قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
بصائر... قبسات من رؤى ومحاضرات سَمَاحَة المَرجِعِ الدّيني آيةِ اللهِ العُظمى السّيد مُحَمّد تَقِي المُدَرّسِي
العراقيون نجحوا في اختبار الانتخابات، فهل ينجح السياسيون في اختبار الديمقراطية ؟
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة *إعداد / بشير عباس
في هذه الدنيا نظم ربنا حياة المجتمع الانساني بنوعين من العلاقات:
النمط الأول: العلاقات الطبيعية.
تتمثل هذه العلاقات في الأرحام، ابتداءاً من علاقة الانسان بوالديه والعلاقات الزوجية وانتهاءاً بعلاقة العشيرة مع بعضها، وقد أكد القرآن الكريم هذه الحقيقة الانسانية في الآية المبارك: "الَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" (الأنفال /75)، فهذه علاقات طبيعية وأمر واقع أمام الانسان، فهو يولد من أبوين سواء شاء أم أبى، وبهذه الولادة تنتظم وشائج الصلة بينه وبين طيف واسع من المجتمع من الأخوال والأعمام وأولادهم.
النمط الثاني: العلاقات الانتخابية والاختيارية.
هذا النمط من العلاقات هو من صنع الانسان، فهو بملء ارادته ينتمي الى دين أو مبدأ أو حزب أو مجموعة بشرية تسعى من أجل هدف محدد، وهنالك سلسلة العلاقات التي يتصل الناس بعضهم ببعض عبرها ليشكلوا وحدات في المجتمع، وهذه العلاقات لها طابع المنفعة والمصلحة، فهي تتشكل في ظروف وحاجات معينة.
إن النمط الأول من العلاقات ينتهي مع رحيل الانسان عن هذه الحياة الدنيا الى الحياة الاخرى الأبدية، ففي عالم الآخرة تنتفي هذه العلاقات بكل أنواعها وأشكالها، وعن ذلك يقول تعالى: "فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ" (المؤمنون /101)، وحتى لو عرف الانسان هنالك والديه أو أصحاب ناديه أو زملائه فهو يهرب منهم، لأن "لكل واحد منهم شأناً يغنيه"، فلا يمكن للانسان أن يتفرغ للآخرين، لأنه سيكون هناك مشغولاً بنفسه وبذنوبه التي يجب ان يتلافاها بما لديه من حسنات، وجاء في الحديث الشريف: ان كل الناس في يوم القيامة يقولون: (وانفساه.. وانفساه..)! حتى الأولياء و الأوصياء والأنبياء ما عدا شخص واحد هو نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله) فهو الوحيد الذي يقول: (أمتي.. أمتي)، بينما النمط الثاني من العلاقات والتي يصنعها الانسان في الدنيا بنفسه فهي تستمر معه وتلازمه في الآخرة كما لازمته في الدنيا، فلو إن انساناً تولى حجراً لحشر معه، كما جاء في الحديث الشريف، والقرآن يؤكد هذه الحقيقة أيضاً: "يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً" (الإسراء /71).
