قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
التلوث الاشعاعي ومقابر "النفايات السامة" للجيس الأمريكي.. خطر يهدد حياة العراقيين
البيئة : اختيار 9 مواقع لطمر النفايات الخطرة في عدد من المحافظات
الهدى/ احمد حسين/ بغداد:
اعلنت وزارة البيئة، أمس الاثنين، انها ستنفذ خلال العام المقبل مشروعاً لانشاء محطة او اثنتين لطمر المواد الخطرة. وقال وكيل الوزارة للشؤون الفنية الدكتور كمال لطيف حسين انه "لحد الان لايوجد لدينا موقع طمر للمواد الخطرة" مبيناً ان هنالك مشروعاً سينفذ خلال العام المقبل وتم استكمال مرحلتين من هذا المشروع حيث اجري مسح لجميع المناطق في عموم العراق و تم اختيار 9 مناطق قابلة لان تكون مطمراً للمواد الخطرة.واضاف في تصريح نشرته (الوكالة الاخبارية للانباء)، ان هذه المناطق توزعت بواقع ثلاثة في الانبار وموقعين في كل من ديالى وكربلاء وواحد في كل من بغداد والسماوة .وكانت لجنة الصحة العامة في مجلس محافظة ديالى قد حذرت من مشروع خطر تجري مناقشته في وزارة البيئة، يهدف إلى إقامة مطامر لنفايات سامة يحتوي بعضها على مواد مشعة في بعض مناطق المحافظة، مؤكدة أن أهالي ديالى يرفضون تحول أرضهم إلى مقبرة للنفايات السامة. وقالت رئيسة اللجنة زينب حسوني أن بعض تلك النفايات تحتوي على مواد مشعة تؤثر بشكل خطر على البيئة وصحة المواطن، معتبرة أن المشروع غير مقبول بكافة مراحله ولا يمكن السكوت عنه، كما أن أهالي المحافظة يرفضون أي مشروع يحول أرضهم إلى مقبرة للنفايات السامة تدفع الأجيال المقبلة ثمنها باهظاً.
هذا وتداولت وسائل الاعلام، خلال المدة الماضية، خبر وفاة 7 أشخاص، واصابة 8 اشخاص، بقضاء النعمانية في واسط بمرض السرطان، فضلا عن حدوث حالات اجهاض وعقم، لاسباب تجهلها وزارة الصحة. وهذه ليست المرة الاولى التي يتحدث فيها الاعلام عن مخاطر تهدد حياة العراقيين جراء المواد المشعة فقد سبق وان حذرت منظمات مدنية من مخاطر مماثلة في مناطق مختلفة بما فيها محافظة بغداد، ومنها حادثة وفاة عدد من الطالبات في احدى مدارس بغداد والتي يشك في احتوائها على اشعاعات مسرطنة. وهو الامر الذي سارعت وزارة البيئة بوصفها الجهة المعنية الى نفي علمها بوجود تلك الاشعاعات (في واسط) وجاء وأن حدوث حالات وفاة نتيجة الاصابة بمرض السرطان قد تكون له اسباب اخرى غير المصدر المشع، كحرق النفايات البلاستيكية التي تنتج عنها مادة (الدايوكسين) ووجود إشعاعات لمادة (اليورانيوم) ومواد كيمياوية أخرى يستخدمها السكان. كما نفت وجود اشعاعات في مدرسة عدن ببغداد. ويشير خبراء فيزياويون عراقيون، الى أن البلاد واجهت خلال العقدين الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي مصاعب تمثلت بتهديدات عديدة ناجمة عن تعرض المنشآت النووية لعمليات القصف والتسرب في المواد المشعة في بداية عقد الثمانينيات وانتشار بعض مصادر التلوث الإشعاعي من جراء العمليات العسكرية لحرب الخليج الاولى و الثانية.
