السبيل الى اختيار الزوجة المناسبة
|
*عبد الكريم العامري/ باحث اجتماعي
إن اختيار الزوجة المناسبة من قبل الزوج يختصر كثيراً طريق السعادة والحياة الأسرية الهانئة البعيدة عن المشاكل التي تطرأ خلال الحياة الزوجية ومع مرور الزمن، والتي تنشأ في الغالب من سوء الاختيار.
إن الزوج السعيد هو الذي يطوي كشحا عن كل زواج مبتن على أساس ضعيف، فكل زواج يعوّل على التجارب والاكتشافات اللاحقة لكلا الزوجين، ويقف أمام الغموض في شخصية كلا الزوجين، هو زواج يضع الاثنين تحت رحمة الأيام المقبلة. أما الزوج السعيد فهو الذي يعتمد الاختيار الفاحص والمسؤول فيعرّف نفسه بوضوح كامل للزوجة، ومن جانبه يبحث بدقة عن مواصفات الزوجة الصالحة والمناسبة.
لكن ما هي المعايير والمقاييس الصحيحة التي يمكننا من خلالها تحقيق الزواج السعيد؟
هناك مقاييس عديدة حددها الإسلام وسنّها للرجل من شأنها أن تضمن له السعادة والنجاح:
1ـ الإيمان والتديّن:
قال تعالى: "ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم" (البقرة/ 221)، وقال رسول الله (ص): (تنكح المرأة على أربع خلال: على مالها، وعلى دينها، وعلى جمالها، وعلى حسبها ونسبها، فعليكم بذات الدين).
على أن اختيار صفة التديّن لا يعني ترك باقي الصفات بل إذا اجتمعت سائر الصفات مع صفة التدين كان ذلك أكمل وأتم، والكلام كل الكلام فيما لو تعارضت جميع المواصفات مع صفة التديّن فتقدم صفة الدين، لهذا قال (ص): (من تزوج امرأة لدينها وجمالها كان له ذلك سداد من عوز) .
2ـ الصلاح:
عن الإمام الصادق (ع) قال: (.... أما صالحتهن فليس خطرها الذهب والفضة، هي خير من الذهب والفضة، أما طالحتهن فليس خطرها التراب، التراب خير منها)، وقال رسول الله (ص): (من سعادة المرء الزوجة الصالحة)، وقال (ص): (ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيراً له من زوجة صالحة). فالزوجة الصالحة كما في الروايات هي التي إذا رآها زوجها فرح فرحا شديدا وشعر بالسرور، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله.
3ـ العاقلة وغير الحمقاء:
قال الرسول الأكرم (ص): (إياكم وتزوج الحمقاء فإن صحبتها ضياع و ولدها ضباع).
4ـ الولود الودود:
عن الإمام الرضا(ع) في القسم الصالح من أقسام النساء: (هن ثلاث: فإمرأة ولود ودود تعين زوجها على دهره لدنياه وآخرته ولا تعين الدهر عليه).
5ـ غير النابتة في منبت السوء:
في حديث مشهور عن الرسول الأكرم (ص) يحذرنا فيه عن الاغترار بالحسناوات وذات الوجوه الجذّابة، فيما تخفي الجذور والمنشأ السيئ والمشين، فقال (ص) ذات مرة لأصحابه: إياكم وخضراء الدمن ؟! فقالوا: ومن هي خضراء الدمن؟ قال: إنها المرأة الحسناء في المنبت السوء).
إنه بحق تحذير مدويّ لجميع الشباب المقبلين على الزواج أن لا يضعوا الجمال في مقدمة أولوياتهم، بل أن يبحثوا عما يخفي هذا الجمال، فان كانت هنالك الحشمة والعفة والطهر، فهذا خير على خير، لكن اذا كان التحلل الاخلاقي والميوعة والانفلات من القيود، فان هذه المرأة لا تعدو أن تكون لغماً هائلاً مغطى بالاعشاب الجميلة والورود التي بانفجارها تودي بحياة صاحبها بل وتترك آثارها على المحيطين أيضاً.
6ـ القليلة المهر:
هذا المقياس شأن المرأة، أو بالحقيقة هو من مسؤولية ذوي الفتاة، وليس الرجل المقبل على الزواج، لكن ربما هذا الرجل أو الشاب المفتون لا يأبه بهذه الصفة، أو قد يجد القضية نوعاً من التحدي، فيصرح بموافقته على كل ما يشترطونه عليه من أرقام طائلة كمهر بقسميه: (المقدم) و (المؤجل) كما هو المتعارف في المجتمع العراقي، لكن يغفل هذا الشاب المتبجح بأمواله وموقفه القوي، عما يخبؤه المستقبل حيث سيكون عنوانه وشخصيته في المجتمع هي المال والمال وحسب، وأي تراجع او خسارة، سيفقد القاعدة التي يقف عليها فينهار أسرياً و اجتماعياً، لذا جاءت وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أفضل نساء أمتي أحسنهن وجها وأقلهن مهرا) .
7ـ الأخلاق:
ان الفتاة التي تتخرج من أسرة مشحونة بالنزاعات والازمات الاخلاقية، لن تحمل معها الى بيت الزوجية إلا نسخة مما رأته وسمعته من أبيها وأشقائها وأمها، بل حتى من أقاربها، وبالنتيجة ستحاول تطبيق السلوكيات الخاطئة والشاذة التي اعتادت عليها على حياتها الزوجية، وأخطرها الكذب والملاسنة وعدم احترام الآخرين، هنا يحصل التضارب والتقاطع، اذ ان معظم الرجال حتى وإن كانوا على درجة بسيطة من الثقافة الدينية، يريدون أن يروا المرأة محترمة ومتزنة وذات لسان نظيف في البيت، لا أن تكون سليطة اللسان وكذوبة في الحديث.
هذه الشروط وغيرها، تأتي من خلال المعرفة والتعرّف بوسائل مشروعة ومعروفة في اوساطنا الاجتماعية، بل إن الدين شرّع عملية التعرّف بهدف الزواج، للوقوف على معظم الصفات والخصال الظاهرية والباطنية للفتاة التي يجب أن تكون أم المستقبل.
|
|