اخبار الفساد في الدولة العراقية
|
خالد ابراهيم
يبدو ان التصريح الخطير الذي ادلى به مصدر في لجنة النزاهة حول تقدمها بطلب الى وزارة العدل لاصدار مذكرات اعتقال بحق 1455 شخصاً بدرجة وزير ووكيل وزير ومدير عام ومحافظ، لضلوعهم في قضايا فساد بالرغم من اهميته قد مر مرور الكرام بدون ان يتفحصه بإمعان او يتابعه بإهتمام ذوي العلاقة في الحكومة والبرلمان.
لقد تعهد السيد رئيس الوزراء وفي مناسبات عدة ان يكون العام الحالي هو عام القضاء على الفساد ولكن كلماته ذهبت في ادراج الريح وما صدور هذا العدد من مذكرات الاعتقال والذي على كبره لايمثل الحجم الحقيقى لملفات الفساد الاداري والمالي في الدولة العراقية الاّ دليل قاطع على ان االفساد قد استشرى واستفحل واصبح ينخر في جسد الدولة العراقية المريض والذي بات بحاجة الى اصلاحات سريعة وعاجلة وحاسمة اذا اريد لبلدنا ان يلحق بركب الدول المتقدمة ولمواطننا المنهك ان يستريح قليلاً بعد طول عناء.
لاشك ان الفساد الاداري والمالي في الدولة العراقية قد اتخذ اشكالاً متعددة ومنها هذه الرشاوى التي شاع خبرها بين القاصي والداني حيث ان على ا لمواطن العراقي ان يدفع لموظفي الدوائر المختلفة من اجل انجاز معاملته وهذه حقيقة مرة ملموسة يومياً عندما تتقدم بملفك من اجل الحصول على أمر ما او تمشية المعاملات المختلفة حيث ترتفع قيمة الرشوة حسب اهمية المعاملة، حتى اذا كانت معاملة تعيين فالوظيفة في كثير من الاحيان لمن يدفع اكثر .. وهنا لابد لنا ان نذكر احد اشكال الفساد الشائع الآن وهو اطلاق سراح بعض الارهابيين الخطرين او حتى السجناء العاديين مقابل مبالغ ضخمة جداً. ولعل احد اشكال الفساد الاخرى هو وجود مافيات الفساد القوية في بعض الوزارات او المؤسسات والتي غالبا ما تكون نتيجة قيام المسؤولين الحكوميين بتعيين افراد عوائلهم واقربائهم او اصدقائهم حصراً في كل المناصب المهمة فتتحول بذلك دوائر الدولة العراقية الى مقاطعات لهم يعملون بها مايشاؤون فلاحسيب ولارقيب وهذه مصيبة اكبر.
ولابد ان نعرج على المقاولات حيث ان الملاحظ في الغالب عدم اتباع الطرق الاصولية في ارسائها على مستحقيها الذين يملكون الامانة والكفاءة والقدرة وبدلاً من ذلك ُتعطى المشاريع المختلفة للمعارف والاصدقاء لضمان النسبة المئوية ولننتهي بسلسلة من المقاولين الثانويين الذين لايفقهون من العمل شيئاً مذكورا فاما ان يهربوا بما تبقى من النقود او ينجزوا العمل بإقل تكلفة ممكنة و باسوأ حال ممكن وقد حصل ذلك في حالات عديدة. وهنا يجب ان نتذكر هذه الرواتب الضخمة التي يتقاضاها كبار مسؤولي الدولة والنواب وضرورة القيام بتقليلها الى الحد الذي يتم فيه ردم الفجوة الكبيرة بينها وبين رواتب موظفي الدولة العراقية وبما يضمن عدم التبذير والاسراف في المال العام ويجب علينا من باب الامانة والاخلاص لشعبنا العراقي ان نشير الى هذا الجيش الكبير من المستشارين الذين تعينوا لفترة قصيرة في عهد الوزارات العراقية المختلفة منذ سقوط النظام الدكتاتوري وحتى الآن والذين تنتهي خدمتهم بانتهاء خدمة رئيس الوزراء او الوزير الذي يعملوا له ليصبحوا وبقدرة قادر اصحاب رواتب تقاعدية خيالية مرهقة لخزينة الدولة العراقية وحالتهم هذه يجب معالجتها اما باعادتهم الى وظائفهم الاصلية او باعطائهم مكافئة خدمة لمرة واحدة وليس راتباً تقاعدياً كاملاً لايستحقوه بالمرة لخدمة لاتتجاوز احياناً سوى اشهر معدودة.
ولايستقيم المقال ان لم نطالب الخيرين من اعضاء مجلس النواب العراقي الحالي بان يعملوا مابوسعهم لاسقاط قانون الامتيازات الخاص بهم الذي اصبح نافذ المفعول بعد نقضه مرتين من قبل مجلس الرئاسة وتصويت ثلثي النواب له لمرة ثالثة حيث ان من المعيب استخدام المنصب النيابي لا من اجل خدمة المواطن العراقي بل من اجل الحصول على امتيازات غير مبررة او عادلة.
ان الاقوال وحدها لاتكفي ابداً لمحاربة الفساد الذي اصبح الآن لايقل خطورة ابداً عن الارهاب، ان لم تكن مقرونة بافعال خارقة تقضي على جذور الفساد المعششة في ارجاء الدولة العراقية ولنتذكر جيداً انه لولا فساد بعض العناصر الامنية لما نجحت عدد كبير من العمليات الارهابية الجبانة ولولا التهاون في القيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتق موظفي الدولة العراقية بمختلف مواقعهم صعوداً او نزولاً لما كان ممكناً بعثرة المليارات من الدولارات من واردات الخزينة العراقية في الوقت الذي يزداد فيه فقراء شعبنا فاقةً وبؤساً وتشرداً ومرضا.
|
|