قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

الشعور بالمسؤولية.. والانتخابات المصيرية
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة طاهر القزويني
لاشك أن الصعاب والمآسي التي عايشها الشعب العراقي خلال العقود الماضية قد تبعث اليأس والقنوط في قلوب كثير من الناس الذين لايتوقعون أن يعيش هذا البلد وضعاً هانئاً وهادءاً على مدى المستقبل المنظور. فالعراقيون ذاقوا طعم الحصار والعقوبات الدولية، والحروب النظامية.. تجاه الخارج والداخل، والقمع والتنكيل.. واختبروا تجربة جديدة على يد التكفيريين وحرب الانتحاريين.هذه الأمور كلها محبطة وتصيب الإنسان باليأس والغثيان من الوضع السياسي الذي يعيشه البلد..
لكن ماذا علينا أن نعمل في ظل اوضاع وتحديات كهذه هل نترك الأمور للذين ظلمونا لكي يستعيدوا مكانتهم من جديد وثم يظلمونا مرة أخرى؟ وهل نتنازل عن حسنا وشعورنا بالمسؤولية تجاه بلدنا؟ أم نبقى متمسكين بالدفاع عن عدالة قضيتنا؟.
من الواضح إننا قدمنا سيلاً من الدماء في سبيل تحقيق ما حقق حتى الآن، وهذا يعني انه لامجال للتراجع عن هذا الطريق الذي تكبدنا فيه كل هذه الخسائر، وأقول ليست خسائر انهار الدماء التي روت شجرة الحرية والعدالة في أرض الرافدين، فلم تذهب تلك الدماء هدراً ولم نخسر شيئاً إطلاقاً لأننا زرعنا هذه الشجرة المباركة في منطقة تعج بالظلم والاضطهاد والتمييز القومي والطائفي.
إن خيار كتابة الدستور وإجراء الإنتخابات الديمقراطية الذي اتخذته المرجعية الدينية في فترة حساسة من عمر العراق، صحيح أنه كلفنا الكثير من الدماء، إذ قتل الآلاف على مذبح الحرية، لكن تلك القرارات هي التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه من الحرية وستؤدي بنا بإذن الله تعالى وإرادة الحياة والكرامة وعزيمةالعمل التي يتمتع بها شعبنا، الى تحقيق الطموحات والآمال في العيش في ظل مجتمع ونظام وحياة تسودها العدالة والانصاف والتقدم والرفاهية.
صحيح أن الدولة حتى الآن غير قادرة على توفير مستلزمات الحياة السعيدة لأولئك الناس الذين ضحوا وتماسكوا في الفترة العصيبة التي شهدها العراق، لكن المستقبل واعد، والتاريخ هو الذي يسطره ويصنعه المناضلون الأشداء الذين يصبرون في أوقات المحنة، حتى يقطفوا ثمار صبرهم (الحرية-العدالة-الكرامة- الشموخ). نحن لانبرر للسياسيين أخطاءهم وتقصيرهم، غير أن المؤامرات التي حيكت بحق العراق كانت أكبر من الأحزاب والتنظيمات والجماعات المخلصة التي تعمل لخدمة العراق، فمؤامرة التمزيق الطائفي التي عملت على تحقيقها دوائر معروفة بعدائها للإسلام، استطاعت أن تحدث شرخاً كبيراً بين صفوف الأمة. ومستوى التدمير الذي تعرض له البلد في الفترات السابقة من حكم النظام البائد، وكذلك التدمير الذي أحدثته قوى الظلام وهي التي تختبئ وراء المخططات الجهنمية، كل ذلك الدمار ما كانت تستطيع دولة هادئة ومستقرة أن تواجهه أو تحاول إصلاحه فمابالك بالعراق الذي كان يبني موقعاً فيدمرون له عشرة مواقع.
إن الذي يقرأ الأوضاع في تلك الفترة يعرف جيداً أن الذين يقفون خلف الستار ويخططون لواقع العراق كان هدفهم تحقيق أكبر قدر من الدمار للعراق بكل أشكاله وأنواعه.دمار وتخريب على مستوى الهوية الثقافية والسياسية، دمار على مستوى الدولة والنظام، ودمار على مستوى الاقتصاد والاعمار، هؤلاء الذين كان لديهم المشروع التدميري للعراق ليسوا من أبناء هذا الشعب، وكان أدواته المنظمات الارهابية التي قدم أفرادها من البلدان العربية ولم يكن هدفهم سوى تحقيق أكبر قدر من الدمار في العراق.
رواد المؤامرة الدولية في العراق استفادوا من الكلمات المضيئة لخدمة أغراضهم ومن أجل تشويه تلك الكلمات وخلق معارضة كبيرة ضدها، فهم الذين خلقوا تنظيمات الارهاب الذي أسموه مقاومة ! وكانوا يزقونها بالأمول والسلاح ويوجهونها لقتل المواطنين الأبرياء، وقد تمكنوا عن هذا الطريق تشويه كل صورة للمقاومة.
وبعد كل هذا التخريب الذي حصل على المستويات الثقافية والسياسية والاقتصادية وغيرها، ماذا يبقى للشعب العراقي الممتحن؟. الذي يبقى لهذا الشعب هو (ارادته) على صنع الحاضر والمستقبل، فعلى الرغم من كل المؤامرات التي حيكت ضده إلا إن المتآمرين من القاعدة والوهابيين والبعثيين كان هدفهم التأثير على إرادة الإنسان العراقي، ومحاولة تغيير توجهاته، والتأثير على رأيه الإنتخابي، لذا فإن الإنتخابات القادمة ستكون فيصلية وأنها ستقرر مصير البلد لعشرات السنوات القادمة لأنها تأتي في زمن حاد ومحرج ومصيري بالنسبة للعراق.
الإنتخابات القادمة ستحدد مصير التواجد الأجنبي في البلد، وتحدد مصير طبيعة الحكم في العراق، وتحدد مصير وصورة النظام السياسي وغيره، وقد تحدد مصير كركوك، وتحدد مصير كيفية التعامل بين الحكومة المركزية واقليم كردستان، وتحدد مصير التعامل مع حزب البعث الفاشي.فمع الدعوات المتصاعدة لإعادة البعث للحياة السياسية فإن الانتخابات القادمة ستكون مصيرية في حالة مجيء أفراد وجماعات لم تكتوي بنار البعث، فهؤلاء لايهمهم عودة البعث إلى العراق أو حتى السيطرة على الحكم مرة أخرى.
من هنا فإن رأيك الإنتخابي سيحدد مصير البلد، وهو الذي سيمنع أو سيسمح بعودة هذا الحزب الفاشي إلى العراق.. ولكن بعد كل هذه التضحيات وكل هذه الدماء التي أريقت على مذبح الحرية، هل من المعقول أن نسلم رقابنا ومصيرنا لهذا الحزب الفاشي الذي لايعرف إلا لغة القتل والبطش والدموية؟. صحيح أن القوى المتآمرة على مصير العراق، والتي تقف خلف الستار وتحرك كل خيوط التآمر تريد عودة البعث مرة أخرى للعراق تحت عناوين ومسميات عدة منها المصالحة الوطنية وما إلى ذلك، لكن هذا الأمر يجب أن يحسمه الشعب العراقي من خلال صناديق الاقتراع.