مسلسل الاحداث يواكب مسيرة ظهور الامام الحجة المنتظر (عجل الله فرجه)
|
*مرتضى الموسوي
لكل حدث عظيم من احداث التاريخ بدايات وإرهاصات وعلامات تشير إليه، فالمستقبل هو حقيقة تعيش في ضمير الحاضر والاحداث التاريخية وأن بدت لنا مفاجئة في بعض الأحيان، الا انها ليست كذلك، لأن مقدماتها ومجمل موجبات حدوثها تبدأ بالولادة والتعبير عن نفسها، ثم يتجسد الحدث الكبير حقيقة يحتل موقعه في مساحة الاحداث.
وظهور المصلح المهدي، واحد من أعظم أحداث التاريخ البشري الكبرى، لذلك أخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وآله أمته وأطلعها على ما أطلعه الله سبحانه عليه من عالم الغيب من ظهور مصلح عظيم. فلقد وجه الرسول الأكرم أمته وأمرها بالإيمان به واتّباعه عند ظهوره، كمصلح يعمل بكتاب الله والسنة النبويّة المطهرة، ويقود البشرية إلى شاطئ الهدى والسلام، محطماً أصنام الجاهلية وقيمها وأفكارها، وحضارتها المدمّرة.
ومن اجل تقريب مسألة الغيبة إلى الأذهان وتتهيأ النفوس إلى تقبلها، حدّد الرسول الأكرم وفصلّ الأئمة من أهل البيت عليهم السلام علامات الظهور ولفتوا الانظار إليها.
ومما ينبغي الاشارة اليه هنا، هو أن ما ورد في كتب التأريخ والرواية من أخبار تتحدث عن المهدي المنتظر عجل الله فرجه وعلامات ظهوره قد دسّ فيها الكثير من الأكاذيب والأساطير لم ينزل الله بها من سلطان، لذلك ينبغي تنقيح هذه الروايات وغربلتها، وتحقيقها، لتظهر الحقيقة ناصعة كما أخبر عنها نبينا الأكرم وفصلّها الأئمة الهداة صلوات الله عليهم اجمعين.
ان الروايات النبويّة لتشير إلى ظهور نوعين من العلامات: علامات اجتماعيّة وعلامات طبيعية كونيّة. وان من ابرز العلامات والإمارات الإجتماعيّة، تردّي الحضارة والحياة البشريّة في مهاوي الجاهلية، و وصولها إلى المراحل التي كانت تعيشها في العصور التي سبقت ظهور الانبياء.
وعندما تنحدر البشريّة في مستنقع الجاهلية، وتطغى الأفكار والعقائد والنظم والأعراف والأخلاق والعلاقات الجاهليّة في الحياة البشريّة ويتردّى الوضع الاقتصادي والأمني، وينتشر الخوف والقلق والحروب والظلم والجور، تكون الإنسانيّة بحاجة إلى مصلح عظيم يغيّر مجرى التأريخ، ويحدث الانقلاب الشامل وفق منهج النبوّة ودعوتها التوحيديّة الرائدة.
وكما تشير الروايات أيضاً، أن من علامات ظهور المهدي المنتظر عجل الله فرجه، وصول البشريّة إلى حالة راقيّة من التقدم العلمي والصناعي، ونضج العقل البشري. وتثبت الروايات علامة أخرى، وهي ولادة القاعدة والانصار والحركة الإجتماعيّة والسياسيّة والعسكرية، التي تهيأ لظهوره عجل الله فرجه. وهكذا تتركز العلامات الإجتماعيّة في:
1-انتشار الظلم والجور
2-التسلط الجاهلي وظهور الحياة الجاهليّة بعقائدها وأخلاقيتها وحضارتها.
3-التقدم العلمي الهائل.
4-الحروب والفتن المدمّرة وغياب الأمن والسلام.
5-ظهور الكذّابين والدجالين المدعين للاصلاح.
6-الغلاء والتدهور الاقتصادي.
