قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

كروشنا والترشيق الحكومي
زاهر الزبيدي
تتباهى الدول الحديثة بأنظمتها الغذائية الحديثة التي توفر للجسم الكمية اللازمة من السعرات الحرارية دون أن تضيف تلك الأنظمة أحمالاً "شحمية" وأوزاناً الى أجسادهم، مما يتراءى لك وأنت تسير في شوارع تلك الدول بأنهم شعب رشيق يتقافز أفراده هنا وهناك ينتجون ويكافحون الأمراض بتلك الأجساد الرشيقة والقوية في نفس الوقت والقادرة على الوقوف طويلاً أمام معدات الإنتاج دون سرقة الوقت في الجلوس على عتبات المصانع بسبب التعب السريع من الوقوف لتهالك أجسادنا المرهقة والمتعبة والتي تتعرض لإجهاد شديد جداً لكون نظامنا الغذائي يشوبه عدم التنظيم لعدم وجود قراءة عراقية حقيقية لكمية السعرات الداخلة لأجسادنا من تلك الخارجة بفعل القيام بالأعمال المختلفة..
وبسبب عدم وجود تلك القراءة، الحديثة جداً علينا، فقد انتفخت كروشنا لدرجة أنها أصبحت تثقلنا وتجعلنا وكأنا مربوطون الى الأرض وأتعبت مفاصلنا وأرهقت ظهورنا من اجل تلك المتع التي طالما كنا سعداء بها... فنساءنا يستهلكن وقتاً طويلاً، قد يصل الى ساعات، في إعداد وجبات الطعام المختلفة وبكميات كبيرة من السعرات الحرارية وبتنوع غذائي كبير جداً ليتم بعد ذلك التهام الطعام بدقائق معدودة وبالتالي إضافة الشحوم على اختلافها وتلك التي تثقلنا وتجعلنا نركن دائماً للجلوس لإراحة ظهورنا ومفاصلنا من الجهد العالي التي تسببت فيه الأحمال الإضافية التي تتحملها من اجل ارضاء تلك الشهوة التي ستتسبب لنا بكارثة تسمى بالبدانة.. وفي أغلب الأحيان فأن الشعوب البدينة هي شعوب غير منتجة وتتركز في بعض الدول العربية والشعوب الرشيقة هي الشعوب المنتجة كالصين واليابان وأوربا.
وفي ظل الحديث الذي كثر في تلك الأيام عن الترشيق الحكومي فنحن قطعاً مع الترشيق الحكومي الذي قد يعطي إيحاءاً بأهمية الترشيق الآخر وهو الترشيق الجسدي والتخلص من السمنة التي ما جلت على الشعوب إلا الأمراض ومختلف العلل والتعب المستمر فيكفي ان تتعبنا السياسة بمهاتراتها السمجة. ولم تثبت الدراسات الحديثة أي روابط حقيقية بين ارتفاع مداخيل الأفراد في المجتمع مع السمنة فهناك شعوب فقيرة ولكن لديها ارتفاع في معدلات السمنة وهناك شعوب بمداخيل عالية ولا تعاني من فرط السمنة فالخطأ الوحيد هو عدم وجود ثقافة غذائية واضحة لدى أبناء الشعب تسببت بأحداث هذا الخلل الكبير الذي أدى في زيادة كبيرة بالكتل الجسدية. فشعوب العالم المتحضرة تفني عمرها في سبيل ترشيد استهلاك المواد الغذائية والتقليل من خطر السموم التي تتناولها لغرض توفير ما يمكن توفيره من مال للقيام بأعمال توسّع من قدراتهم وقدرات عوائلهم العقلية والفنية كالدراسة أو التجارة أو السفر برحلات طويلة للتعرف على العالم وممارسة الاختلاط الثقافي في التعرف على ثقافات الشعوب الأخرى ونقل حضاراتهم ونحن نفني عمرنا وإيراداتنا المحدودة في الأكل وكل شيء يحتوي على اكبر الكميات من الدهون السكريات والكربوهيدرات وغيرها من استهلاكيات القرن الواحد والعشرين وغيرها من تلك المواد التي ما تزيد إلا بترهل أجسادنا وتشوه منظرها الذي خلقها الله (سبحانه وتعالى) عليه في أحسن تقويم. علينا إخضاع انفسنا الى نظام ترشيق صحي بسيط يمكّننا من انتشال ما يمكن انتشاله من أولئك الذين ابتلعتهم آفة السمنة البغيضة وكما في الوزارات التي أرهقها الترهل. عسى أن يكون الترشيق علاجاً لها.. ويكون نظامنا الغذائي كنظامنا السياسي الحكومي الجديد.. رشيق.. قادر على التحرك بمرونة وفك عقدة المستقبل البهي أمام أنظار شعب طال عليه انتظارا لوطن قد توشح بالحداثة والعصرية في كل مفاصل حياته.