إن (سورة الحج) تحدثنا أكثر شيء عن هذه الشعيرة الإلهية وآفاقها ومن آفاقها تنظيم العلاقات الاجتماعية الإيمانية على أسس رصينة، فحينما يذهب الحاج الى الحج يخفف علاقاته المصلحية والدنيوية ويعمق علاقاته الإيمانية، ولذلك في مستهل هذه السورة الكريمة يحدثنا ربنا تعالى عن زلزال عظيم يضرب العالم كعلاقة على وقوع القيامة، طبعاً هذا الزلزال ليس كما يعيشه البشر اليوم في مناطق عديدة، فالهزّات الأرضية التي يواجهها سكان العالم ما هي إلا ظواهر طبيعية مؤقتة ومحدودة رغم ما توقع من خسائر وكوارث، لكنها لن تكون شيئاً أمام تلك الهزّات العظيمة التي تشفق منها حتى السماوات والجبال، ولذلك يقول عنها ربنا سبحانه وتعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيم"، وهنا أرفق البارئ عزوجلّ أمر التقوى بسبب وعلّة وهي حصول الزلزال الذي يصفه بانه عظيم، وهذه الصفة غير المحددة كافية لنا لنتصور حجم الكارثة التي تنتظر غير المتقي يوم القيامة. والنقطة المهمة في هذا السياق هو لغة الخطاب فهي موجهة للناس "يا أيها الناس" وليست للمؤمنين فقط ولا للكبار دون الصغار أو الرجال دون النساء، إذن، فالخطاب عام والكل مدعوون للتحلّي بصفة التقوى المحورية، ويرسم لنا البارئ عزوجل صورة مريعة عن آثار ذلك الزلزال والهزّة العظيمة التي لن يشهد نظيراً لها الانسان في عالم الدنيا، حيث يقول: "يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ"، فهذا المشهد الرهيب هو الذي يدفع الانسان يلجأ الى تقوى الله سبحانه وتعالى، فالتحلّي بالتقوى واتخاذه منهجاً حقيقياً دائماً يقي الانسان من آثار ذلك الزلزال ومن أهوال الساعة.
لكن هل ثمة علاقة بين التقوى وهي صفة اخلاقية سامية، وبين العلاقات الاجتماعية الطبيعية؟
الجواب بالايجاب قطعاً، فان القرآن الكريم والدين الاسلامي طالما يؤكد على تقوية الوشائج الاجتماعية والأسرية، من علاقة الابن بوالديه والزوج بزوجته وبالعكس وكذلك سائر انواع العلاقات الاجتماعية، هذه العلاقة تتمثل في التنظيم والتطبيق العملي، ففي بداية (سورة الحج) يؤكد القرآن الكريم على ضرورة أن يكون التقوى عاملاً ينظم علاقة الانسان بمحيطه، أي ان كل انواع العلاقات يجب ان توزن بمعيار التقوى، فالحب الذي تكنه الأم لابنها سواءً أكان حملاً أم طفلاً رضيعاً وكبيراً وسائر العلاقات الاجتماعية، كلها علاقة طبيعية، ولكن يجب أن يكون الاهتمام في إطار التقوى وإلا ففي ذلك اليوم يكتشف الانسان أن هذه الاهتمامات التي لم تكن من أجل التقوى قد تبخرت وتلاشت ولم يستفد منها بشيء.
مثال بسيط على ذلك الذرية الصالحة التي يخلفها الأب والتي هي بالحقيقة إحدى الأثرين اللذين يبقيان بعد موته كما في الحديث الشريف ما مضمونه: (بموت ابن آدم ينقطع عن الدنيا إلا بشيئين: صدقة جارية أو ابن يدعو له)، أما الذي يترك ولداً عاقاً أو مجافي أو ناكر للجميل والحقوق، فانه بالعكس تماماً سيكون نقمة على أبيه يوم القيامة، كما يكون أثراً سيئاً في الدنيا.
وماذا عن النمط الآخر للعلاقات التي ينسجها الانسان حول نفسه، فهي تختلف لأن آثار وتبعات هذه العلاقة ستنعكس عليه يوم القيامة، لذا يقول ربنا في سياق الآيات المباركات في (سورة الحج): "ومن الناس من يجادل في الله بغير علم"، فهنا قضية الانتماء وقضية العلم الذي يجب أن يسبق الانتماء، والقرآن الكريم يدعونا لأن تكون انتماءاتنا قائمة على أساس العلم والمعرفة وليس باتباع الهوى و وساوس الشيطان و جملة من الخرافات والاساطير والتقاليد البالية، حينما نتحدث عن الله فنحن نتحدث عن سنن الله وأحكامه والنظام العظيم الذي يدير هذه المجرات الرهيبة، والمرجو من الانسان أن تكون علاقاته وانتماءاته وفق المصلحة والحكمة وعلى أساس من القيم والمبادئ لا على أساس مصالح ضيقة و مكاسب زائلة، لذا فان القرآن الكريم يعبّر عمن ينجر وراء هكذا مسار بانهم من الذين "يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ"، أي انهم يعيشون الجهل والظلامية، وهذا الجهل والجدل الخاطئ يسوق الانسان الى الانتماء الخاطئ قطعاً.
