قسم: الاول | قبل بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

الصداقة دليل صحّة، لنُحسن الاختيار
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة *سجاد محمد حسين
بما إن الانسان بشكل عام هو موجود اجتماعي، بل ان تسميته بـ(إنسان) ناشئة من حالة الأنس التي يتصف بها، فهو يأنس الى أخيه الانسان كما إن الآخرين يأنسون اليه في حالات وظروف مختلفة. لذا كان لا بد للإنسان عامة والشباب خاصة أن تكون لهم علاقات وصداقات وأصحاب يأنسون إليهم في وقت فراغهم ويساعدونهم عند شدتهم ويستشيرونهم فيما يلمّ بهم، وهذا أمر قد جُبلت وفطرت عليه النفس البشرية فلا يمكن لها أن تنفك عنه.
ومن المسلم به أن الناس يختلفون في اختيار الصديق والجليس باختلاف أفكارهم وآرائهم وطبائعهم وعاداتهم وميولهم، وهذا يدعونا للتعرف على الأطر والمقاييس التي ترشدنا الى الصديق الصالح وليس الطالح، حتى لا نصل الى مرحلة ونقطة نكون عندها مجبرين لاتخاذ اجراءات مضادة لهذه الحالة الانسانية، ونمنع هذا من مرافقة ذاك، ونتهم هذا ونشكك في ذاك.
ونظرا للخطورة والتأثير البالغين للصديق على الشباب بالدرجة الأولى، كان لا بد من وجود ضوابط وقواعد لاختيار الصديق وإلا أصيب الإنسان بالضرر والعنت ولذا يحذر القرآن الكريم من صديق السوء في غير موضع من كتاب الله في إشارة إلى ضرورة اختيار الصديق وفق مواصفات معينة يقول سبحانه وتعالى: "ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا"، فتأمل كيف كان هذا الصديق والخليل سببا لدخول هذا البائس عذاب الله، وبعده عن رحمته.
وليس كل الأصدقاء على درجة واحدة بل يختلفون، فبعضهم أنت بحاجة له دائما وهنا مكمن الخطر، وبعضهم تفرضه عليك الظروف وطبيعة الحياة وإن كنت لا تريده، وبعضهم شر و وبال عليك. وثمة صفات لا بد من توافرها في الصديق الذي تبحث عنه وتختاره لتكون صداقتك قائمة على أساس متين قوي ولتجني من خلالها ما ترجوه وتأمله ولتحقيق ذلك لا بد أن تضع أمامك دائما معيار الدين والتقوى والصلاح في اختيار الصديق، وقد أوصانا النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث له: (لا تصاحب إلا مؤمنا)، وفي الكتاب المجيد يقول جل وعلا: "الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين".
من هنا فان تحكيم العقل والمعرفة في اكتشاف الصديق يُعد أمراً أساسياً في اختيار الأصدقاء فإنهم ينفعونك بعقولهم ولايضرونك بتصرفاتهم ويفيدونك عند المشورة وأخذ الرأي، واحذر كل الحذر من مصاحبة الأحمق المغفل فتجلب لنفسك كثيرا من ا لأضرار والمتاعب.
وليكن في صديقك الذي تختاره مع ما سبق حسن خلق ينفعك في وقت عسرك ويواسيك بماله ورأيه ومشورته ويقف معك في الملمات ويعفو عن الزلات ويملك نفسه عند الغضب فكم من صديق في اليسر لا تحمله أخلاقه على مواساة أصدقائه ولا على إيثارهم وقت شدتهم وعسرهم وكم من صديق سريع الغضب والضيق يغلب غضبه عقله ويقدم هواه على غيره، وكم من صحبة وصداقة ومودة أفسدها سوء الخلق وقبح الكلام وسوء التعبير وشدة الانفعال.
ولا بد في الصديق الذي تختاره أن يكون جادا سويا ذا همة عالية مبتعدا عن سفاسف الأمور وصغائر الأعمال لا يمارس ما يكون سببا للحكم عليه بالفسق أو قلة العقل والسفاهة والانحراف فإن ذلك كله له أثر على سمعتك وقد تتأثر من طول صحبته ببعض أخلاقه وصفاته الذميمة.
ولنعلم جميعاً إن قضية إختيار الصديق ليست من قبيل الترف الاجتماعي أو سدّ حاجة نفسية عند الانسان، وهي كذلك بالطبع، لكنها قضية لها جانب معنوي كبير من شأنه أن يقرر مصير الانسان وعاقبته في هذه الدنيا وفي الآخرة أيضاً.