حاجتنا الى ثقافة التغيير
|
يلعب صياغة الوعي دوراً كبيراً في الارتقاء بالمجتمعات حيث يساهم في الارتقاء بمستوى التفكير عند الناس ويفتح آفاق التفكير والتطلع من أجل التحول والعمل دائماً من أجل الأفضل والتكامل في الأداء والسلوك الاجتماعي والسياسي، ولذلك فإن السعي من أجل الصدارة والريادة على مختلف الأصعدة يبقى هاجساً كبيراً عند الأمم الطموحة وهو حق مشروع ومتاح في نفس الوقت للجميع ولكن الفرق يكمن في من يحمل المشروع ويسعى وراء تحقيقه فيصنع الفارق بينه وبين الآخرين وهي قضية ينبغي أن تسترعي الانتباه والتفكير في حالنا وموقعنا بين الأمم، والدور الذي يمكن أن نلعبه على أكثر من صعيد فيما لو اخترنا وذهبنا وراء قضية الصدارة والريادة وهذا يستدعي أن نسلط الضوء على قضايانا من دون أي مجاملات أو خوف أو خجل.
إن الحقيقة المرة والتي قد تكون مؤلمة هي أننا نعيش على هامش العالم وربما أقل من ذلك وربما خدمتنا حالة العولمة أو التواصل الكوني في عالم اليوم عبر شبكات "النت" العملاقة أو الفضائيات ولكن في حدود أن يعرف البعض أننا نعيش على هذا الكوكب ليس إلا، والحال إنه ينبغي أن نعمل على أن يكون لنا دور في عالم اليوم وليس مجرد متفرجين على مسرح الأحداث يتابعون صناع الأحداث والقرارات وهذا يقودنا إلى الحاجة لبناء أرضية تفكير ترتقي بواقع الحال عندنا إلى واقع جديد يتبنى عملية التغيير وتكون لديه القدرة على تحمل تبعات التغيير ومتطلباته، وخاصة فيما يرتبط بالمشهد السياسي الذي بات اليوم يمثل نقطة الضعف الرئيسية وحجر الزاوية في أي عملية تغيير، حيث يمكن ملاحظة الفارق الكبير بيننا وبين المجتمعات المتقدمة في هذا الجانب، فالجميع هناك يسعى نحو التغيير والارتقاء والحكومات تعمل على ذلك والأفراد والمؤسسات حتى بات التغيير ثقافة دائمة وركيزة أساسية من ثوابت العمل السياسي، وعلى الرغم من كوننا ننتمي إلى دين عظيم يحفز الناس ويستنهض هممهم من اجل التغيير، حيث يبارك الله عز وجل هذا الأمر، ويتوجب على الناس أن يبدؤوا أولا حيث يقول ربنا عز وجل في ذلك "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ"، إلا أن الآخر هو من تبنى هذه الثقافة بينما بقينا نحن نعاني من جمود وانكفاء لا مبرر له. وحيث إننا نعيش في أجواء شهر رمضان المبارك الذي هو عند الله أفضل الشهور وأيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات كما جاء في خطبة للرسول الأكرم (ص) فإننا بحاجة إلى وقفة مع النفس ومراجعة الحسابات وتصحيح المسارات على الصعيد السياسي والاجتماعي والأخلاقي للخروج من الحالة المأزومة إلى حالة جديدة وبعقلية مختلفة يسودها التطلع والطموح والعمل على تعزيز ثقافة الشهر الفضيل التي تتسم بالتكافل والتفكير في الاخرين وفي المجموع، إذ لا بد من الخروج من دائرة الأنانيات والاستئثار التي تسود السياسات الحكومية في بلدان الامة بلا استثناء، والتفكير الجدي في بناء مجتمعات عزيزة من خلال نظم سياسية تحفظ للناس حقوقهم وتصون كراماتهم ومن خلال سياسات تعتمد الصدق والعدل والمساواة والتوزيع العادل للثروة.
إن عملية التغيير تتطلب شجاعة ولكنها في نفس الوقت تتطلب تضحيات كبيرة حيث ينبغي أن يتخلى هذا او ذاك عن التعصب لشخصه او جماعته او حزبه وتكتله أو بنات أفكاره واعتبار ذلك من المقدسات التي لا ينبغي المساس بها. وربما تتحول بعض الأعراف والتقاليد في مجتمعاتنا إلى أمور أشبه بـ"دين" والعياذ بالله وهو ما يؤدي إلى حالات الاستبداد والطغيان سواء على الصعيد الرسمي للحكومات والأنظمة أو حتى على الصعيد الاجتماعي لا فرق، وهو ما يفسر حالة الجمود التي تعاني منها مجتمعاتنا..
|
|