إن الشيطان الذي تتحدث عنه الآية الكريمة والذي يتسبب في جهل الانسان، ليس بالضرورة ان يكون شيطاناً جنياً، فقد يكون شيطاناً إنسياً، فالشيطان على نوعين: هنالك من يضلك عن طريق الرب، وقد يكون شيطاناً إنسياً يتمثل في أشخاص أو أحزاب أو تجمعات أو تيارات، فاذا تمثلت هذه الوجودات أمام الانسان يجب عليه وقبل أن يختار وينتمي يسأل نفسه: هل هذا الانتماء قائم على أساس العلم والمصلحة أو الحكمة و على أساس الدين؟ أم على أساس الهوى أو العصبية أو الحمية؟ فإذا كان بناء الإنسان غير قائم على العلم فإنه سيكون ضحية الهوى وضحية هؤلاء الشياطين الانسيين، تقول الآية المباركة: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ* كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ"، من المستحيل ان يأخذ الشيطان بيد الانسان الى الله، لأن هذا الشيء كتب عليه أنه الذي يطعه فإنه سيأخذه الى الضلالة ومن ثم الى عذاب السعير، وهي الخسارة في الدنيا و الآخرة.
من تجليات هذه الآيات المباركات ما يعيشه الشعب العراقي من نتائج وافرازات الانتخابات النيابية الأخيرة، هذه الانتخابات هي بالحقيقة محطة في مسيرة طويلة لاعادة بناء العراق، كما هي فتنة واختبار للشعب العراقي، فكما ان عملية اختيار المرشح الأكفأ والأنزه تُعد فتنه واختبار، فان مرحلة ما بعد الاختيار والانتخاب أيضاً تُعد فتنة واختبار، فاذا كان الناس يقولون من ننتخب؟ فان السياسيين اليوم يقولون من يحكم ومن هو الرئيس؟! وكم من بلاد وشعوب في العالم انقلبت الديمقراطية عليها لعنة ونقمة بدلاً من أن تكون رحمة بسبب أعمال التزوير والمعارك الكلامية التي تتبعها المعارك الحقيقية، ويجب العمل على ألا ينزلق العراق نحو هذا المنحدر، في ضوء ذلك هناك بعض التوصيات التي يمكن أن تفيد لانقاذ الوضع ودفع الأمور نحو الامام:
أولاً: الفوز في الانتخابات إختبار
اذا كانت مشاركة الناخب وإلقاؤه ورقة الاقتراع في الصندوق لله و في الله وعلى كتاب الله وسنة نبيه فطوبى له، سواء نجح صاحبه في الحصول على الأصوات اللازمة ووصل الى مقعد البرلمان أم لم يصل، فالناخب الذي انتخب الصالح يُعد انساناً ناجحاً في الامتحان، وكذلك الحال بالنسبة للمرشح الذي شارك ولم يفُز في الانتخابات فأنه سيكون انساناً ناجحاً و صالحاً اذا لم يمد يده على أموال الناس، وإذا لم يكن ممن يعمل بإحدى يديه بجمع الأموال الفاسدة وفي اليد الأخرى يفسد ضمائر الناس بشراء أصواتهم، لأن هكذا انسان يُعد ساقطاً حتى و إن نجح في الوصول الى مجلس النواب، بل هو أول الناس علماً ومعرفة بأنه ساقط! و وجدانه سيكون أول من سيحاكمه، ولربما في يوم من الأيام وفي هذه الدنيا أيضاً تُنصب المحاكم وحينئذ يتبين من هو على هدى ومن هو في ضلال مبين.
