قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

هل جماهيرنا أهل للديمقراطية ؟!
عادل بهبهاني (*)
يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): (النفس خبيثة، إذا لم تعودها على الحق، عودتك على الباطل). العالم كله شهد الإرث الذي تركه الحاكم المقبور صدام من المقابر الجماعية والمجازر الكيماوية والجرائم الحربية والقمع الدامي للمواطنين في العراق، وأدان هذه الأعمال الوحشية، إلا جماهير من شعوبنا، ما زالت تبكي على الأطلال وتتذكر مآثر هذا الحاكم البطل الشهيد ـ حسب وصفهم ـ وتطالب في الوقت ذاته بالحرية والديمقراطية!! .
ترى.. هل أمثال هؤلاء مؤهلون لممارسة الحرية والديمقراطية؟ هل يحق لهم التصويت والانتخاب؟ هؤلاء تعودوا على تمجيد الطاغية وغض البصر عن جرائمه، بل وتبرير دمويته وظلمه وإسرافه، بعدما تشربت نفوسهم الثقافة التي تهتف لـ (الحاكم) عادلا كان أو ظالما، وتأمر بالخضوع له إن نصب نفسه وليا للأمر بقوة الحديد أو غير الحديد، هؤلاء تغلغلت العبودية في أعماقهم على مدى قرون، فهل تغيرت حالهم في عصر العولمة؟!.
بديهي أن تتغير الحال، فقد صار لزاما على الأنظمة أن تفسح المجال قليلا لمسرحيات الديمقراطية، فتارة يصّوت الشعب بنسبة 99.99 في المئة لصالح انتخاب الرئيس في انتخابات حرة نزيهة، وتارة يصّوت لانتخاب الرئيس حاكما مدى الحياة، ولكن الأطرف من ذلك عندما يعلن الرئيس عدم ترشحه بالانتخابات القادمة، فتهب الجماهير في مظاهرات عارمة في البلاد تطالبه بإلحاح (إعادة) ترشيح نفسه ثانية، فينزل الرئيس عند رغبة الجماهير ويعيد ترشيح نفسه حبا وإكراما لهم، فهل سيقوم الرئيس (محمود عباس) بهذا السيناريو أيضا؟!.
نكتة جديدة ـ وإن بمستوى أقل ـ نعيشها اليوم في مسرحياتنا الديمقراطية، أعداء للديمقراطية وانتهازيون ومتزمتون لا يؤمنون بالديمقراطية.. يرشحون أنفسهم ويفوزون في المجالس النيابية، ثم يعزفون أنغاما مسمومة تحمل الناس على بغض الديمقراطية وذبحها، فعظم الله لنا ولكم الأجر في الديمقراطية، رغم أنها أصلا لم تكن حية في النفوس ولا حراك لها في الميدان!.
طبعا لا ينبغي لنخب المثقفين الحزن والأسى على غياب الديمقراطية، لأنهم -الكثير منهم- كانت الحرية والديمقراطية بالنسبة له (أكل عيش) أو (برستيج) أو (فرصة) لمسح الأجواخ، كما ينبغي ألا تستغرب هذه النخب من غيبة الجماهير لأن حالها ـأي النخب ـكحال الجماهير استمرأت العيش تحت نير الاستبداد!. العزاء الوحيد أن (بعضا) من جماهير شعوبنا و(بعضا) من نخبنا ـوهم قليلون على كل حال ـ ما زال فيهم عزم وإرادة على تحرير العقول والقلوب من تراث الثقافة الطاغوتية، وإطلاق سراح بقية الجماهير المأسورة لترى الحرية الحقيقية والديمقراطية الحقيقية.
(*) كاتب كويتي