عاشوراء و..مسح الذاكرة !؟
|
(لننس الماضي.. علينا أن نفكر بالمستقبل). هذا الكلام كثيراً ما يتردد عند بعض اخواننا في أيام محرم الحرام حيث يحيي المسلمون ذكرى استشهاد الامام الحسين عليه السلام في كل عام.. يقولون.. كان صراعا بين طائفتين من المسلمين في حقبة قديمة من التاريخ.. لماذا نفتح هذه السيرة؟، لماذا ننكأ الجراح كل عام؟.
هذه دعوة لمسح ذاكرتنا ونسيان الماضي، وهي تعني ببساطة ان نبقى بلا جذور.. وبلا تاريخ، او أن نجعل من التاريخ مقدسات لايمكن مسها !. البعض يحاول ان يزكي التاريخ الإسلامي، كل التأريخ، وكأن رجالاته، كل رجالاته، ملائكة منزهون من الأخطاء، وللأسف فان البعض قام بتصحيح كل أعمال الماضين، وهو ما يعطي تبريراً لكثير من الأعمال المشينة التي ترتكب باسم الإسلام حتى هذه اللحظة.. إن العودة إلى صفحات الماضي، ليس المقصود بها نكأ الجراح، وإثارة الفتنة بين المسلمين، بل هو إحياء للذاكرة، وإعادة تأكيد القيم الإسلامية الحقة التي علينا أن نبني مستقبلنا وفقها. وحينما نستذكر واقعة كربلاء والقيم الخالدة التي بثها الإمام الحسين عليه السلام وآله، وصحبه الكرام، فإننا نعيد قراءة تاريخنا بالاتجاه الذي يحفظ للأجيال القيم الحقة والتعاليم الصحيحة البعيدة عن التحريف والتزييف الذي أصابها بفعل السلطات الجائرة، والمصالح الفئوية والعصبيات المنحرفة. إنها إحياء لقيم الحق والعدل والحرية.. إنها رفض للقمع والتنكيل والإرهاب والتعذيب.. إنها تأكيد على الحكم العادل، القائم على الشورى والتعددية والرأي الآخر والانفتاح..إنها تنزيه الدين من أفعال الطواغيت والظلمة، والذين ابتدعوا في الإسلام الحكم الفردي والدكتاتوري، ومصادرة الآراء والسجون والقتل والاغتيال.. بعد ذلك، ألا يستحق الحسين عليه السلام ان تعاد وتتجدد وتنشر قراءة نهضته في كل عام؟ قراءة ربانية على ضوء الأسس والمنطلقات والقيم والاهداف الشرعية التي فجر عليه السلام نهضته بها ولها لتشع تياراً متدفقا من النور والطهر والعزم والارادة ..
|
|