إن فلسفة الامتحان والاختبار أن لا يعلم الانسان ما سيواجهه، تماماً كالطالب في قاعة الامتحان، يجهل الاسئلة التي تقدم اليه، فان علِم بها يفقد الامتحان مصداقيته ويحصل (الغش)، فاذا كان ملمّاً بالمادة الدراسية ويمتلك العزيمة والثقة بالنفسن فانه سيحقق النجاح، والعكس بالعكس، وكذلك الحال في عموم الحياة الدنيا، فمن يفتقد للوجدان والضمير أو لم يتوكل على الله في لحظة فإنه سينسى قيمه ومبادئه ويخوض مع الخائضين.
ثانياً: مهام لابد منها.
إن أمام المرشح الفائز مهاماً دونها الجبال الراسيات، فالحصول الى الأصوات اللازمة لدخل مجلس النواب يُعد أول خطوة في طريق أداء المسؤولية، فلابد أن يكون النائب الجديد رجلاً وينهض بمسؤولية ادارة شؤون البلاد والعباد، وفي العراق أمام مجلس النواب الجديد مهام عاجلة وأساسية:
المهمة الأولى: وضع القوانين الجديدة.
ما يزال العراق تحكمه قوانين النظام البائد وهي لا تنسجم لا مع الدين ولا مع الحضارة، ولا حتى مع البند الثاني من الدستور العراقي والذي صوّت عليه الشعب العراقي والذي يقول: (كل حكم وكل قانون يخالف ثوابت الشريعة الاسلامية فهو لاغٍ)، وهناك قوانين مخالفة للشريعة الاسلامية تطبق في العراق، ومن الصعب على أحد اليوم الإدعاء بان جميع قوانين النظام البائد قد تم استبدالها بقوانين جديدة، ومن جهة أخرى يقول بند آخر: (كل قانون يخالف روح الديمقراطية فهو لاغٍ) وهناك قوانين ليس فيها روح الديمقراطية، الأمر الذي يتوجب على النواب المنتخبين حديثاً إيلاء هذه القضية اهتماماً خاصاً للتوصل الى سنّ قوانين قائمة على أسس علمية وحضارية ودينية؛ وهذه الخطوة بدورها تسهل عملية الاشراف الصحيح على طريقة وأداء عمل الوزارات ومؤسسات الدولة ثم تحديد الوزير أو الوزارات الضعيفة والوزير، فالوزير لا يكون ضعيفاً إذا كان النظام العام في البلد قوياً ومتيناً، كما لا يمكن أن يكون الوزير قوياً ومتماسكاً وسط بحر من المشاكل وفي ظل النظام الضعيف وغير العادل، مثالٌ على ذلك الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) الذي يعُد ميزان العدالة، يدور الحق معه أينما دار، فقد أعرب عن تبرمه من جماعته فقال لهم: (ويلكم! أفسدتم عليّ رأيي)، إذ كانوا يعارضون أوامره، وهذا التمرد وعدم الطاعة هي التي تسبب الهزائم والخسران.
من هنا نحن نريد نظاماً قوياً ومتماسكاً يضمّ نظام رقابة وتفتيش، وللمحكمة والقضاء العراقي دور كبير في هذا المجال، ويجب أن يأخذ القضاء دوره في حسم الكثير من الأمور والقضايا المصيرية.
المهمة الثانية: المحكمة الدستورية.
إذا اردنا تطبيق البند الثاني من الدستور العراقي و نتحقق من شرعية قانون ما ومطابقته مع القانون الإلهي والحضاري، فما هي الآلية لذلك؟ وإن كان ثمة بعض التحفظات على الدستور، ولكن في كل الاحوال فان الدستور قائم.
الاجابة في المحكمة الدستورية، لكن أين هذه المحكمة؟ واين الفقهاء في هذه المحكمة؟ فمن الواضح إذا اردنا معرفة ان هذا القانون مخالفاً للدين لابد من الرجوع الى الفقيه وعالم الدين، إن المحكمة الدستورية العامة التي لابد من تشكيلها في العراق، تتشكل من فقهاء الدين وفقهاء القانون، هؤلاء يجلسون ويضعون النهج القانوني للبلد حتى لا نرى بعد ذلك اصطدام قانون مع آخر، ولا قانون يخالف الدين أو قانون يخالف الديمقراطية.
