لنقف امام تأثير الفضائيات على الأسرة
|
*علي ابراهيم الغرابي
للاعلام دور كبير في التأثير على سلوكيات الافراد والمجتمع فوسائل الاعلام ومن ضمنها القنوات الفضائية باتت من اكثر وسائل الاعلام تأثيراً على السلوك العام، ولاسباب كثيرة نجد اليوم الشاشة الصغيرة الاقرب الى افراد الاسرة من أي شيء آخر، والمعروف ان في الاعلام طرفا معادلة: مرسِل ومستقبِل، أو مؤثر ومتأثّر، أما الوسط بينهما فهي الرسالة الموجهة بنوعيها السلبي والايجابي.
وفي الآونة الاخيرة ظهرت احصائيات مختلفة عن عدد الساعات التي تكسبها الشاشة الصغيرة من المشاهدين من أعمار متعددة، فقد تفاوتت الارقام بين بلد واخر، وقد رافقت الارقام صيحات حذر وانتقاد من وجود برامج ذات محتوى هدّام لاخلاق الاسرة المسلمة، وبعد مرور اكثر من خمسة عشر عاماً على انطلاق اول قناة فضائية عربية، بدأت وسائل الاعلام بالافصاح عن ارقام مخيفة عن حالات الطلاق وظهور السلوكيات الشاذة بين افراد الاسرة بسبب تلك البرامج، وفي الوقت الذي يصعب تحديد رقم محدد للقنوات الفضائية العربية التي تتجاوز رقم المائتي، فان المثير ان نجد باقات بعض الفضائيات متشكلة من مجموعات تلفزيونية متخصصة في الميوعة والتحلل الاخلاقي من خلال البث المتواصل للاغاني والافلام والمشاهد المثيرة، وذلك دون وجل أو خجل.
وربما ليس من الصدفة ان توكب هذه القنوات، الموجة المتصاعدة لمحاربة الحجاب في العالم الاسلامي والعالم بأسره، وترغيب المرأة على التخلّي عنه او على الاقل التخفيف من شدة الالتزام به، وهو ما يجعل الاعلام الملتزم امام مسؤولية كبيرة لتفعيل واعداد البرامج الجيدة والبنّاءة لرفد ثقافة الاسرة المسلمة بالوعي والقيم والتعاليم الدينية، وكشف زيف الشعارات والمفاهيم الني تطرحها القنوات الاخرى والتي تحاول النيل من بناء المجتمع الاسلامي وفصله عن جذوره الحضارية - الاسلامية.
وربّ سائل يسأل: اذا كان المجتمع الاسلامي يحمل كل هذه القيم الدينية ويعيش معظمه قي اجواء محافظة وليست هناك دعوات صريحة للميوعة كما هو الحال في الغرب، فما الذي يجعلها مهددة من قبل بعض القنوات المشبوهة؟ او بالاحرى لماذا نخشى بعض القنوات إذا كانت برامجها تافهة ورخيصة؟!
المشكلة في الحقيقة تكمن في داخل الاسرة، مثال بسيط على ذلك؛ عندما تظهر مقدمة برامج أو إمرأة اخرى على الشاشة الملونة وهي تعرض دقائق وجهها بغير قليل من التكلّفة المالية لاخفاء الخطوط والتجاعيد و... وإطهار الصورة المصطنعة، سيقول البعض من الرجال: أين نحن من هذا الجمال.....؟! هذه اللقطة ربما لا تكون بقصد الاثارة على كل حال، لكن ما بالنا بالافلام والمسلسلات التي تقف ورائها أقلام وافكار واموال طائلة لاظهار المفاتن وأنماط العيش والعلاقات بين الجنسين؟
ولعل ردود الفعل السريعة التي اذهلت الجميع والصادرة عن المجتمع الخليجي مما قدمته المسلسلات التركية المدبلجة، خير دليل على وجود ثغرات سارعت القنوات الفضائية لاكتشافها في بعض مجتمعاتنا وأسرنا فاخترقتها بكل سهولة ثم وجدت لها مكانا يحيث بات من الصعب طردها أو مزاحمتها! ورغم ما احدثته بعض البرامج الهدامة والمشبوهة من تصدعات في جدار المجتمع الاسلامي، لكن يبقى الاعلام المرأي وسيلة هامة يمكن الاستفادة من الحدّ الآخر له لما فيه الخير والصلاح، فقد سألت امرأة اعلامية عن تقييمها لما تتركه الفضائيات من تأثير على المجتمع والاسرة فقالت: (هناك مغالطة كبيرة في مفهوم الاعلام المرأي، فقد بالغ البعض بالقول: انها غير ضرورية من الناحية الاخلاقية، وفي حين لها دور كبير في عرض البرامج المفيدة والمهمة للمرأة والاسرة، ويمكن لهذه البرامج ان تأخذ بيد المرأة لما يمكنها من التحرر من الاغلال والقيم البالية والجاهلية واكتشاف مكانتها الحقيقية في الحياة، وخلال ذلك يمكن الفرز بين الغثّ والسمين في القنوات الفضائية المتزاحمة على الشاشة الصغيرة).
ومن هنا يجب مواجهة قنوات الميوعة والاباحية والدعوة الابتعاد عن الالتزام الديني, بالوعي والثقافة وليس الاسراع الى اطفاء التلفاز أو رميه في الشارع! فلله الحمد هناك على الشاشة قنوات ملتزمة ولو انها ليست بمستوى الطموع والمنافسة، لكن بامكانها ان تكون البديل وان تقطع أشواطاً في طريق التطور، لكن تبقى المسؤولية كبيرة على الاسرة وتحديداً الام والاب والاخ الاكبر ان يحمي الاسرة من تأثير الثقافات الواردة من المجتمعات الاخرى، حتى يكون افراد الاسرة محميين ولو بالقدر الممكن من البرامج الني تبثها القنوات الفضائية وأن لانكون بعد اليوم في خشية وخوف وحذر ونحن نعيش داخل بيوتنا.
*بكلوريوس علم النفس
|
|