قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

إنتخب "الصادق" الذي "لايتنكر" لشعاراته وبرنامجه
طاهر القزويني
أريد المشاركة في الانتخابات، وقد تباينت الخصال التي يتمتع بها المرشحون، فكل واحد منهم يدعو إلى قيم ومبادئ، وطنية واسلامية، وكل واحد منهم يرفع شعارات تصلح لأن تتحول إلى برنامج عمل بعد الفوز بالانتخابات. لكني كنت أريد الاهتداء بالقرآن الكريم من أجل إنتخاب الفرد الأصلح، وأنا على اعتقاد ثابت بأن القرآن الكريم يحتوي على جواب كل مسألة، فلابد أن القرآن الكريم سيرشدني إلى الشخص الذي يجب أن أنتخبه للحكم وتحمل المسؤولية وتقلد المنصب.
وأثناء ذلك التفكير وردت إلى ذهني هذه الآية الكريمة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة،119). ووجدت أن هذه الآية هي التي تصلح لمعرفة المرشح الأنسب للانتخابات .
واستناداً لهذه الآية قمت بتحقيق بسيط بالنسبة إلى تاريخ الأشخاص المرشحين .. لأنتخب الصادق منهم، وهذه الصفة هي محورية وذات علاقة مسيسة بمصالح المواطن، ذلك أنه إذا قلت بأن الصفة الرئيسة هي التقوى والإيمان، فسيقولون بأن الإيمان والتقوى يمثلان رابطة بين العبد وربه، وربما يدعي الحاكم الإيمان والتقوى لكنه يظلم في الحكم، فإذا كان متقياً فتقواه تنفعه هو، وما الذي أنتفع به أنا المواطن من تقواه وهو غير كفوء ولايعرف أصول الحكم والقيادة؟!
الصدق هي الصفة المحورية التي يتساوى أمامها الناس جميعاً مؤمنين وغير مؤمنين، فالصادق هو الذي يصلح للحكم وتقلد منصب المسؤولية، لأنه لو رفع شعاراً فإنه سيحاول أن يطبقه بعد أن يجلس على مقعد القيادة.
أما الكاذب فإنه يرفع شعارات يعرف بالضبط أنه لن يستطيع تطبيقها، فهو يمنّي الناس ويوعدهم بشتى الأماني والوعود حتى ينتخبوه للحكم، وعندما يستولي على مقدرات الأمور يتنكر لأقواله ووعوده ويحسب انه قد يفلت من حساب التاريخ والأمة.
ويظن البعض أن خيانة الأمة هو الاستيلاء على أموال الشعب وتجاوز القوانين والاعتداء على حرمات الناس دون وجه حق، هذا وإن كان يمثل نوعاً من خيانة الأمة، لكن الخيانة الحقيقية هي: أن المرشح للإنتخابات يوعد الناس بأشياء إذا هم إنتخبوه ولما ينتخبوه ينسى تلك الوعود ويفعل كما يحلو له من دون مراعاة الوعود التي قطعها على نفسه.
من هنا سنعرف بأن المرشح الصادق مع نفسه ومع شعبه سيكون دقيقاً في منح الوعود الانتخابية، فهو لايؤمل الناس بأشياء هو لايستطيع تنفيذها في فترة حكمه، هذا يعني أنه سيجري دراسة علمية لأوضاع البلد الحالية والإمكانات التي لديه والبرامج والمشاريع التي سيستطيع تحقيقها وفق تلك الإمكانات.
أما المرشح الآخر الذي يطلق الوعود، دعائية فارغة، هو في الواقع يسخر من عقول أفراد شعبه، ذلك أنه يحسبهم جهلة وغير قادرين على تمييز صدقية أو كذب ادعاءاته وانه يستطيع أن يخدعهم بهذه الطريقة من أجل الوصول إلى الكرسي .
فالمرشح الصادق هو إنسان سوي يحاول أن يبذل كل ما في وسعه من أجل خدمة المواطنين، وهذا الإنسان يعدّ المنصب مسؤولية وليست مكافأة يستثمرها من أجل مصالحه الشخصية وتكديس الثروة.أما الإنسان المخادع فهو يتلاعب بالكلمات والألفاظ ويستعمل العبارات المنمقة والكلمات الأدبية البليغة والشعارات التي يرغب بها العامة، من أجل كسب رضاهم وتأييدهم في صناديق الاقتراع، فهو يحسن الحديث، ولكنه قليل العمل لأنه يعتمد في نشاطه وصعوده السياسي على لسانه في التلاعب بالكلمات وكيفية خداع الناس بهذه الطريقة، وحتى إذا أصيب بنكسة أو بفشل بالعمل سيتمكن من خلال لسانه اللبق كيف يبرر فشله ذلك.
إذن.. يجب أن لانسمح بانتخاب وصعود الكذابين والمخادعين .. لأنهم لن يلتزموا بشيء من أقوالهم ولابشيء من الأخلاق الحميدة، فهؤلاء جعلوا غايتهم هي الوصول إلى الرئاسة بأي ثمن وبأية وسيلة.ومن السهولة معرفة صدق وكذب الشخصيات السياسية، فمراجعة بسيطة إلى تاريخ الشخصية، وإلى تصريحاتها وسلوكها سنكتشف حقيقة هذه الشخصية وكيف تتعامل مع تطورات الوضع السياسي، ويمكن مراجعة إرشيف الصحف والمجلات للاطلاع على تصريحات وأحاديث تلك الشخصيات السياسية.
فبالنسبة إلى أولئك الذين يرفعون شعار الوطنية ويعادون الطائفية والمحاصصة السياسية، نرجع إلى تأريخهم ونبحث عن مواقفهم وتصريحاتهم في الفترة العصيبة التي شهدها العراق حيث كان القتل على الهوية، ونبحث عن دور تلك الشخصيات في تأجيج الحس الطائفي أو بالعكس العمل على تهدئة الأوضاع في البلد.
بلاشك إن ما يلاقيه العراق اليوم، والأوضاع المأساوية التي شهدها البلد خلال السنين الماضية هي ـ في جزء وجانب مهم منها ـ نتاج أقوال وأفعال السياسيين، ولهذا يجب اختيار الأصلح حتى يحقق العراق استقراره وسلامه على مدى السنين القادمة.
لقد استفادت رسالة الإسلام من خصلة مهمة كانت لدى رسول الله صلى الله عليه وآله وهي (الصدق) فقد عُرف بالصادق الأمين وقد ساعدت هذه الخصلة الدعوة الإسلامية على الإنتشار فما كان المشركون يجرؤون على اتهام الرسول(ص) بالكذب، ذلك لمعرفتهم التامة بصدقه، فالصدق هي صفة محورية للقائد.