المهمة الثالثة: الاشراف على إدارة البلاد.
يجب أن يكون للنائب المنتخب من قبل الشعب حق الاشراف على مجمل أوضاع البلد، وأن تكون له سلطة تشريعية و رقابية أيضاً، ولا ينأى بنفسه عن مشاكل البلد، إنما يتحمل مسؤولية كل الأخطاء التي تحصل في الدولة، مثلما يحتسب نقاط الامتياز اذا ما حصل ان وجدت على الساحة السياسية، لا أن يكون كالبعض الذي ما أن انقضى أجل البرلمان حتى بدأ يستخرج السلبيات والاخفاقات على أن الحكومة والسلطة التنفيذية هي المسؤولة، في حين ان ا لسلطة التشريعية لن تكون بعيدة عن أي اخفاق في الحكومة.
الى جانب ذلك على من لم يحصل على الأصوات اللازمة لدخول مجلس النواب وما أكثرهم، أن لا يحصر مجال الخدمة في قاعة مجلس النواب أو الحكومة وحسب، فهناك مجالات اخرى يستطيع من خلالها ان يخدم البلاد، فبامكانه أن يعرض خدماته على اخوانه و زملائه النواب الجدد ويقول لهم بكل صراحة و روح رياضية وايمانية واخلاقية: (انا مستعد لأن أكون مستشاراً لكم)، ألم يقلها الامام امير المؤمنين (سلام الله عليه) وهو امامنا عندما جاؤوا لمبايعته بعد مقتل الخليفة الثالث، فقال لهم: أن أكون لكم وزيراً خير من أن أكون لكم أميراً.
ثالثاً: التواصي.
إن دعوة القرآن الكريم صريحة في هذا المجال حيث يقول في (سورة العصر): "وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"، فيجب أن يكون المجتمع حيوياً، وهذه الحيوية هي التي تعطيه القدرة على التواصي بالحق والتواصي بالصبر، فالنائب الذي دخل البرلمان ويرى المطالبات من الناس فانه سيتشجع اكثر ويطالب هو بدوره بحقوق الناس ويسعى لتطبيق البرامج والمشاريع التي اعلنها خلال الحملة الانتخابية. هذا من جانب، ومن جانب آخر فان على الشعب العراقي أن يعرف ان انتخابه الأول هو الامام الحسين (ع)، فقد انتخب شعبنا الحسين اماماً وانتخب خطه منهجاً ورايته دليلاً في كل الظروف، وسيبقى منتمياً الى خط اهل البيت (ع) والى خط أبي عبد الله الحسين (ع) والى العلماء و مراجع الدين، وهذا الانتخاب أهم اضعاف مضاعفة من هذه الانتخابات الدنيوية التي تشوبها شوائب كثيرة، فأساس القوانين فيها مشاكل، منها احتمال حصول التزوير الى جانب ممارسات من قبيل شراء الضمائر، و كل هذه الاشياء من طبيعة الديمقراطية الغربية ولا يمكن تغييرها، لكن انتخابنا لابي عبد الله الحسين (ع) لا تزوير فيه، إن ضمير الانسان و وجدانه وايمانه ومشاعره تمثل في هذا الامام العظيم و والده الاعظم منه الامام امير المؤمنين (ع) واخيه الامام الحسن المجتبى وهذه الاسرة الربانية الكاملة.
من هنا علينا تفعيل هذا الانتخاب وأن ننتمي أولاً الى المرجعية الدينية و ننتمي الى المؤمنين، فالمؤمنون يشدّ بعضهم أزر بعض ويتعاونون وهذا هو الذي يبقي بلدنا يتحدى كل الاعاصير بحول الله وقوته.