7-ظهور المهيئين، من حركات وقيادات ودعوات اصلاحيّة واستغاثة للتخلّص من الجاهليّة المدعومة يقوى المادة والعدوان
لنورد بعضاً من الروايات التي أثبتت لنا هذه العلامات:
* روى الصدوق في كتابه (من لايحضره الفقيه) أن الأصبغ بن نباته، روى عن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام قوله: (يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة، وهو شر الأزمنة، نسوة كاشفات عاريات، متبرجات، من الدين خارجات، داخلات في الفتن، مائلات الى الشهوات مسرعات إلى اللذات، مستحلات للمحرمات في جهنم خالدات).
* روى المجلسي في (بحارالأنوار) عن (ثواب الأعمال) للشيخ الصدوق، عن أبيه عن علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سيأتي على أمتي زمان تخبث فيه سرائرهم، وتحسن فيه علانيتهم طمعاً للدنيا، لايريدون به ما عندالله عزوجل، يكون أمرها رياء لايخالطه خوف، يعمّهم الله منه بعقاب، فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجاب لهم.
* وبالاسناد المذكور قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سيأتي زمان على أمتي لايبقى من القرآن إلاّ رسمه، ولا من الإسلام إلاّ إسمه يسمّون به، وهم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة، وهي خراب من الهدى، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود. وروى الإمام الباقر محمد بن علي عليه السلام أنه قال: (لايخرج المهدي حتى يرقى الظلمة)، و روى عن علي بن أبي طالب (ع) عن رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً، فطوبى للغرباء، فقيل ومن هم يا رسول الله قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس، انه لا وحشة ولاغربة على مؤمن، وما من مؤمن يموت في غربة إلا بكت الملائكة رحمةً له، حيث قلّت بواكيه، والاّ فسح له في قبره بنور يتلألأ من حيث دفن إلى مسقط رأسه.
* روى عن أبي ماجد في (سننه) - الجزء الثاني، في ابواب الفتن/ فتنة الدجال- : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله فكان أكثرخطبته حديثاً حدّثناه عن الدجال وحذرناه، فكان من قوله: انه لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله تعالى ذريّة آدم، أعظم من فتنة الدجال، وان الله لم يبعث نبياً الا حذر أمته الدجال، وأنا آخر الانبياء، وأنتم آخر الأمم وهو خارج فيكم لامحالة. ونقل الكليني في روضة الكافي حديث عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام يصف المستوى العلمي والصناعي الذي تصله البشريّة: (ان قائمنا إذا قام، مد الله عزوجل لشيعتنا في اسماعهم، وأبصارهم حتى لايكون بينهم وبين القائم بريد يكلمهم فيسمعون وينظرون اليه وهو في مكانه). و روى عن الإمام الصادق(ع): (ان المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق ليرى أخاه بالمغرب، وكذا الذي في المغرب يرى آخاه الذي بالمشرق).
ونستطيع القول أن هاتين الروايتين تشيران إلى تطور وسائل الاتصال التي بلغها العلم الحديث، وما يسمى بثورة المعلومات، وهاتان العلامتان الماديتان اللتان عرفناهما بعد تقدم العلوم لم تكونا معروفتين من قبل، ولذا يمكن وصف هاتين الروايتين، بعض الدلائل الملموسة لمن يريد الايمان العميق بمسألة الظهور.
هذه الاحاديث وغيرها تؤكد للجميع أن التطورات المتلاحقة في العالم لاسيما على الصعد السياسية والاجتماعية لن تكون بعيدة عن مسألة الظهور والمنقذ، وسيأتي اليوم الذي يتحقق أمل البشرية في السعادة والامان والعدل وتحكيم القيم والمبادئ السامية على يد آخر حلقة في سلسلة الولاية الإلهية، مما يجدر بنا ان نتسلح بالوعي والثقافة في زحمة هذه التطورات حتى نكون ممن يواكب التغيير العظيم والكبير على يد الإمام الحجة المنتظر عجل الله فرجه.
|
|