الامام الكاظم (ع) والمقاومة الاخلاقية
|
حامد الحمراني
الطغاة يتشابهون، واول خصالهم الشره في حب السلطة والمال والمبالغة في القضاء على خصومهم حتى وان كانوا ابناء الانبياء، وهم يشتركون في محاربتهم للفضيلة متى ظهرت وهم متفقون على استئصالها قبل ان تشيع خوفا على سلطانهم الذي غالبا ما ياتي عن طريق الدم ولا يستمر الا بالمزيد منه. وتاريخنا القديم والحديث مشرق بالمآسي والقباحة، وان الحقبة التي ظهر فيها نبي الرحمة(ص) وما اعقبها من اقصاء وتهميش وقتل لابنائه الاطهار من قبل رئيس قائمة الامويين المتحدة واحفاده فيما بعد واحفاد احفاده في العصر الحديث بعد التزامهم جميعا بالبرنامج الجاهلي الذي يعدّ قتل آل بيت النبوة تفسيرا منطقيا لآية المودة (قل لا أسألكم عليه أجرا * إلا المودة في القربى).
فالمرسوم الجمهوري لدولة الحجاز الاسلامية في العهد الاموي القاضي بقتل سيد شباب اهل الجنة الامام الحسين(ع) وسبي بنات الرسول الخاتم (ص)، هو ذات المرسوم العباسي القاضي باعتقال الامام الكاظم (ع) وتحويله من سجن الى سجن ومن ثم قتله بالسم بطريقة الاغتيال غير المباشر، وهو نفس المرسوم القومي لفخامة الرئيس (اخو هدله) نهاية ثمانينات القرن الماضي القاضي بانشاء مقابر جماعية للمواطنين في جنوب العراق بدلا من بناء مساكن لهم ومن ثم ضرب مناطق الشمال بالكيمياوي لانهم خونة وعملاء وغوغاء حسب تفسيرات محاكمه الثورية جدا جدا.
والاخوة الطغاة مثقفون ويؤمنون بالمذهب التجريبي في محاربة خصومهم، وهم واقعيون وينتخبون طرقهم اللعينة حسب الحاجة وطبقا لقرائتهم للواقع، فسيادة الرئيس المنصور الدوانيقي قتل الامام الصادق (ع) وسجن ابا حنيفة وقتله فيما بعد وعاث بالطالبين والعلويين والمصلحين قتلا وتشريدا، وامر واليه في المدينة بغلق البحر عن اهلها، وامر واليه في البصرة بهدم دور من خرج عليه وعقر نخيلهم، وعندما يذهب الى الحج ويمر بقبر سيد الكائنات(ص) يقول السلام عليك يا ابن العم !. اما هارون اللارشيد فانه يبدو انه يستحي من الرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني وقناة الجزيرة وعليه فانه قتل الامام الكاظم (ع) عن طريق السم وسمح لمدير سجنه السندي بن شاهك وامام لجان حقوق الانسان ان يدخل عليه من يريد الدخول قبل وفاته بعشر ساعات حتى يقول للاخرين انه مات حتف انفه.
واعترف اني قرأت بعض التاريخ، ولم اجد سببا لحبس الامام الكاظم (ع) طيلة سبعة عشر عاما ومن ثم قتله الا لانه كان يقول انه ابن رسول الله (ص) ، وان بعض المستشرقين قالوا ان بعض الجواسيس قال للخليفة ان الامام الكاظم (ع) كان يطيل السجود لله فقط، وانه كان يقول في نهاية صلاته (اللهم اني اسالك الراحة عند الموت والمغفرة بعد الموت والعفو عن الحساب) وهذا يعدّ خرقا للدستور العباسي الذي اورث من الامويين عبادة السلاطيين والدعاء والتضرع لاطالة اعمارهم. ولكن الذي ترشح لدي ان السبب الاساسي هو ان الامام الكاظم (ع) كان كريما سخيا في حياته (والعراقيون اليوم يعرفون هذه الحقيقة وبشكل عجيب) وهذا يعد تجاوزا على صلاحيات فخامة الرئيس الذي كان يعطي العطاء لمن يعبده شخصيا ويمنع العطاء لمن كان يعبد الله وحده !!. واظن، بل انا متيقن ان مرسوما جديدا صدر من اخوة هدلة الدوانيقيين وتطبيقا لبقية فقرات البرنامج الجاهلي لقائمة الامويين يقضي باستهداف زوار الامام لسبب وجيه جدا هو ان هؤلاء الزوار كلما سمعوا او قرأوا اسم رسولهم نبي الرحمة (ص) قالوا (اللهم صلي على محمد وال محمد).
|
|