ارهاب غذائي
|
كريم الوائلي
يتمثل لي المواطن الأعزل واقفا وسط احد المتاجر التسويقية يبحث بين آلاف العلب المغرية عن مادة غذائية معلبة وفيها رمق من الصلاحية، او صافنا عند مفترق شوارع يبحث عن خيار آمن يتوقع ان يصله ببيته او عمله دون هلع او وجع. واذا كانت العملية السياسية محمية بالدستور، والسياسي مصان بالسيارات المدرعة والكلاب البوليسية، والمخابرات الاجنبية محمية ببلاك ووتر، فمن يحمي العراقي من مجاميع المكروبات وسرايا الجراثيم والمركبات المسرطنة وحاويات الحليب والحلوى المطعمة بالزرنيخ بعد ان اصبحت السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة والعبوات اللاصقة مجرد ادوات "درامية" ويفتقدها المواطن اذا تأخرت عنه كثيرا !.
لكن حيرة المواطن لم تدم طويلا، كما كان يظن، اذ سرعان ما شمرت وزارتا التجارة والداخلية وكذلك مجاس محافظة بغداد والجهاز المركزي للفحص والتقيس والسيطرة النوعية عن سواعدها لنجدته، فالداخلية اصدرت بيانا حذرت فيه المواطنيين من مشروب معلب ومطعم بالزرنيخ على وشك ان يغزو الاسواق، والتجارة اصدرت بيانا تناقلته وسائل الاعلام المحلية تحذر فيه ((من استهلاك مواد مستوردة من الصين والاردن والسعودية وامريكا وبلغاريا، لعدم مطابقتها للمواصفات واحتوائها على سموم وفطريات واحتواء بعضها على مواد مسرطنة)) وجميع المنتجات الصينية الذي يدخل في تركيبها الحليب الصيني والاسماك الطازجة الحية ومسحوق الغسيل تايد دومنيك ومسحوق الغسيل الاعتيادي برولين، فضلا عن صابون باودر (زهرة - تاج - جلنار) والعنب وغاز الفريون وبروميد المثيل المستخدم في مجال تعقيم التمور والحبوب ومنها عصير منجو دلتا ومازا وعصير منعش وشربت فيمتو وشوربة ماجي وبسكويت اصابع وجميعها اردنية المنشأ، وحليب لونا وجبس البطل منشا السعودية، وبسكويت ميشي منشا تركيا، وجبس ليز منشا امريكي، فضلا عن "مسحوق جوم كام (jumkim) منشا إسباني، وشربت بوليرو (bolero) بلغاري المنشأ.
مع هذا فأن كل تلك الماركات والمنتجات تزين المتاجر التسويقية على الرغم من تحذيرات الداخلية والتجارة وجهاز التقيس والسيطرة النوعية وكأن مهمة تلك الجهات تنتهي عند حدود التحذير فقط تاركة المواطن مضرجا بحيرته امام خطر متنوع الالوان والاشكال وملثم بالسليفون ومدجج بالتمويه والخداع وقد عجزت كل مؤسسات الدولة العراقية ذات الصلة بمنع دخوله الى البلاد ووصوله الى المواطن غير المزود بالمناعة والوقاية من خدع مافيات الغش الداخلية والدولية، ولم يجد نفعا اصدار قانون حماية المستهلك الذي صدر في 4 \ 1 \ 2010 ولا نعرف الجهة المسؤولة عن وضعه موضع التطبيق !؟. والغريب ان مجلس محافظة بغداد اتهم وزارة التجارة وعبر اخبار صحفي تناولته الوكالات الاخبارية المحلية بتسريبها مواد تموينية فاسدة وفاقدة للصلاحية الى وكلاء البطاقة التموينية والى الاسواق ايضا، وهذا ما يفاقم ازمة الثقة المفقودة اصلا بين المواطنين ووزارة التجارة.
|
|