واعلنت وزارة البيئة في وقت سابق، انها شكلت لجنة خاصة للتحقق من تقارير تشير الى وجود مواد سامة في النفايات والمخلفات الاميركية التي طُمرت في الاراضي العراقية. وأكدت الوزيرة نرمين عثمان، انها تتابع مع الجيش الامريكي قضية 30 موقعاً، تؤكد التقارير طمر كميات ضخمة من النفايات السامة غير المعالجة فيها، واضافت الوزيرة ان العراق سيطالب بتطبيق الولايات المتحدة اتفاقية التحكم بالنفايات الخطرة لسنة (1989)، واعادة تلك المواد الى الاراضي الاميركية .. وأفادت أن شركات خاصة مهمتها إعادة تدوير النفايات تعمل داخل القواعد الأميركية قد عمدت إلى خلطها بخردة العامة وتمريرها إلى التجار المحليين! وان تلك القوات ستخلّف نحو 10 ملايين كيلوغرام من النفايات الخطرة في العراق، كما انها تعمل للتخلص من 14500 طن من النفط والتربة الملوثة. كما كشفت وزارة البيئة، مؤخرا، أن التلوث الإشعاعي داخل العراق يتمركز بشكل اوسع في بغداد والبصرة وميسان والمثنى، مؤكدة تخصيص منطقتي التويثة وحفر الباطن لنقل المواد المشعة إليهما من بغداد والبصرة. وقالت معاونة مدير مركز الوقاية من الإشعاع بوزارة البيئة مها حميد نافع لوكالة السومرية نيوز: "إن مواقع التلوث الإشعاعي داخل العراق تتمركز في محافظات البصرة وميسان والمثنى فضلا عن العاصمة بغداد"، موضحة "أن المواقع الإشعاعية ليست مجرد مبان بل إن أكثرها آليات تابعة للجيش العراقي السابق ملوثة بمادة اليورانيوم المنضب".مبينة "انه تم تخصيص منطقة حفر الباطن والتي وصفتها بمقبرة السكراب الملوث، لنقل الآليات الملوثة إليها من محافظة البصرة"، و"تخصيص منطقة التويثة، جنوب شرق بغداد، كمحجر لنقل الآليات الملوثة من العاصمة بغداد إليه". كما اكدت الوزارة ان لديها الان لجنة مشتركة مع القوات الاميركية لغرض فحص عينات عشوائية من المخلفات الموجودة في معسكراتها، فيما أعلن الجيش الأميركي على لسان الميجر روبرت فيليبس، انه سيسلم كل مراكز طمر النفايات الى الجانب العراقي بعد انسحابه نهاية العام المقبل.
السموم الأمريكية .. مواد مشعة و.. فوضى مقابر
وكان تقرير حكومي أعدته لجنة تحقيق امريكية عسكرية، قد كشف مؤخرا أن الجيش الأمريكي يواصل استخدام وسائل خطرة للتخلص من مخلفات المهام العسكرية، في قواعده المنتشرة بالعراق، ما يعرض الناس لمخاطر صحية لا يدركون حقيقتها، وهو مايوضح أيضا الاصابات الكثيرة التي ظهرت في صفوف الجنود الامريكان العائدين لبلادهم، والذين تعرضوا لمشاكل صحية، وامراض غامضة، وخاصة ظهور أورام خبيثة بصورة مفاجئة، أو أمراض في الجهاز التنفسي.وتشير وثائق التقرير المؤلف من 452 صفحة والذي يعتمد على ملاحظات جمعت خلال الفترة ما بين سبتمبر/أيلول 2009 وأكتوبر/تشرين الأول 2010، والذي عمل عليه مكتب التدقيق والمحاسبة الحكومي الأمريكي من خلال زيارة أربع قواعد في العراق، والإطلاع على بيانات مراكز أخرى في أفغانستان،إلى أن أكبر القواعد الأمريكية في العراق، وهي الموجودة في بلد، كانت تحرق كل مخلفاتها، بما في ذلك المواد الطبية والخطيرة، والبلاستيك، وذلك بعد استخدام وقود الطائرات لتحفيز النيران، ما عرّض آلاف الجنود لخطر استنشاق مواد سامة.