من قصص العلماء
كيف نحول السارق صديقاً..؟!!
|
*صباح عبد الجليل
لا بد أن هناك من بين أصدقائك أو اقاربك من هو ضعيف الإيمان، وترغب بأن تستميله إلى طريق الهدى، فهل فكرت ملياً كيف تفعل ذلك هل تأملت طويلاً في أفضل الطرق لإصلاح ذلك الشخص العزيز عليك؟ تعالوا لنقرأ هذه القصة التي أوردها الشيخ المهتدي البحراني في كتابه (قصص وخواطر) ص183.
دخل سارق إلى بيت أحد العلماء الظرفاء، فأخذ يفتش في كل زاوية من المنزل فلم يجد شيئاً، فلما همّ بالخروج صفر اليدين، ناداه العالم حيث كان يراقبه: إنك جئت في طلب الدنيا، فليس لدينا من الدنيا شيء، فهل تريد شيئاً من الآخرة؟!
قال السارق: نعم!
فاحتضنه العالم وكلمه عن التوبة إلى الله تعالى حتى أسفر الصباح، فذهبا معا ًإلى المسجد للدرس، وبعد الصلاة، سأله تلامذته عن الرجل ومن يكون.
أجابهم: إنه جاء في البارحة ليصطادني، ولكني اصطدته، فجئت به إلى المسجد! وهكذا أصبح السارق من جملة التائبين المؤمنين.
لو كنا مكان هذا العالم الجليل ماذا كنا سنفعل؟
ربما كنا سنخرج سكيناً أو هراوة أو سلاحاً آخر لمهاجمة هذا الرجل، وتكسير الهرواة على رأسه!
لكن يبدو أن ذلك العالم الجليل ليس فقط كان يملك الكثير من الحلم والصفح، بل كان أكثر همه هو هداية الناس، والبحث عن أفضل وسيلة تهديهم إلى الإيمان، والاستفادة من أضعف الفرص لتحقيق ذلك الهدف. لو كنا محل ذلك العالم، لقلنا أن هذا الوقت ليس هو الوقت المناسب للنصيحة والهداية، وأكثر من ذلك أن هذا الشخص لا ينفع للإيمان ولا يمكن أن يفتح الله قلبه للهداية.
إن من كان همه إصلاح الناس، لعرف أنه ليس هناك من هو خارج عن قائمة الهداية والإيمان، وقد شهد التاريخ الكثير من القصص لسراق ومجرمين تحولوا من طريق الضلالة إلى الإيمان.
المهم أن يكون لديك هذا الهم بأن تصلح ذلك القريب أو الصديق الذي تشك بضعف إيمانه وعند ذلك ستكتشف الطريق المناسب لإصلاحه. ولا بد أن نعرف بأن الموعظة يجب أن تكون بأفضل طريقة واحسن اسلوب، بما يحفظ كرامة ذلك الانسان ويصون ماء وجهه، أما الكلام الشديد والاسلوب الغليظ ليس من الموعظة في شيء، وهو لا يستخدم إلا مع الشخص المتجبر المتطاول على حقوق الناس، وهذا حال قليل من الافراد، أما العامة فهم من الناس البسطاء الذين يتقبلون الكلام الموزون.
وحتى إذا لم يتقبل الطرف المقابل ما تعتقد وتؤمن به، فهذا لا يبيح لك أن تتصرف معه بعدم الاحترام وقلة الأدب، وهذه مشكلة يقع فيها معظم الآباء عندما يوجهون النصيحة بأبنائهم، فهم يلقون الافكار عليهم وكأنها أوامر عسكرية، والنصيحة لا تكون بهذا الشكل، لأنها عند ذلك ستكون عديمة الجدوى بل ستكون كثيرة الضرر وتسيء الى علاقة الأب بابنه، كما أنها تسيء الى مجمل العلاقات الاجتماعية.
|
|