرة بشكل جماعي منذ الانتخابات،، كما الى عقول ابنائه جميعا، وفطنتهم وسواعدهم، للابتعاد به عن مصادر الشرر، واعادته الى طريق التفاهم والالفة، ومن التوجه نحو البناء والتقدم والتنمية والازدهار، وللجميع مكانهم في هذه المهمة النبيلة. نأمل من الاخوة الساسة و النواب أن يتعلموا من تجاربهم السابقة ويشعروا بالمسؤولية أمام الله والشعب، ويعودوا الى ضمائرهم قبل أن يعودوا الى مصالحهم الحزبية والفئوية، هذا ما نتمناه وإلا فعودوا وخذوا اجازة مفتوحة (كجلسة البرلمان)، شريطة ان تكون اجازة عن الظهور الاعلامي واطلاق الاتهامات والشعارات فيما بينكم، فلعل الناس ترتاح ولو قليلا بذلك .. وتأكدوا أن لا مستفيد من كل هذه الضجة والعراك السياسي غير الصحي غير أعداء العراق بجميع تلاوينهم ودوافعهم، فلا تكونوا منهم !!.ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
|
|