وألقى التقرير باللائمة في حرق النفايات بصورة غير قانونية على مجموعة من العوامل، بينها وطبيعة العقود المبرمة مع المقاولين المتخصصين بإزالة النفايات، والتي لا تأخذ بعين الاعتبار القواعد الصارمة. وتظهر التوجيهات الصادرة عن قيادة الجيش الأمريكي، أن وزارة الدفاع "البنتاغون" طلبت من قادة كل الوحدات الامتناع عن حرق المخلفات، اعتباراً من مارس/آذار الماضي، إلا بعد الحصول على إذن مسبق منها، غير أن لجنة التحقيق قالت إن عمليات الحرق تجري "بشكل روتيني" في العراق، دون طلب الإذن.وأقر التقرير أن المخاطر الصحية الناجمة عن حرق المخلفات العسكرية الخطيرة أو غير الخطيرة "ليست مدروسة بشكل كامل بعد، لأن الجيش لم يجمع المعلومات الكافية حول طبيعة الغازات المنبعثة من عمليات الحرق".وخلص التقرير الذي أعد من قبل اللجنة الاستشارية الخاصة بالبحث في "أمراض حرب الخليج"، إلى وجود أدلة علمية تثبت أعراض المرض، حيث تم تشخيصها على أنها ناتجة عن التعرض لمواد كيماوية، تعدّ سامة. وذكر أنه لم يتم العثور بعد على علاج للمرض.
وكان تحقيق لصحيفة التايمز البريطانية اجرته في خمس محافظات عراقية و، نشر خلال شهر تموز الماضي، كشف أن القوات الامريكية لوحدها خلفت نحو خمسة آلاف طن من النفايات الخطرة في العراق بدلا من إعادتها الى امريكا، وهو ما أدى إلى تفشي الأمراض وإلحاق أضرار خطيرة بالإنسان والبيئة في العراق. واكد التحقيق أن وزارة الدفاع الأمريكية قد اعترفت بدفن المواد السامة والخطرة في الأراضي العراقية. وقدرت وثيقة للبنتاجون هذه النفايات بخمسة آلاف طن أنتجتها القوات الأمريكية إضافة إلى 14500 طن من الزيوت النفطية والتراب الملوث بالزيت تراكمت على مدى سنوات. وأعلن الجيش الأمريكي في أثر تقرير التايمز فتح تحقيق، وقال قائد الوحدة الهندسية والبنى التحتية للجيش الأمريكي بالعراق، الجنرال كيندال كوكس في مؤتمر صحفي حينها: "كما تعلمون نحن هنا منذ أكثر من سبع سنوات، وخلال تلك الفترة تراكمت ملايين الأرطال من النفايات الخطرة." ومن بين المخلفات الأمريكية حاويات صغيرة تحتوي على مادة الأسيد ترمى في متناول الأطفال، وبطاريات للأسلحة منتهية الصلاحية ملقاة وسط الأراضي الزراعية. وشوهدت بعض الحيوانات نافقة في المناطق التي دفنت فيها النفايات نتيجة تعرضها لمواد كيماوية خطرة. تم الكشف فيما بعد أن الشركات الخاصة لمعالجة المواد التابعة للقواعد الأمريكية كانت تخلط المواد السامة الخطرة التي تريد التخلص منها مع النفايات العادية وتسلمها للعمال المحليين على أنها عادية.
وبالرجوع الى سنوات ماضية، فإن القوات الأمريكية أطلقت في حرب الكويت 940 ألف قذيفة يورانيوم منضب على العراق، و14 ألف قذيفة دبابة من النوع نفسه .وأسقطت القوات الأمريكية 88 ألف طن من مختلف أنواع وأحجام القنابل، وهناك ما بين 200 _ 786 كجم من نفايات اليورانيوم المنضب تركتها القوات الأمريكية في ساحة العمليات ما بين العراق والكويت في عام 1991 .. وفي حرب عام 2003 وبعدها استخدمت القوات الأمريكية اسلحة تلويثية تحتوي على اليورانيوم المنضب. واعترفت وزارة الدفاع الأمريكية في شهر تشرين الثاني من عام 2005 بأن الفوسفور الأبيض والأسلحة الحارقة قد استخدمت في عملياتها في العراق، وهو حسب تأكيد المختصين ما يؤدي الى ازدياد ظهور حالات سرطان وامراض اخرى،.فيما حدد برنامج للأمم المتحدة 311 موقعا ملوثا باليورانيوم المنضب في العراق .
