الدعوة لإعادة اعلام "الحكومة" الرسمي ..
الاعلاميون.. كل له مبرراته وآراؤه في "الرفض" أو"التأييد"
|
علي المسعودي/الهدى/ بغداد:
اثارت دعوة الحكومة، قبل اقل من شهر، لإعادة الاعلام الرسمي ليكون سندا للاعلام الحر في العراق ردود افعال متباينة في اوساط الصحفيين والمؤسسات الاعلامية، فهناك من يرى ان للدولة الحق في ان يكون لها اعلام رسمي، وهناك من يعارض تحقيقها ويعدّها رجوع الى المربع الاول.
يقول عبد الزهرة البياتي رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة (البينة الجديدة) اليومية، انه "لامشكلة من وجود اعلام رسمي اسوة بدول المنطقة لمعرفة المواقف الرسمية للحكومة او يكون سند للاعلام الحر"، ويضيف انه "في ذات الوقت قد يواجه الاعلام الحر مشكلة اخرى وهي ان يهيمن الاعلام الرسمي على مصادر التمويل من خلال جمع الاعلانات الحكومية والتجارية، الامر الذي سيضعف التمويل بالنسبة للاعلام المستقل".
من جانبه يقول نزار الهاشمي مدير تحرير وكالة انباء (ايبا)، أن "الاعلام الرسمي فيما لو عاد فسيكون وسيلة ضغط على الاعلام الحر، خصوصا وان الاعلام الحزبي خصوصا للاحزاب النافذة الان يهيمن على مصادر التمويل والحصول على المعلومة".
ويرى ابراهيم السراجي رئيس الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين، في تقرير بهذا الشأن، اعدته ونشرته وكالة أصوات العراق، الاخبارية، أن :" دعوة المالكي لانشاء اعلام رسمي هي دعوة لحوكمة الاعلام، وابعاد المؤسسات الاعلامية الحرة عن الحصول على المعلومة، خصوصا وان دعوته جاءت على اثر مطالبة صحفيين بتعاون المكاتب الاعلامية في مؤسسات الدولة وضمان الحصول على المعلومة بموجب المادة 138 من الدستور التي تكفل حرية التعبير". واضاف ان "الاعلام الرسمي هو اداة من ادوات الحكومة ووسيلة من وسائل الدعاية الانتخابية لتحقيق اهداف انتخابية".
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي، قد دعا، اواخر الشهر الاخير من عام 2009، الى عودة الاعلام الرسمي لتحمل مسؤوليته الى جانب الاعلام المستقل، مبينا ان هذا سيكفل حل المشكلة التي صنعها الحاكم الامريكي السابق للعراق، بول بريمر.وقال في معرض رده على سؤال يتعلق بـ"عدم استجابة" المكاتب الاعلامية للوزارات مع الصحفيين، إن "الحكومة لا تملك فضائية او صحيفة او اذاعة الا بقدر ما يتفضل به مسؤول هذه الوسائل" حسب تعبيره، مبينا ان "هذه المشكلة صنعها بريمر للعراق، ويجب التخلص منها واعادة الاعلام الرسمي ليتحمل مسؤوليته الى جنب الاعلام الحر المستقل". وكان بريمر قد اصدر امرا بالغاء وزارة الاعلام، وتأسيس شبكة الاعلام العراقية بدلا عنها، على ان لا تكون مرتبطة بالحكومة.
ويقول المتحدث بأسم جمعية الدفاع عن حقوق الصحفيين، ناظم العكيلي، ان: "تبرير دعوة رئيس الوزراء يتضمن مغالطة كبيرة حيث لم يحدث في كل التجارب الصحفية التي شهدها العراق ان يصبح الاعلام الحكومي رديفا او معينا للاعلام المستقل". وأضاف العكيلي ان "تجربة العقود الثلاثة التي مر بها الاعلام في العراق في زمن النظام السابق تؤكد صحة ودقة وجهة النظر هذه حيث اتسعت مساحة الاعلام الحكومي وتكرست سلطته كأداة دعائية للسلطة وبرامجها ومشاريعها السياسية القمعية للدرجة التي تضاءل فيها حجم الاعلام المستقل الى درجة التلاشي ".
واوضح العكيلي ان "القول بعدم امتلاك الحكومة لوسائل اعلام امر يبتعد عن الحقيقة عند تطبيقه على ارض الواقع بعد ان تحولت شبكة الاعلام العراقية بحلقاتها المقروءة والمرئية والمسموعة الى مؤسسة حكومية صرفة وخصوصا في فترات الحكومتين اللتين سبقتا حكومة المالكي الامر الذي افقد الشبكة قيمتها ومضمونها الاعلامي والمهني باعتبارها مؤسسة البث العام الاولى في العراق والمنطقة". واشار ايضا الى ان "قضية عدم تجاوب مكاتب الاعلام في الوزارات مع الصحفيين والتي كانت موضوع حديث السيد المالكي ودعوته لعودة الاعلام الحكومي مشكلة كبيرة وانتهاك صريح للحريات الصحفية وهي بكل الاحوال لا ترتبط باي علاقة بقضية عودة الاعلام الحكومي من عدمها بل تتعلق بشكل مباشر بوجود ارادة حكومية وتشريعية لتجسيد كفالة الدولة لحق الوصول الى المعلومات من خلال المادة 38 من الدستور العراقي بايجاد مسودة ناضجة وفاعلة لقانون حق الوصول الى المعلومات فضلاً عن قانون الحريات الصحفية تقطع الطريق من خلالها على الاجراءات الكيفية والتي تتسم بالتعسف في الكثير من الاحيان للعديد من الوزارات والمؤسسات والتي تمنع بموجبها الصحفيين من الوصول الى المعلومات وتغطية الاحداث وتعطل بالتالي اهم حلقات العمل الصحفي ومبادئ الحريات الصحفية ".
اما رئيس قسم الصحافة في كلية الاعلام/ جامعة بغداد، هاشم حسن، فيقول :"هناك فرق بين الانظمة الصحفية في العالم فهناك انظمة تسلطية يكون الاعلام فيها مركزي تابع لسياسة محددة المعالم يكون الاعلام فيها ذا اتجاه واحد هو اعلام السلطة ويكون منعدم التفاعلية ولا تحكي الا وجهة نظر الحاكم". واضاف "من المفروض ان يكون للحكومة جهاز اعلامي فعال يرد الهجمات المضادة وخاصة موجات الحرب النفسية التي تقودها بعض الدول الاقليمية وكذلك ينقل وجهات نظر و آراء الجماهير الداخلية للرأي العام الخارجي ". وشدد على ضرورة "ان تكون للحكومة مؤسسة اعلامية لاتتقاطع مع المفهوم الديمقراطي او وكالة انباء متخصصة تنقل الاخبار على كل الصعد ولها مكاتب ليست كالتي في الوزارات عبارة عن مكاتب متخلفة وعاجزة".
|
|