قسم: الاول | قبل بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

حزب الشيطان ومصائب الأمة!!
*يونس الموسوي
لقد تحدثنا في مواقع مختلفة عن حزب الله، لكننا أيضاً يجب أن لانغفل عن حزب الشيطان، فاذا كان حزب الله موجوداً بيننا، فان حزب الشيطان موجود منذ أول الخليقة وحتى يوم القيامة، وإذا كان موجوداً في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهو موجود في هذا الزمان ايضاً فيجب أن نطلع عليه ونتعرف عليه حتى لا نتورط معه، ولانسمح لأبنائنا بأن ينضموا إليه.
جاء اسم هذا الحزب في القرآن الكريم (حزب الشيطان)، وقد تحدث عزوجل عن مصيرهم في الدنيا والآخرة، وذكر سبحانه أنه سيكون مآلهم في الدنيا الخسران المبين وفي الآخرة سيكونون من أصحاب السعير وفي الآية الأولى يقول الله عزوجل: "اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ" (المجادلة/ 19) وفي الآية الثانية يقول رب العزة: "إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ" (فاطر/ 6).
وفي الآيتين نجد أن الشيطان استخدم اسلوب التعمية لفرض منهجه عليهم، لأنهم يعرفون بأن الشيطان هو آخذهم إلى السعير لكنهم مع ذلك يقتفون دربه ويسيرون على خطاه، وهذا هو الاستحواذ الذي ذكره رب العزة في الآية الاولى.
ان أول ما يقوم به حزب الشيطان عندما يسيطر عليهم ويستحوذ على أمرهم أنه ينسيهم ذكر الله، فيتركون الصلاة ويتركون الصيام وينسون أي شيء يصلهم بالله العزيز وهذه قدرة يملكها الشيطان، حيث أنه ينسي الإنسان الاشياء والافكار التي تنفعه، ولا يملك الحق في ذلك إلا لأنهم هم الذين تركوا عنان أنفسهم للشيطان فأخذ يتلاعب بمخيلتهم وأفكارهم.
ومن سوء حظ الإنسان أن يترك أعز وأهم ما يملك وهو عقله عرضة لتلاعب الشيطان يقر فيه ما يشاء من الصور والأفكار والآمال وغير ذلك، فهذا هو عبد الشيطان الذي نزع ارادته وسمح للشيطان بأن يتغلغل حتى في فكره وعقله.
ولايظهر الشيطان دوماً بصورته البشعة، بل يتخذ ألواناً وأشكالاً مختلفة ويخلط بين الخير والشر وبين الايمان والكفر وبين الحق والباطل، حتى ليتخيل الرجل الحق باطلاً والباطل حقاً، وقد كشف الامام علي عليه السلام هذا الوجه المتلون للشيطان وذكر (أيها الناس إنما بدو وقوع الفتن أهواء تتّبع .. ولو أن الحق خلص لم يكن اختلاف، ولكن يوخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معاً فهناك استحوذ الشيطان على أوليائه ونجى الذين سبقت لهم من الله الحسنى). تفسير نور الثقلين ج5، ص267.
واليوم تموج وتروج الأفكار والنظريات على متن أحزاب وتكتلات متنوعة وكلها تزعم أنها تصول وتجول في خدمة الحق وطريق الايمان والعمل الصالح، لكننا نقول إذا كانت هذه الجماعات والتكتلات والأحزاب تعمل خالصة كما تقول لوجه الله وخدمة الأمة. إذن، لماذا كل هذا التخلف و الدمار و القتل و العبثية؟
لابد أن هناك جماعات تزعم أنها على طريق الله لكنها أقرب إلى الشيطان منها إلى الله، ولابد كما قال الإمام علي عليه السلام أن الشيطان استحوذ عليها فمزج لها شيئاً من الكفر وشيئاً من الايمان. حتى تخيلوا الأبيض أسوداً والأسود أبيضاً وهؤلاء التكفيريون هم المثل الأبرز لهذه الجماعة الشيطانية التي عبّد لها الشيطان طريق الجهاد في غير سبيل الله!
وهناك أحزاب كثيرة تعلن ما لاتبطن، وتخفي ما لاتظهر، ويجب أن يكون المرء فطناً وأن يعرف الحق بشكل جيد حتى يعرف أهله وأن لايخدع بالمظاهر.
فالعراقيون إبتلوا طول التاريخ بهذه المظاهر التي يعلنها أرباب الأحزاب والجماعات السياسية التي تقول شيئاً وتعمل آخر، فحزب البعث الذي حكم العراق بالحديد والنار رفع شعارات جميلة ولكنه لم يطبق شيئاً منها، ونحن اليوم أيضاً مبتلون بجماعات ترتدي ثياباً جديدة لكنها ايضاً تضمر المصالح الحزبية والفئوية وتقدمها على مصالح الأمة.
إن الفرق الرئيس بين حزب الله وحزب الشيطان، هو أن حزب الله لديهم إلتزام بتعهداتهم السابقة بخلاف حزب الشيطان الذين لايجدون في عنقهم أي إلتزام أو مسؤولية وقال الإمام علي عليه السلام: (عليكم بالتمسك بحبل الله وعروته وكونوا من حزب الله ورسوله، وألزموا عهد الله وميثاقه عليكم فإن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً) (مستدرك الوسائل، ج2، ص374)، فهؤلاء ليس لديهم إلتزام بدين، فربما أخذوا بشيء وتركوا شيئاً آخر، أخذوا ما ينفعهم وتركوا ما لاينفعهم وركبوا لأنفسهم ديناً كالفسيفساء، حيث أنهم جمعوا الحق والباطل في مكان واحد.
فماذا ستكون خاتمة الأمة التي تتحكم فيها أحزاب الشيطان؟
الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام هو الذي يجيب على هذا السؤال ويقول: (ولكني آسي أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها، فيتخذوا مال الله دولاً، وعباده خولاً، والصالحين حرباً، والفاسقين حزباً) نهج البلاغة، كتاب 62.
ومن المؤسف حقاً أن يصل أمر هذه الأمة التي تحمل هذه الرسالة الخالدة أن يصل بها الأمر لأن يتحكم بشؤونها أفراد وضيعون لاقيمة إنسانية لهم فما بالك بالقيمة الدينية، فيغيرون قيم الأمة وموازينها فيحاربون الخير ويتحزبون مع قوى الشر.. فالحذر الحذر من خلط الحق بالباطل!