وفي ذات السياق، وبحسب تقارير واحصائيات اجنبية متخصصة، فإنه أسُتخدم في حرب الخليج الاولى ما زنته (300) طن من اليورانيوم و (1700) طن في عام 2003، فيما يشير تقرير منظمة الامم المتحدة لحماية البيئة (unep) الى أستخدام كمية من اليورانيوم تصل الى (2000)طن، كما تم تدمير (350) موقعاً عسكريا وأصبح ملوثاً يهدد الصحة العامة، ووهناك العشرات من المناطق التي تم تصنيفها من قبل هيئة الطاقة الذرية العراقية على أنها تمتلك مستويات عالية من الاشعاع .وقد وصف الخبير الامريكي (ديماسيولوبيز) أن مجموع الاعتدة المستخدمة من قبل قوات التحالف كانت هائلة وان حجم التلوث الاشعاعي الذي تعرض اليه العراق يفوق التلوث الاشعاعي الناتج عن قنبلتي هروشيما ونكازاكي. من جانبهم كان جنود امريكيون وموظفون في القطاعات الخدمية بأفغانستان والعراق قد رفعوا في اوقات سابقة دعاوى في المحكمة الاتحادية في ولاية ماريلاند، نتيجة لإصابتهم بأمراض خطيرة بما فيها سرطان الدم جراء تعرضهم للدخان الناتج عن إحراق اطنان من نفايات و مخلفات قواعدهم العسكرية .، مؤكدين أنهم استنشقوا الدخان السام الناتج عن عمليات شركة (كيلوغ براون) الامريكية للتخلص من مخلفات القواعد العسكرية، وانهم قد أصيبوا بسرطان الدم وامراض تنفسية خطيرة لازموا على اثرها المستشفى. فيما قال ممثل عن شركة براون للتعهدات إن الجيش الاحتلال الأمريكي هو من يقرر ويحدد كيفية وزمن اجراء عمليات الحرق هذه، كما اكد مسؤولون في الشركة انهم تشاوروا مع الجيش حول التأثيرات الصحية لحفر إحراق النفايات وان الجيش الأمريكي أكد سلامة الوضع. واجرت شركة كيلوغ براون لوحدها نحو 40 عملية إحراق .
استخدام الفوسفور الأبيض
من جانبه يؤكد الطبيب الامريكي كريس باسبي، من جامعة أولستر، والذي اشرف على دراسة شملت 4800 فرد عراقي، اشترك في إنجازها 11 باحثا، أن استخدام الفسفور الابيض من قبل الجيش الامريكي، واسلحة مشعة، واسلحة اخرى جديدة مصممة ضد المباني لتخترق الجدران وتقتل من بداخلها تنجم عنه نتائج صحية وخيمة، وأن مدى التغير الجيني الذي يعاني منه المصابون في بعض المدن يشير إلى استخدام اليورانيوم، وعلى سبيل المثال يشير الطبيب باسبي، إلى أن أنواعاً من السرطان في بعض المناطق في العراق مشابهة لتلك التي أصابت الناجين من سكان هيروشيما الذين تعرضوا للإشعاع المؤيّن إثر سقوط القنبلة الذرية.، ويذكر باسبي أن الإصابة باللوكيميا ارتفعت بمعدل 38 ضعفا، وأن معدلات سرطان الثدي زادت بنسبة عشرة أضعاف، إلى جانب الزيادة الكبيرة في أورام المخ لدى الكبار.