قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

كيف نشكر النعم ؟
*سعد الشمري
قد أنعم الله سبحانه وتعالى على عباده كافة بنعمة تستوجب اكبر درجات الشكر وهي نعمة الاسلام والولاية بعد ان وحد الناس جميعا تحت راية نبي الرحمة صلى الله وعليه وآله وسلم ليخرج الناس من ظلام الجهل والعبودية الى رحاب العلم والكرامة والاخلاق الانسانية.
ان الانسان يمارس فضيلة اخلاقية نبيلة بل لها أرقى الفضائل الاخلاقية عندما يشكر لله تعالى على النعم التي وهبها إياه في ظل هذا الدين الحنيف الذي نجد العالم البعيد عن الاسلام ومنذ اربعة عشر قرناً لايبرح يخرج من مشكلة اجتماعية او اقتصادية أو سياسية حتى يدخل في ما هو أعمق وأخطر.
والشكر كما يكون في اللسان يجب ان يكون في المواقف ايضا، لأن ما عندنا جميعاً هو بنعمة الاسلام، وليس أدلّ على ما نقول، اننا نلاحظ جميع حكامنا في البلاد الاسلامية التي حباها الله تعالى بانواع النعم والخيرات، يتحدثون بالاسلام وانه يعدونه الرمز والمثال والمحور وغير ذلك من عبارات المجاملة، لكن نبينا الأكرم صلى الله وعليه وآله وسلم علمنا ان (الايمان نصفان: نصفه صبر ونصفه شكر)، اي ان الانسان المؤمن يصبر على المصاعب فلا يتمرد في امتحان اراده الله عزوجل، ولا يتبطّر، انما يذكر نعم الله سبحانه وتعالى، قبل ان يرى المشكلة والشحّة التي تحصل أمامه.
نحن نتفق هنا ان نماذج الشكر للنعم الواردة في القرآن الكريم، يمكن ان تكون مثالاً لنا لنستعيد توازننا امام المشاكل والازمات ولا نفقد صوابنا لأول وهلة، علما ان السياسة ذات تأثير بالغ في متبنيات الامم والشعوب لذا قيل دائماً: (الناس على دين ملوكهم) وكذلك (اذا فسد السلطان فسد الزمان)، واذا تأملنا في امور حياتنا نرى ان دوامة الاحداث السياسية المتقلبة، تدفعنا بعيداً عن شكر النعم وهو ما نلاحظه جليّاً في عراق اليوم.
هنالك امور وحقائق تستحق الشكر جدا في بلدنا، وعندما نقول: (الشكر)، فهو لا يقتصر فقط على من يأكل اللقمة او ينهي طعامه فيقول: (الحمد لله رب العالمين)، فهذا من مظاهر الشكر الجميلة والمحمودة لدى الصغار والكبار، لكن المفهوم يمتد ليشمل جميع مناحي الحياة، وليس فقط الانسان العادي الذي يعد تناثر قطع الخبز على الرصيف او ارض المطبخ من مظاهر الكفر بالنعمة، بل ذلك الذي يكون دائماً إما في المقعد الخلفي للسيارة الفارهة أو خلف طاولة المنصب الحكومي او حتى في متجره او شركته او يتمتع بمكانته الاجتماعية. فهذا الامور والمظاهر كلها لم تكن متوفرة الى قبل ثمان سنوات، بل يعرف الجميع كيف كانت الحياة في عهد النظام البائد!
إن القرآن الكريم ومن خلال قصة نبي الله سليمان مع تلك النملة الصغيرة يبين لنا مثالاً بسيطاً لكن عميقاً على كيفية الشكر وعرفان النعمة وعدم التمادي في ملذّات الحياة الزائلة والاغترار بما في يد الانسان في هذه الدنيا، فقد اتهمت النملة هذا النبي العظيم مع كل ما يمتلكه من قدرات وامكانات لم يحظ بها بشر بعده، بانه هو وجنوده (لايشعرون)! هنا استوعب النبي وهو على بساط الريح انه عليه ألا يتفاخر ويكابر، وربما كان بالامكان ان يأتي الدرس لسليمان عبر وسيلة أخرى، لكن شاء الله ان تكون عبر نملة، وهي من الحشرات الصغيرة التي طالما يستهين الواحد منّا بها، بل يسعى دائماً للقضاء عليها دونما سبب في كثير من الاحيان!! وهنا قال نبي الله سليمان كما جاء في الآية الكريمة: "ربي اوزعني أن اشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه...".
من هنا نعرف ان غنى الانسان من الله تعالى، لذا يجب علينا دوام الشكر وعرفان النعمة حتى لانعود الى ما كنّا عليه، فالتغيير الكبير وغير المتوقع أبداً في العراق يُعد بالحقيقة نعمة عظيمة من الله تعالى هذا الشعب المظلوم، وعلينا ان نتعلم الشكر وكيفية الوصول الى قمة السعادة والتكامل من نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله عندما نزل عليه جبرائيل ذات مرة وقال له ان العلّي الأعلى يخيرك بين ان تكون أغنى من في الأرض أو ان تبقى هكذا تسد حاجتك ثم تطلب من الله فيعطيك... فأجاب الرسول الأكرم بان انتخب الخيار الثاني، ولما سأله جبرائيل عن السبب فقال: (ألا أن أكون عبداً شكوراً)؟