السياسيون في العراق وصلعة برنادشو
|
تيسير سعيد الاسدي
منطقيا يجب أن يكون لصراع الديكة السياسيين في العراق حل حقيقي فما عاد الجسد العراقي يحتمل جراحات أخرى ولا النفوس تقبل بمزيد من الاستهانات من قبل أولئك المتنازعين، ولابد ان يعاد ترتيب البيت العراقي الوطني وان توضع النقاط على الحروف من اجل ان تنبعث فينا صحوة عمل حقيقية نسهم فيها جميعا لبناء بلدنا ،لذلك فان اخطر ما في الوقت الراهن هو بقاء هذا الانشقاق الوطني وان يبقى الجميع على طرفي نقيض دون الاستشعار بالمسؤولية الوطنية تلك التي جعلت من المتشائمين يصرحون من على الفضائيات بان العراق سيعود الى المربع (الصفر).
المطلوب من السياسيين ان يتذكروا عذابات 40 عاما او اكثر من الشعب العراقي. المطلوب من أولئك ان يتذكروا وطأة الاحتلال وما يقوم به داخل المجتمع العراقي، وإلا ستظل قضيتنا الوطنية وبناء العراق الجديد تراوح في مكانها او ان تنحدر للأسوأ، وأظن أن الشعب العراقي لن يصبر أكثر مما صبر عليه، فالأمر البديهي أن " المركب لا يقوده اثنان " والذي يريد التمسك بالزعامة، او ان يعود بنا للمربع الاول، فهذا ليس مطلب .. الذين يريدون استعادة حقوقهم من بين أنياب جيران السوء وهذا لن يكون من خلال التمسك بالسلطة اوالصراع عليها.
هناك امور ينبغي الالتفات اليها وان توضع في اولوية العمل القادم، ومنها الهم العراقي اليومي الذي يكمن بمعيشة الادمية التي يجب ان يكون عليها المواطن العراقي بحسب ما يمتلكه من ثروات، فانا ارى وجوب الاهتمام الحقيقي بالامور المعيشية ورفع ماستواها، ..اضافة العمل الجاد على استئصال الفساد المالي والاداري من جذوره وازالة التشوهات في الوزرات كافة.. مع التحقيق في الشبهات كافة من اجل ان ينعم الفرد العراقي وعائلته كما ينعم المسؤول العراقي وعائلته. فهنالك عدم توازن في توزيع المال العراقي بين المواطن والمسؤول، الامر الذي ادى الى الاختلال بميزان العدالة الاجتماعية. وفي هذا الشان اشار الكاتب الساخر برنارد شو لصلعته التي يحيط بها شعر كثيف وقال (ان الاقطاع وسوء توزيع الثروة مثل توزيع شعر رأسي كثافة في الانتاج وسوء في التوزيع) لذلك فان العراق اليوم اصبح كصلعة برنادشو، فقد بحت الاصوات من داخل العراق ومن خارجه بالنداءات والصرخات الصادقة لايلاء مثل هذه المسألة اقصى درجات الاهتمام ،ولكن المؤسف ان المتصارعين في ابراجهم العاجية وصياصيهم العالية قد انفصموا وانفصلوا عن منابتهم الشعبية واصبحوا لا يسمعون وكأن في آذانهم وقر وفي قلوبهم بطر وغرور زائد، ويحسبون ان هذه من صغائر الامور وليست من امهاتها، والمؤسف ان الساحة السياسية في العراق يطغى عليها مبدأ الصراع على كراسي السلطة والمصالح و التنظير الاجوف والهوس الكلامي ولذلك ترانا نتخوف من القادم الذي تديره جهات شرقية وغربية وفقا لمصالحها ..
نعم من حقنا ان نطمح فى وطنٍ معافى موحد يسع الجميع .. موحداً معززاً و نامياً ...لذلك لابد للجهات السياسية من الروية والتراجع والنفس الوطنية الحقة من اجل التصدي لسياسة العباد والبلاد من خلال القدرات الحقيقية للنهوض بهذا العبء الوطني الذى يتطلب عزائم لا تلين وصدقاً منقطع النظير وبلد موحد قوي يفرض احترامه على العالم. والرائد لايكذب أهله ..
|
|