المساواة في شهر العدالة
|
صادق محمد
(لِلْفُقَرَآءِ الَّذِينَ اُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لا يَسْاَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ). (البقرة/273).
عن الامام الرضا عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته في فضل شهر رمضان: "أيها الناس!. ... اتقوا النار ولو بشقِّ تمرة..".
فكيف نتقي الله، وما هي التقوى قبل كل شيء؟ وما هو دور شق التمرة -كعيّنةٍ صغيرة جداً- في مجمل حركة التقوى لدى الإنسان المسلم؟.
إن التقوى هي أن تصونَ نفسك عن نار جهنم؛ النار المحيطة بذنوبنا وأخطائنا والفواحش التي نقترفها.والنبي عليه الصلاة والسلام يأمرنا بأن نتّقِ الله في شهر رمضان عبر الإنفاق مهما قلّ، حتى ولو بشق تمرة؛ فهذا المقدار يعطينا التقوى ويصوننا ويحفظنا من نيران جهنم اللاهبة..
إن الحكمة من تشريع فريضة الصيام في شهر رمضان لها صور وأشكال عديدة، ولعل من أبرزها إحساس الغني بلسعة جوع الفقير، والبحث عن طريقة مناسبة للتخفيف بنسبة أو بأخرى عن الفقير، وسدّ خلّته.ونحن في شهر رمضان علينا أن نتحرك بوعي نحو تحقق المساواة الاجتماعية، وسدّ الفجوة الفاصلة بيننا وبين الفقراء ومن هو أضعف حــالاً منّا وعلى أي مستوى كان. لقد لفت نظري وجود بعض العادات الجميلة في بعض الدول الإسلامية، ومنها اجتماع الصائمين الى وجبة الإفطار في المساجد، وأن تكون الأرزاق كلها على مائدة واحدة، حيث يأكل الجميع؛ فقيرهم وغنيهم، وضعيفهم وقويهم، دونما تعفّفٍ عن الغذاء، أو إحساس بالتفاوت، فيكون ذلك خطوة في طريق تحقق المساواة. ولابد للصائمين أن يبحثوا عن طرق أخرى في هذا الإطار كدفع الزكاة والخمس وسائر الحقوق الشرعية وما أشبه.
وعلى الضفة الأُُخرى تلزمنا محاولة إعطاء فضل أموالنا للأقرب منا، كأولي الأرحام والأصدقاء.إن هذه المساواة، وهذا الإنفاق في سبيل الله، وصلة الرحم هذه، من شأنها جميعاً أن ترفع من مستوى الأمة، وأن تضاعف من رزقنا، وأن تزيد بركتنا، وأن تجعلنا في مستوى معقول من العيش الكريم. فأن يملك المرء المال والثروة، لا يعني بالضرورة إمتلاكه للسعادة، لأن السعادة بصورتها الأجمل والأكمل تكون بإحساس الجميع بها، حينها يتم القضاء على الأنانية والتفرقة والاستعلاء.
|
|