مصطلحات قرآنية
الشعائر
|
*حيدر عبد الجليل
ارتبطت كلمة (الشعائر) بعبادة الله سبحانه وتعالى والتقرّب اليه في مراسيم الحج، وقد وردت في القرآن الكريم ثلاث مرات: مرتين في سورة الحج الآيات (32 و 36)، وفي سورة البقرة الآية (158)، ففي سورة الحج جاء السياق القرآني لتبيان الطقوس العبادية عند بيت الله الحرام، وبيان أبعادها المعنوية والأخلاقية وأيضاً المادية، ويبدأ السياق القرآني في سورة الحج من الآية (26) حيث يقول تعالى مخاطباً نبيه العظيم أبراهيم (صلوات الله عليه): "وأذّن في الناس بالحجّ يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فجٍ عميق"، ثم يقول تعالى: "ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب"، وفي الآية (36) يقول تعالى: "والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير..."، وفي سورة البقرة الآية (158) يقول تعالى: "إن الصفا والمروة من شعائر الله...".
جاء في تفسير من (هدى القرآن الكريم) لسماحة المرجع السيد محمد تقي المدرسي (حفظه الله)، بأن (الشعائر)، هي جمع شعيرة بمعنى العلامة التي تدلك على الشيء، وشعائر الله هي الواجبات الدينية التي تشهد على عظمة الرب مثل مناسك الحج وصلاة الجمعة والجماعة وسائر مظاهر التوحيد، (1) كما أكد على الدلالة العبادية لكلمة (الشعائر)، سماحة العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي في (تفسير الميزان)، حيث قال: بأن قوله تعالى "إن الصفا والمروة من شعائر الله" إشارة الى كون المكانين معلّمين بعلامة الله سبحانه ويدلان بذلك عليه، واختصاصهما كونهما من الشعائر دون بقية الأشياء جميعاً، ويدل على أن المراد بالشعائر ليست الشعائر التكوينية بل هما شعيرتان يجعله الله تعالى إياها معبدين فيهما فيما يذكّران بالله تعالى... (2).
وبعد هذا.. هل يصح لنا أن نطلق على كل عمل سواء أكان في الماضي أم الحاضر، بأنه من (الشعائر)؟ إن القرآن الكريم منح هذه الكلمة ومفهومها قيمة عظيمة عندما جعلها من لبنات الثقافة الدينية عند الانسان المسلم، فالشعائر طقوس عبادية تصل الانسان الى معبوده الواحد الأحد، كما هي أحد عوامل تحقيق تقوى القلب، وحمايته من عواصف الشهوات والنزعات الشيطانية.
ومن هذه النافذة يمكن الإجابة وبكل قوة على من يحاول تحديد (الشعائر الحسينية) في قضية شخصية، وكأنها خاصة بالإمام الحسين (عليه السلام)، وبقضيته المدوية، في حين إنها عبارة عن عمل عبادي، بل انها بالحقيقة تشكل الوسيلة السريعة الى الله تعالى، عندما تتحدد في أيام معدودات كما هي أيام الحج، فاذا كان الحاج يتقرب الى الله تعالى بالإبل المعلّمة بعلامة -شعار- ويتجه بها نحو النحر ثم يطعم البائس الفقير، فان الإمام الحسين (عليه السلام) أكبر كرامة وعزةً من الإبل لأن يتقرب به الانسان الى الله من خلال إحياء قضيته العادلة التي أحيى بها دين الله وحفظه من الانحراف ليصل الينا الاسلام ناصعاً متكاملاً نفخر به أمام العالم.
ــــــــــــــــ
هامش:
1-تفسير من هدى القرآن – السيد المرجع المدرسي ج8 / ص60.
2-تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي ج1 / ص386.
|
|