عاشوراء وأصول السياسة
|
محمود الموسوي
من أهم الغايات التي من أجلها صارت لكلمات أهل البيت (ع) ورواياتهم، محورية واعتماد، هو أن تلك الروايات الشريفة بمثابة الأسس التي تبنى عليها الأفكار، وهي أصول ثابتة، ينطلق من فهمها واستيعابها، إلى الفروع في المتغيرات الزمانية والمكانية.وسيرة الإمام الحسين (ع) هي سيرة نورانية كسائر سير أهل البيت (ع)، يستلهم منها النور ليضيء به الحياة، ومن خلال هذا الأساس لا يوجد أساس لمقولة يتم تكرارها دائما، ككلمة حق حق يراد بها باطل في الغالب وتحت شعار براق مخادع هو (عدم التسييس) وهي مقولة إبعاد المراسم والشعائر الحسينية وموسم عاشوراء عن الواقع ، ولا اساس لهذه المقولة لأنه ( عاشوراء النهضة الحسينية) إما أن يؤسس للواقع الجديد كحالة فكرية مغذية لسائر الأفكار، وإما أن يتم الانطلاق منه إلى واقع جديد كواقع زماني يستفاد من حماسته ومن الجذوة التي يشعلها في النفوس.
فقد فنّد الإمام مقولة أن الحدث الكربلائي غير قابل للانسحاب على سائر الساحات التي تتوافر فيها ذات الموازين التي وجدت فيه تاريخياً، فندها بمقولته (ع): (ولكم فيّ أسوة)، ليثبت أن قانون الأسوة مازال ماضياً ولا يوجد نسخ له في الحدث الحسيني الكبير، نعم إن عظمة الحدث ذاته لا يمكن الوصول إليه في المقام الرباني، وفي الموقعية الواقعية التي أنقذ بسببها الإسلام ككل بعد انحراف كبير، فإنه (لا يوم كيومك يا ابا عبد الله) كما قال الإمام الحسن (ع).
وتبقى كربلاء المسيرة، وكربلاء الواقعة، وكربلاء التفاصيل، كلها ضمن قول الإمام الصادق (ع): (إنما علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع)، فيأتي دور العقل لكي يستلّ من كربلاء أصول الفعل السياسي ونهج العمل الحركي ورؤى الإصلاح ومناقبيات التغيير، فيوائمها مع ظروف كل عصر ومصر.
|
|