لنربِّ أبناءنا على قِيَم عاشوراء
|
الثقافة الاجتماعية ترسم البنى التحتية لأفراد المجتمع فتكون المحدد للسلوك من وحي تحديد المعايير والدوافع. والمجتمعات الشيعية في إحيائها لعاشوراء أنموذج واضح للظاهرة الاجتماعية من حيث ارتباطها بالثقافة.. فالارتباط بأهل البيت (ع) ليس قضية تاريخ وإنما هو حضور فاعل من خلال الصبغة الثقافية للإنسان الشيعي المتمظهرة في اجتماعه كما هي حاضرة في وجدانه. والمآتم (الحسينية) ومواكب العزاء والسواد هي من أبرز مفردات الظاهرة الاجتماعية.. وفي الوقت نفسه من أهم معززات الثقافة الحسينية في المجتمع.
ومن لطائف المجتمع الشيعي أن للمرأة كيانها الخاص في الإحياء لا يقتصر على الأماكن المستقلة فيتعداه إلى الكيفيات المعمول بها. وحيث أن للمرأة مجالا متميزا في تعزيز الثقافة الاجتماعية من خلال التربية فنجري الحديث في إطار تعزيز الثقافة الحسينية في الناشئة.
أهمية التربية: كربلاء ليست مجرد حدث والمعرفة به ليست معرفة نظرية يتأملها الباحث بحيادية كما يدرس الأمم البائدة، وإنما هي منهج وشرعة وقيم يتخذ الإنسان منها موقفا فيكون مؤمنا بها أو مؤمنا بالنهج اليزيدي. ويحرص الأبوان على سلامة نهج الأبناء بصورة فطرية، فمن المنطقي أن يكون غرس قيم الفضيلة أحد شواغل الأبوين التربوية. والمبادرة بالإهتمام التربوي على القيم انطلاقا من الحقيقة التي ينطق بها كلام الأمير (ع) لأبنه الحسن (ع): "وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما أُلقي فيها من شي ء قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك ".ومع أن غرس الثقافة العاشورائية هي من محاسن مجتمعاتنا إلا أن عفوية تتسرب أعرافا وسلوكا أكثر منه مفاهيم وقيما من خلال التبدل في أجواء الأسرة بالعزوف عن وسائل اللهو المباح ولبس السواد والاشتغال بمجالس الإحياء.. إلا أنه من الضرورة وخصوصاً مع تكاثر أحاديث الضلالة والعداوة لأهل البيت (ع) أن يكون الاهتمام محل تفكير وتركيز ويعتني بالمعارف جنبا إلى جنب مع السلوك. ولنا أن نشير لبعض المفردات الآتية:
1ـ المجالس الخاصة: إنَّ تخصيص المجالس العاشورائية للأطفال والناشئة يتطلب مخاطبتهم بمستواهم ومتطلباتهم، وفرق كبير أن يحضر الأطفال في المجالس العاشورائية العامة ليتأثروا بأجوائها ويلتقطوا بعض مضامينها، حيث يكون الهدف الرئيس عيشهم للذكرى بالتفاعل العاطفي بالدرجة الأولى، وبين أن يحضروا في مجالس خاصة بهم، حيث لا يمكن نقل مجلس الكبار بحذافيره إلى الصغار، فلا بدَّ من مراعاة مدى استيعابهم، وطبيعة المشاهد المؤثرة فيهم، والأفكار التي تتناسب مع بنائهم الثقافي والمعرفي، والأجواء التي تدخل إلى أعماق قلوبهم وتسهم في تعبئتهم.
2ـ الاهتمام بالمضامين القيمية: إن التركيز على القيم يكون بتحديد العبر الأساسية وسوقها بأساليب ملائمة للناشئة وبصورة متوازنة بين المأساة وتمجيد القيم واستحضار الثواب الأخروي وأهمية رضا الله تعالى.
3ـ البيت مدرسة عاشورائية: إن تخصيص أوقاتٍ لزيارة الإمام (ع) كزيارة وارث المعروفة وسرد كلمات الإمام في كربلاء مع توضيح معانيها ولبس السواد...،. هو أساس في تعزيز الثقافة الحسينية. إن إجراء الحوارات المخططة مع الأبناء يتيح لأبنائنا معرفة قيم الثورة ويعزز هذه القيم في الناشئة بحيث تنصاغ ثقافتهم بالقيم النبيلة فتكون ثقافتهم التي بها يخوضون حياتهم المقبلة.
|
|