الثقة في العمل السياسي !
|
حسن الأنصاري
في عالم السياسة، الثقة ليست حبة مهدئة يأخذها السياسي لتهدئة أعصابه ولا يتخلص من أعراض التأزيم المزمنة ولا يحافظ على الاتزان في نشاطه الدبلوماسي! .
وحين تصل الثقة إلى أعلى مستوى في العلاقات بين السياسيين فذلك يعني خلق الأسس الرئيسية لتنمية المواطن حتى يصل الى المستوى الأعلى في الرفاه الاقتصادي.
ويُعتقد أن من أهم أسباب التخلف الاقتصادي والاجتماعي هو انعدام الثقة المتبادلة بين السلطات ونموذج الفساد لدينا ليس نموذجا شاذا بالمقارنة مع أنواع الفساد المنتشر في دول العالم، إلا أننا في البداية بحاجة لبناء نموذج خاص بنا لمفهوم الثقة السياسية بين جميع الأطراف حتى يتم التخلص من أعراض الفساد ومن ثم مكافحته من جميع الجوانب، فهكذا تعاملت الكثير من الدول لمعالجة مثل هذا الأمر .
هل السياسيون عليهم أن يصلوا الى أعلى مستوى من الشفافية حتى يتم بناء نموذج الثقة مستقبلا؟! البعض منهم يعتقد ذلك، وآخرون لربما لا يحبذون كشف جميع أسرارهم وما يملكون، ولعل المشكلة في ثقافتنا، حيث المرء يتوفى وقد لا يعلم الورثة تركته إلا من خلال الوصية أو النزاع في المحاكم ، هذه الدرجة من الثقة نتركها للسياسيين للتعاطي معها في اللجان البرلمانية المغلقة وحسب ثقتهم في أنفسهم!.
إن أعضاء البرلمان يمثلون ثقة الشعب في الحكومة، ويُعتقد أن البيروقراطية المعقدة تعزز الفساد وتولد جريمة الرشوة والغش واختلاس الأموال والابتزاز، ومثل هذه الجرائم تهدد أمن وسلامة المجتمع حين يشارك المسؤول او النائب في تشجيعها سواء بالصمت أو بالتحرك لمساندة وتقديم العون لمن يرتكبها! وهذه مسؤولية الأعضاء لبناء أساس القواعد المشتركة لمجتمع نزيه منتظم وتعاوني السلوك وهذه الدرجة من الثقة لا تتحقق إلا من خلال المعايير المهنية البرلمانية، والثقة أيضا عنصر مهم لمناقشة القضايا ومداولتها بصدق. وانتشال البلاد من حالة الشلل بحاجة لتعميق ثقة الأعضاء فيما بينهم أولا ، فمحرك الثقة هو الطرح الموضوعي العقلاني لمعالجة أي انحراف واعوجاج في الاداء الحكومي وفي عالم السياسة، الثقة لا تبنى على مصالح آنية شخصانية ضيقة، وقضية الفساد لا أعتقد أنها سوف تنتهي حتى بتغيير او تعاقب الحكومات والدورات البرلمانية ، لكنها قد تصل إلى النهاية حين يبنى نموذج للثقة السياسية بين الجميع.
|
|